ولاريب أنّ هذا الداء يسكـن في اللاّوعي أيضـا ، ولهذا فربمّـا _ مثل كثير من الأمراض _ لايشعر الإنسان بأنـّه يحمله ، إلاّ عندما يرى حالة لاتحملها ،
فيكتشف الفرق حينئذ ! وقد تصيبه حالة من الصدمـة : كيف كان يعيش بهذا الداء طيلة ما مضى من عمـره !
ولهذا فلازال كثير من أتباع الحركة الإسلامية ، يسيرون سير القطيـع وراء الشيخ أجير السلطة ، أو مع من يتحالف مع السلطة من قسم المرتبكين ،
فإن حرَّم عليهم المظاهرات حرّموها ، وإن نهـى عمّا يغضب السلطة انتهـوا ، وإن امتدح السلطة انقادوا ، وعلى هذا النهج قد اعتـادوا !
تسير خلفَ الشيخ سيْر الإمّعهْ ** إنْ مال مالوا ، وإنْ يسقط معهْ
أو كما يقول إخواننا المصريون ( مثل المعزة الدايخـهْ )!
غير أنّ هذا القسم قـد بدأ يتقلّص _ بحمد الله _ مع انتشار (فقه الثورة) ، إذ أصبح التعليم المجاني ، لهذا الفقه ، يُؤخذ عن طريق الفضائيات ، ووسائل التواصل الاجتماعي ، بصورة مكثفـة ، ويهجـم على العقول هجوما ، يصبِّحها بصبـوحه ، ويمسي عليها بغبـوقه .
ومع مرور الزمن وبسرعة مذهلة ، تلتحق أعداد كبيرة من قسم المرتبكين ، بالإصلاحيين ، وتنتقل أعداد كبيرة من القسم الأخير بهم أيضا ، أما المستأجرون ، فلا أعلم مثالا ، كأنّ الله طمس على قلوبهم ، وطبع عليها ، ( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهـون ) !
وبعد ،،، فإذا حقّ لنـا أن نستعير من قوانين الفيزياء الفلكية ، فإنّ أهل هذا العلم العزيز يقولون : إنّ الغالبية العظمى من الطاقة في الكون منتشـرة في الفضاء الفارغ ، ويتعجبَّون : لا أدنى فكرة لدينا لماذا هي هناك ؟!
وحقا كذلك ، إنّ الله تعالى _ كما في النصوص _ ينزل النصر ، والفرج ، واليسر ، مع الصبـر ، والشدة ، والعسر ، فيكون ذلك كله فيما بين البشـر لايرونـه ، ثم يتحقق فيهم إذا صبروا ، وتوكلوا ، وثبتـوا .
وكذلك حقـَّا إنّ الغالبية العظمى من طاقة شعوبنا لم تزل منتشرة في الفضاء الفارغ فيما بينها !
لم تعـدم ، ولم تضعف حتـّى ، لكنها لم تدخل في نفوس الشعوب ، ولم تـلج إلى أرواحهـا .
أليسـت ثورات الربيع العربي أوضح دليل على هذا !
فإذا أردنا أن نسلكها إلى قلوبهم ، ونشعل بها أرواحهم ، فلنحرّك هذه الطاقة ، بكلمة الحقّ ، وبأيّ منشط عبر وسائل التواصل ، نشجع به على الإصلاح ، ونستحثّ به الأمّة إلى النهوض .
حتى إذا امتلأت الشعوب بطاقة التغيير ، وأُشربت قلوبها حبَّهُ ، انفجـر كلُّ شعب محدثـا ربيعه ، وجعل كلّ طاغيـة صريعـه .
فهيا يا رجال الإصلاح ، وياشبابه ، ويا نساء التغيير ، وشاباتـه ، واصلوا الجهـود ، واستحثوا الخطـى ، لإخراج أمتنا من الذلّ الذي سلطه هؤلاء الطغاة عليها ، ومن التخلف الذي أوصلوه إليها .
حتى ينبلـج فجـر جديد ، يعز الله فيه أمة الإسلام ، ويعيد إليها أمجادها ، ويحيي فيها ما اندرس من منارات حضارتها .
والله الموفق وهو حسبنا عليه توكّلنا وعليه فليتوكـّل المتوكّـلون