عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-04-2024, 07:48 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 6,003
إفتراضي

كبر الفتى حتى ضاقت عليه فقاعته جسديا ونفسيا
تمت العملية وفق مخاوف الأطباء من فشلها، لكنها بدت ناجحة في بدايتها، ومع مرور بضعة أشهر نشأ أملٌ لدى الجميع عن احتمالية تحرِّر الفتى المسكين من هذه الفقاعة البغيضة، لكن وللأسف مرض ديفيد ولأول مرّةٍ في حياته، كانت تأتيه نوبات حمّى وإقياء ونزيف معوي شديد، الأمر الذي أجبر الأطباء على إخراجه من شرنقته لعلاجه، سألته والدته فيما إذا كان يرغب بالخروج منها فأجاب افعلوا أي شيء يجعلني أرتاح.
هناك وفي أيامه الأخيرة تمكّن والديه ولأول مرة من لمسه بشكلٍ مباشر دون حواجز ودون إجراءات معقّدة .. طبعت والدته على خدّه القبلة الأولى والأخيرة ثم فاضت روحه ناشدةً الحرية التي لطالما تمناها، عن عمرٍ صغيرٍ لم يتجاوز الاثني عشر عاماً وبعد 15 يوماً فقط على إخراجه من تلك الفقاعة، في الثاني والعشرين من شباط/ فبرايرأدّى تشريح الجثّة إلى اكتشاف وجود فيروس " ابشتاين - بار " في نقي عظام كاثرين المتبرّعة والذي لم يكن قابل للاكتشاف قبل عمليّة الزرع، الأمر الذي أدّى لإصابة ديفيد بسرطان الغدد اللمفاوية وموته.
جديرٌ بالذكر أن والدي ديفيد تطلّقا فيما بعد، ليصبح والده بعدها عمدة شيناندوا في ولاية تكساس، أما والدته فقد تزوجت من صحفي كان قد كتب موضوعاً عن ابنها، وإكراماً لديفيد تم إطلاق اسمه على أحد المدارس الابتدائيّة افتتحت في عام 1990."
بعد أن حكى نوار الحكاية ناقش ما سماه الجانب الأخلاقى في الحكاية فقال :
"الجانب الأخلاقي من هذه القصة
هل من حقك ان تنجب طفلا حينما تعلم بأنه سيكون مريض؟
أُثير في الرأي العام جدلاً عن عبثيّة إنجاب طفلٍ احتمال إصابته بالمرض هو50 % وهي نسبة عالية جداً، كما أنَّ الأطبّاء في مشفى تكساس وجّهوا اللوم لثلاثة أطباء - وهم الأطباء الرئيسيين الذين تابعوا حالته - حيث قالوا بأنهم استغلوا لهفة والدَي ديفيد على إنجاب طفلٍ يحمل اسمهما وشجَّعوهما على تنفيذ هذه الخطوة بغرض إجراء تجارب في مجال الجهاز المناعي على الطفل المولود، ضاربين بعرض الحائط صعوبة عيش طفل ضمن فقاعة عازلة لعدّة سنين ..
كان الأمر لا إنساني بالمرة، فهم لم يفكّروا ماذا سيفعلون لولم يجدوا علاجاً فوريّاً للوضع! لكن أولئك الأطباء نفوا تلك التّهمة عنهم وقال الطبيب مونتغمري وهو أحدهم:
لو لم يكن هناك أناس مستعدّين للمجازفة ما كنّا وصلنا إلى هنا، وما كان حصل أيُّ اكتشافٍ يفيد البشريّة ويجعلها تتطوّر في أيِّ مجالٍ من مجالات الحياة."
الأسئلة الواجب طرحها في القضية هى :
أولا هل من حق الوالدين انجاب أطفال حتى ولو علموا أنهم سيكونون مرضى ؟
قطعا الطب أو غيره لا يمكن له أن يعلم الغيب ممثل في ولادة طفل مريض حتى ولو كان هناك مؤشرات تدل على ذلك كما يزعمون
وكلام الأطباء هو رجم بالغيب بدليل أن النسبة لم تكن مائة في المائة وإنما خمسين في المائة ولا احد يعلم الغيب كما قال تعالى :
" وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو "
ومن ثم انجاب الأطفال هو أمل للوالدين يجب العمل عليه لتحقيقه وأما مجىء الطفل مريض أو غير مريض فهذا ابتلاء من الله عليهما القبول به كما قال تعالى :
" ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
ثانيا هل حبس الطفل مباح من أجل الحفاظ على حياته كما يقال ؟
بالطبع الأمر لا يعدو أن يكون خوف زائد والطفل في حكايتنا لو خرج من الفقاعة وعاش فلم يكن يكوت إلا في نفس العمر الذى مات فيه كما قال تعالى :
" لكل أجل كتاب"

ومن ثم لا يغنى حذر من قدر فالعمر الذى سيعيشه الإنسان هو نفسه لن يغيره حبس أو غير حبس
وتحدث الكاتب عن أطروحة الطبيبة النفسية للطفل فقال :
"أطروحة الطبيبة ماري مورفي
ارادت نشر كتاب يناقش الجانب الاخلاقي لقضية ديفيد كانت الطبيبة النفسيّة المشرفة على علاج ديفيد وتدعى ماري مورفي وضعت كتاباً عن تجربة ديفيد المليئة بالألم والمعاناة بعيداً عما صوّرته وسائل الإعلام من إظهار ديفيد سعيداً ومرتاحاً، وقد صرَّحت فيما بعد أن ديفيد طلب منها كتابة تقريرٍ واقعي عنه. كان كتابها بعنوان " هل كان يستحق كل هذا العناء؟ " ناقشت فيه الجانب الأخلاقي والإنساني من هذه التَّجربة، ومدى تسرّع البشر في سبيل اكتشافاتٍ علميّة جديدة، كان في نيّتها نشره في العام 1995 لكن في اللحظات الأخيرة قبيل نشره والدي ديفيد منعاها من ذلك وهدّداها برفع دعوى ضدّها بعد أن سحبا الإذن الخطي الذي كانا قد أعطياه لها للكتابة عن ابنهما، كما اشتكى بعض الأطباء من أنَّ هذا الكتاب يحوي محادثاتٍ تمت بين الفريق الطبي المشرف على العلاج وبين المريض وأهله، مما يخرق قوانين مشفى تكساس التي تنص على خصوصيّة المرضى.
باختصار سبّب كتاب مورفي بلبلة وجدلاً واسعاً بأنَّ الكلام الذي ذكرته والأسئلة التي طرحتها لا يمكن تأكيدها خصوصاً بعد امتناع الشهود ومن له علاقة بالقصّة عن إجراء أي مقابلة، وبذلك لم يرَ كتابها - أوأطروحتها - النور."
ورغم مأساة الطفل والوالدين ومعها أخت الطفل فإن الأطباء الذين شجعوا على ولادته قالوا ان ولادته أتت بفوائد علمية وهو قول نوار :
"نتائج حالة الطفل الفقاعة
وداعا ديفيد .. تخلص من فقاعته اخيرا .. هنا يرقد الى جوار شقيقه الذي مات قبله رضيعا
في الحقيقة تجربة ديفيد أدَّت إلى نتائج في المجال الطبي، فقد عرف الأطباء من خلالها أن فيروس "ابشتاين - بار" من الممكن أن يسبّب السرطان، ودرسوا مدى خطورته عند زرع أعضاء تحمله في جسد إنسان سليم.
كما غيّرت حالة ديفيد من الطريقة التي يتناول فيها الأطباء الحالات الوراثية، وتزامنت تجربة الطفل الفقاعة مع ولادة الطب الجزيئي الذي يهدف إلى معالجة الخطأ الجيني بدلاً من محاربة نتائجه .. يعني انتهت تجربة الطفل ديفيد بسلسلة من النتائج وساعدت على تقدم الطب نوعاً ما."
وفى النهاية طرح نوار نفس الأسئلة فقال :
"ختاماً
قصة الفتى ديفيد فيتر تطرح سؤالاً هامّاً مفاده؛ إلى أيِّ حدِّ مسموحٍ للطب بالمخاطرة والمجازفة والتلاعب بأقدار البشر؟
هل الغاية هنا تبرِّر الوسيلة؟
هل إحراز تقدّم في مجال طبّي معين يشفع للسماح بولادة طفل محكومٌ عليه بالموت أو العيش بطريقة شاذَّة محاط بفقاعة غريبة منذ ولادته؟ أين الجانب الأخلاقي في هذه المسألة وما هو دوره؟
بصراحة هذه الأسئلة دارت بذهني بعد كتابتي للمقال ولم ألقَ لها إجابةً شافية، فلا يستطيع أحدٌ الإنكار بأنه لولا المغامرة ما كانت وجِدت العديد من الاكتشافات التي ننعم بنتائجها الآن .. ستظل قصة الفتى ديفيد بالنسبة لي قصة حزينة، أتألّم كلما رأيت صوره يواجه العالم من خلال فقاعة، كانت حياته قصيرة جداً لكنها مليئة بالمعاناة، وربما معها حق الطبيبة عندما عنونت كتابها بـ هل كان يستحق كل هذا العناء؟
ما رأيكم أنتم؟؟"
قطعا ليس من حق الطبيب منع احد من الانجاب لأنه لا يعلم الغيب ولا يمكن أن يكون الانجاب او عدم الانجاب مرتبط بشىء غير يقينى
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس