عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-05-2019, 10:58 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,946
إفتراضي

"ولابد إذن أن تبدأ الحركات الإسلامية من القاعدة وهى إحياء مدلول العقيدة الإسلامية فى القلوب والعقول وتربية من يقبل هذه الدعوة وهذه المفهومات الصحيحة تربية إسلامية صحيحة وعدم إضاعة الوقت فى الأحداث السياسية الجارية وعدم فرض النظام الإسلامى عن طريق الإستيلاء على الحكم قبل أن تكون القاعدة المسلمة فى المجتمعات هى التى تطلب النظام الإسلامى لأنها عرفت حقيقته وتريد أن تحكم به"ص18 وأيضا:
"وفى الوقت نفسه ومع المضى فى برنامج تربوى كهذا لابد من حماية الحركة من الاعتداء عليها من الخارج وتدميرها ووقف نشاطها وتعذيب أفرادها وتشريد بيوتهم وأطفالهم تحت تأثير مخططات ودسائس معادية .. وهذه الحماية تتم عن طريق وجود مجموعات مدربة تدريبا فدائيا بعد إتمام تربيتها الإسلامية من قاعدة العقيدة ثم الخلق هذه المجموعات لا تبدأ هى اعتداء ولا محاولة لقلب نظام الحكم ولا مشاركة فى الأحداث السياسية المحلية وطالما الحركة آمنة ومستقرة فى طريق التعليم والتفهيم والتربية والتقويم وطالما الدعوة ممكنة بغير مصادرة لها بالقوة وبغير تدمير لها بالقوة وبغير تعذيب وتشريد وتقتيل فإن هذه المجموعات لا تتدخل فى الأحداث الجارية ولكنها تتدخل عند الاعتداء على الحركة والدعوة والجماعة ترد الاعتداء وضرب القوة المعتدية بالقدر الذى يسمح للحركة أن تستمر فى طريقها" ص19
الوثيقة كتبها قطب بطلب من المحققين كما فى الفقرة التالية:
"ولابد أن أقول للسادة المشرفين على القضية إننى لا أستطيع أن أكتب إلا بطريقتى الخاصة طريقة الكاتب الذى زاول الكتابة أربعين سنة بأسلوب معين وطريقة معينة "ص5
ومن هذا الكتاب يتبين أن ما يذيعه كتبة السلطة وغيرهم من التيارات الأخرى عن كون الرجل داعيا للإرهاب وداعيا للانقلابات المسلحة هو كلام بلا دليل الغرض منه تشويه الرجل
والغريب أن يتناسى القوم أن سيد قطب كان يساريا فى بداياته وأنه كان رجلا يمارس الأدب والنقد الأدبى ومن يمارس الأدب بمعناه الشائع يكون لديه أحاسيس مرهفة ومشاعر بحيث لا يتحول لقاتل ذابح أو داعية للقتل اللهم إلا نادرا - كجزار الصرب رادوفان كاراديتش الشاعر الطبيب الذى قتل الآلاف فى البوسنة والهرسك - والذبح خاصة أن أمراضه الجسدية كانت كثيرة فى فترة انضمامه للإخوان
الرجل فى هذه الوثيقة لا يدعو إلى الجهاد ولا يطلب استخدام الجهاد إلا فى حالة الاعتداء فقط وهو أمر موافق للشرع والرجل فى كتبه كفى ظلال القرآن يدعو لشىء واحد وهو تحكيم حكم الله وحده فى شتى مجالات الحياة كما فى الأقوال التالية:
"هذه الوحدانية الحاسمة الناصعة هي القاعدة التي يقوم عليها التصور الإسلامي؛ والتي ينبثق منها منهج الإسلام للحياة كلها . فعن هذا التصور ينشأ الاتجاه إلى الله وحده بالعبودية والعبادة . فلا يكون إنسان عبداً إلا لله ، ولا يتجه بالعبادة إلا لله ، ولا يلتزم بطاعة إلا طاعة الله ، وما يأمره الله به من الطاعات . وعن هذا التصور تنشأ قاعدة : الحاكمية لله وحده . فيكون الله وحده هو المشرع للعباد؛ ويجيء تشريع البشر مستمداً من شريعة الله . إن هذا الملك الذي حاج إبراهيم في ربه لم يكن منكراً لوجود الله أصلاً إنما كان منكراً لوحدانيته في الألوهية والربوبية ولتصريفه للكون وتدبيره لما يجري فيه وحده ، كما كان بعض المنحرفين في الجاهلية يعترفون بوجود الله ولكنهم يجعلون له أنداداً ينسبون إليها فاعلية وعملاً في حياتهم! وكذلك كان منكراً أن الحاكمية لله وحده ، فلا حكم إلا حكمه في شؤون الأرض وشريعة المجتمع . إن هذا الدين له حقيقة مميزة لا يوجد إلا بوجودها . . حقيقة الطاعة لشريعة الله ، والاتباع لرسول الله ، والتحاكم إلى كتاب الله . . وهي الحقيقة المنبثقة من عقيدة التوحيد كما جاء بها الإسلام . توحيد الألوهية التي لها وحدها الحق في أن تعبد الناس لها ، وتطوّعهم لأمرها ، وتنفذ فيهم شرعها ، وتضع لهم القيم والموازين التي يتحاكمون إليها ويرتضون حكمها . ومن ثم توحيد القوامة التي تجعل الحاكمية لله وحده في حياة البشر وارتباطاتها جميعاً ، كما أن الحاكمية لله وحده في تدبير أمر الكون كله . وما الإنسان إلا قطاع من هذا الكون الكبير . في الوقت الذي يبين فيه قاعدة النظام الأساسي في الجماعة المسلمة؛ وقاعدة الحكم ، ومصدر السلطان . . وكلها تبدأ وتنتهي عند التلقي من الله وحده؛ والرجوع إليه فيما لم ينص عليه نصاً ، من جزيئات الحياة التي تعرض في حياة الناس على مدى الأجيال؛ مما تختلف فيه العقول والآراء والأفهام . . ليكون هنالك الميزان الثابت ، الذي ترجع إليه العقول والآراء والأفهام!"
"إن « الحاكمية » لله وحده في حياة البشر - ما جل منها وما دق ، وما كبر منها وما صغر - والله قد سن شريعة أودعها قرآنه . وأرسل بها رسولاً يبينها للناس . ولا ينطق عن الهوى . فسنته - صلى الله عليه وسلم - من ثم شريعة من شريعة الله . والأمر في هذا يرجع إلى ما سبق لنا تقريره؛ من أن رفض شيء من هذا المنهج ، الذي رضيه الله للمؤمنين ، واستبدال غيره به من صنع البشر؛ معناه الصريح هو رفض ألوهية الله - سبحانه - وإعطاء خصائص الألوهية لبعض البشر؛ واعتداء على سلطان الله في الأرض ، وادعاء للألوهية بادعاء خصيصتها الكبرى . . الحاكمية . . وهذا معناه الصريح الخروج على هذا الدين؛ والخروج من هذا الدين بالتبعية . . ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } . ."
"ولقد علم الله - سبحانه - أن الحكم بما أنزل الله ستواجهه - في كل زمان وفي كل أمة - معارضة من بعض الناس؛ ولن تتقبله نفوس هذا البعض بالرضى والقبول والاستسلام . . ستواجهه معارضة الكبراء والطغاة وأصحاب السلطان الموروث . ذلك أنه سينزع عنهم رداء الألوهية الذي يدعونه؛ ويرد الألوهية لله خالصة ، حين ينزع عنهم حق الحاكمية والتشريع والحكم بما يشرعونه هم للناس مما لم يأذن به الله . . وستواجهه معارضة أصحاب المصالح المادية القائمة على الاستغلال والظلم والسحت . ذلك أن شريعة الله العادلة لن تبقي على مصالحهم الظالمة . . وستواجهه معارضة ذوي الشهوات والأهواء والمتاع الفاجر والانحلال . ذلك أن دين الله سيأخذهم بالتطهر منها وسيأخذهم بالعقوبة عليها . . وستواجهه معارضة جهات شتى غير هذه وتيك وتلك؛ ممن لا يرضون أن يسود الخير والعدل والصلاح في الأرض . { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } . ."
"بهذا الحسم الصارم الجازم . وبهذا التعميم الذي تحمله « من » الشرطية وجملة الجواب . بحيث يخرج من حدود الملابسة والزمان والمكان ، وينطلق حكماً عاماً ، على كل من لم يحكم بما أنزل الله ، في أي جيل ، ومن أي قبيل . ."
"والعلة هي التي أسلفنا . . هي أن الذي لا يحكم بما أنزل الله ، إنما يرفض ألوهية الله . فالألوهية من خصائصها ومن مقتضاها الحاكمية التشريعية . ومن يحكم بغير ما أنزل الله ، يرفض ألوهية الله وخصائصها في جانب ، ويدعي لنفسه هو حق الألوهية وخصائصها في جانب آخر . . وماذا يكون الكفر إن لم يكن هو هذا وذاك؟ وما قيمة دعوى الإيمان أو الإسلام باللسان ، والعمل - وهو أقوى تعبيراً من الكلام - ينطق بالكفر أفصح من اللسان؟! وبهذا اعتبروا مشركين ، وسميت حياتهم بالجاهلية! فكيف بمن يخرجون الحاكمية في أمرهم كله من اختصاص الله سبحانه؛ ويزاولونها هم بأنفسهم؟! بماذا يوصفون وبماذا توصف حياتهم؟ لا بد من إعطائهم صفة أخرى غير الشرك . . فهو الكفر والظلم والفسق كما يقرر الله سبحانه . . أياً كانت دعواهم في الإسلام وأياً كانت الصفة التي تعطيها لهم شهادات الميلاد! فالأفراد ، كالتشكيلات ، كالشعوب ، ليست آلهة ، فليس لها إذن حق الحاكمية . . إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية ، وارتدت عن لا إله إلا الله . فأعطت لهؤلاء العباد خصائص الألوهية . ولم تعد توحد الله ، وتخلص له الولاء . ."
"البشرية بجملتها ، بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات : « لا إله إلا الله » بلا مدلول ولا واقع . . وهؤلاء أثقل إثماً وأشد عذاباً يوم القيامة ، لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد - من بعدما تبين لهم الهدى - ومن بعد أن كانوا في دين الله!"
"فما أحوج العصبة المسلمة اليوم أن تقف طويلاً أمام هذه الآيات البينات! وهي تأخذ أهميتها من ناحية تقرير المبدأ الإسلامي الأول : مبدأ حق الحاكمية المطلقة لله وحده؛ وتجريد البشر من ادعاء هذا الحق أو مزاولته في أية صورة من الصور . . وحين تكون القضية هي قضية هذا المبدأ فإن الصغيرة تكون كالكبيرة في تحقيق هذا المبدأ أو نقضه . . ولا يهم أن يكون الأمر أمر ذبيحة يؤكل منها أو لا يؤكل؛ أو أن يكون أمر دولة تقام أو نظام مجتمع يوضع . فهذه كتلك من ناحية المبدأ . وهذه كتلك تعني الاعتراف بألوهية الله وحده؛ أو تعني رفض هذه الألوهية ."
هذا الكلام المنقول عن الحاكمية هل يختلف عليه اثنان من المسلمين؟
كل من يحب الإسلام يريد أن يحكمه فى حياة المسلمين
رضا البطاوى متصل الآن   الرد مع إقتباس