عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 19-03-2024, 07:46 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,992
إفتراضي

أن عطاء السليمي رئي بعد موته فقيل له : ما فعل الله بك ؟ فقال : قال لي : يا عطاء أما استحيت مني أن تخافني كل هذا أما بلغك أني غفور رحيم وكذلك ما يذكر عن أمثال هؤلاء من الأحوال من الزهد والورع والعبادة وأمثال ذلك قد ينقل فيها من الزيادة على حال الصحابة رضي الله عنهم وعلى ما سنه الرسول أمور توجب أن يصير الناس طرفين قوم يذمون هؤلاء وينتقصونهم وربما أسرفوا في ذلك وقوم يغلون فيهم ويجعلون هذا الطريق من أكمل الطرق وأعلاها والتحقيق أنهم في هذه العبادات والأحوال مجتهدون كما كان جيرانهم من أهل الكوفة مجتهدين في مسائل القضاء والإمارة ونحو ذلك وخرج فيهم الرأي الذي فيه من مخالفة السنة ما أنكره جمهور الناس وخيار الناس من " أهل الفقه والرأي " في أولئك الكوفيين على طرفين قوم يذمونهم ويسرفون في ذمهم وقوم يغلون في تعظيمهم ويجعلونهم أعلم بالفقه من غيرهم وربما فضلوهم على الصحابة كما أن الغلاة في أولئك العباد قد يفضلونهم على الصحابة وهذا باب يفترق فيه الناس "
ومما سبق يتبين أن الرجل يلتمس العذر لبعض السامعين ممن ليست لديهم سيطرة على أنفسهم بالسكر والاغماء وما شابه وهم ليس لديهم أى عذر في تلك ألأفعال طالما كانوا لديهم إرادة كما قال تعالى :
ط فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "

وتحدث عن الصواب وهو اتباع ما كان يصنع محمد(ص) وصحابته فقال :
"والصواب : للمسلم أن يعلم أن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وخير القرون القرن الذي بعث فيهم وأن أفضل الطرق والسبل إلى الله ما كان عليه هو وأصحابه ويعلم من ذلك أن على المؤمنين أن يتقوا الله بحسب اجتهادهم ووسعهم كما قال الله تعالى : { فاتقوا الله ما استطعتم } وقال صلى الله عليه وسلم { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } وقال : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } وإن كثيرا من المؤمنين - المتقين أولياء الله - قد لا يحصل لهم من كمال العلم والإيمان ما حصل للصحابة فيتقي الله ما استطاع ويطيعه بحسب اجتهاده فلا بد أن يصدر منه خطأ إما في علومه وأقواله وإما في أعماله وأحواله ويثابون على طاعتهم ويغفر لهم خطاياهم ؛ فإن الله تعالى قال : { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير } - إلى قوله - { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } قال الله تعالى : قد فعلت "
وبالطبع ما طلبه الله من السامعين هو الطاعة وهى الاستسلام لكلام الله باتباعه كما قال :
" الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه "
وأما البكاء خوفا والقشعريرة والذهول فكفر بكلام الله لأن من يفعل ذلك لا يطيع كلام الله وهو ما نهى الله عنه فقال :
"ولا تكونوا من الذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون"

فما هى الفائدة من سماع الكلام وعد تنفيذ ه بحجة اذرف الدموع او الذهول ؟
وخطأ ابن تيمية من جعل طريقه غر طريق الصحابة والتابعين فقال :
"فمن جعل طريق أحد من العلماء والفقهاء أو طريق أحد من العباد والنساك أفضل من طريق الصحابة فهو مخطئ ضال مبتدع ومن جعل كل مجتهد في طاعة أخطأ في بعض الأمور مذموما معيبا ممقوتا فهو مخطئ ضال مبتدع ثم الناس في الحب والبغض والموالاة والمعاداة هم أيضا مجتهدون يصيبون تارة ويخطئون تارة وكثير من الناس إذا علم من الرجل ما يحبه أحب الرجل مطلقا وأعرض عن سيئاته وإذا علم منه ما يبغضه أبغضه مطلقا وأعرض عن حسناته محاط ( ؟ وحال من يقول بالتحافظ ( ؟ وهذا من أقوال أهل البدع والخوارج والمعتزلة والمرجئة وأهل السنة والجماعة يقولون ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع وهو أن المؤمن يستحق وعد الله وفضله الثواب على حسناته ويستحق العقاب على سيئاته وإن الشخص الواحد يجتمع فيه ما يثاب عليه وما يعاقب عليه وما يحمد عليه وما يذم عليه وما يحب منه وما يبغض منه فهذا هذا"
قطعا المطلوب هو اتباع الوحى المنزل من الله وليس اتباع الصحابة لأنهم يخطئون ويصيبون كما قال تعالى :
" اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم "
وتحدث عن أن التصوف ولد في البصرة وتحدث عن تعريفه كما قالوا فقال :
"وإذا عرف أن منشأ " التصوف " كان من البصرة وأنه كان فيها من يسلك طريق العبادة والزهد مما له فيه اجتهاد كما كان في الكوفة من يسلك من طريق الفقه والعلم ما له فيه اجتهاد وهؤلاء نسبوا إلى اللبسة الظاهرة وهي لباس الصوف فقيل في أحدهم : " صوفي " وليس طريقهم مقيدا بلباس الصوف ولا هم أوجبوا ذلك ولا علقوا الأمر به لكن أضيفوا إليه لكونه ظاهر الحال ثم " التصوف " عندهم له حقائق وأحوال معروفة قد تكلموا في حدوده وسيرته وأخلاقه كقول بعضهم : " الصوفي " من صفا من الكدر وامتلأ من الفكر واستوى عنده الذهب والحجر التصوف كتمان المعاني وترك الدعاوى وأشباه ذلك : وهم يسيرون بالصوفي إلى معنى الصديق وأفضل الخلق بعد الأنبياء الصديقون كما قال الله تعالى : { فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا } ولهذا ليس عندهم بعد الأنبياء أفضل من الصوفي ؛ لكن هو في الحقيقة نوع من الصديقين فهو الصديق الذي اختص بالزهد والعبادة على الوجه الذي اجتهدوا فيه فكان الصديق من أهل هذه الطريق كما يقال : صديقو العلماء وصديقو الأمراء فهو أخص من الصديق المطلق ودون الصديق الكامل الصديقية من الصحابة والتابعين وتابعيهم فإذا قيل عن أولئك الزهاد والعباد من البصريين : إنهم صديقون فهو كما يقال عن أئمة الفقهاء من أهل الكوفة إنهم صديقون أيضا كل بحسب الطريق الذي سلكه من طاعة الله ورسوله بحسب اجتهاده وقد يكونون من أجل الصديقين بحسب زمانهم فهم من أكمل صديقي زمانهم والصديق في العصر الأول أكمل منهم والصديقون درجات وأنواع ؛ ولهذا يوجد لكل منهم صنف من الأحوال والعبادات حققه وأحكمه وغلب عليه وإن كان غيره في غير ذلك الصنف أكمل منه وأفضل منه ولأجل ما وقع في كثير منهم من الاجتهاد والتنازع فيه تنازع الناس في طريقهم ؛ فطائفة ذمت " الصوفية والتصوف " وقالوا : إنهم مبتدعون خارجون عن السنة ونقل عن طائفة من الأئمة في ذلك من الكلام ما هو معروف وتبعهم على ذلك طوائف من أهل الفقه والكلام وطائفة غلت فيهم وادعوا أنهم أفضل الخلق وأكملهم بعد الأنبياء وكلا طرفي هذه الأمور ذميم و " الصواب " أنهم مجتهدون في طاعة الله كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين

رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس