بسم الله الرحمن الرحيم
وعدت إليك أخي العزيز مرة أخرى واعذرني للتأخر.
أي وداع يليق بحلم جميل كالحلم بك أنت ؟؟؟؟
أي وداع يليق بأمنية غالية كأمنية لقاءك أنت ؟؟
أي وداع يليق بحزن عظيم كحزن فقدانك أنت ؟؟؟
كان وجود الضمير المنفصل أنت للتوكيد ثلاث مرات معبرًا عن محورية المحبوب
الذي تخاطبه (على لسان المرأة )
والتأثير الذي تركته في نفسه ، حتى لا يصبر على ختام ا لسطر إلا بهذا المحبوب
هل أفتح عينيّ بالتدريج وأستقبل نور واقع لا يحتويك؟؟؟
جمال هذا التعبير رغم بساطته يكمن في استغراب النور بغير احتوائه هذا المحبوب
ليكون المحبوب هو مقترنًا بهذا النور كأنه وليده ، وهذا يزيد قيمة الحب والأوصاف
الإنسانية لدى من تتحدث على لسانها . وهنا نجد الأفكار المترتبة على بعضها البعض عنصرًا
جيدا في نجاح العمل ،فالسبب الأول هو وجود عبارة نور واقع ،إذ فيه مخالفة لما يُعتاد مجيئه
من الواقع الذي يتسم غالبًا بالحزن والأسى، ثم مجئ عبارة لا يحتويك جاءت تعطي الانطباع بأن
هذا الواقع لا ينفصل عنها مطلقًا مما استدعى استغرابه من عدم احتوائه إياها.
هل أصرخ فى قلبى صرخة قوية توقظه من حلمه الجميل بك؟؟
ميّز هذا الجزء تشبيه القلب بالإنسان من خلال الصرخة واتخاذ الأشياء صفات الإنسان ، فهو يصرخ ويوقظ من حلم جميل وهذا يعطي الأشياء حيوية ويزيد من قيمة الأحاسيس المنبعثة منها
هل أردد بينى وبين نفسي : هذا الرجل ما عاد يعنيننى وما عاد يهمنى أمره ؟؟
هذه كانت زائدة بعد هذا القدر من الرؤى والبراعة في استخدام المجاز وبعض أدواته جاء العمل هنا وتقريريته لا تضفي عليه زيادة في قيمة العمل.
هل أتخيل أن حبك طائر صغير وأعلمه الطيران من فضاء قلبى ؟؟
هذه الجزئية كانت على قدر كبير من الإتقان ونقل الأحاسيس بشكل متقن فتعبير فضاء قلبي وتشبيه القلب به وتحويل الدلالة الحرفية إلى دلالة مجازية كان سائدًا على الفكرة ، والمنطق الذي يبعث رؤية إنسانية يعبر عن هذا الاعتماد على الآخر ، حتى إن المحبوبة –التي تتكلم على لسانها- ترى أن من تحبه ليست لديه مساحة للحب في قلبه حتى صار (يتدرب عليها) في قلب غيره.كان هذا التوصيف المركب للقلب عنصرًا جيدًا في نقل الرؤية.
هل أحول حبك إلى شمعة دافئة وأتابع تضاريس ذوبانها وانتهائها فى داخلي ؟؟
كذلك أتت بنفس القيمة وكانت عبارة تضاريس ذوبانها عبارة جديدة مبتكرة ،فهذا الحزن ممتد بدرجة كبيرة بدليل أن له تضاريس ،وكذلك تعبير شمعة دافئة جاء ليفرق بين الأحاسيس الصادقة والأخرى الانتقامية وفرّق بين كل من الشجن والحزن . فالشمعة لم تتحول لأداة إحراق ولهيب ،بل لدفء يعبر عن الحب والحنان. وعلى امتداد هذا العمل فكان مما يثقل أذن السامع هذه الأسئلة المتوالية رغم أنها لها قيمة وفائدة فاعلة في النص ، إلا أنها بتكرارها الزائد جعلت القارئ ينتظر نهايتها بغض النظر عما تطرحه من رؤى أو صور فنية رائعة النسج.
هل أعامل حبك معاملة الأسرى فأطلق سراحه من سجن أحلامى وأمنحه الحرية بعيدا عني؟؟؟
نفس الشيء يقال عن السؤال الاستنكاري الذي يعبر عن مدى حزن الحبيبة واتخاذها أمثلة غير منتهية ومتنوعة للتعبيرعن حزنها وعتابها للمحبوب .وكان هذا الجزء مركبًا من حيث دلالته والخيال فيه، فمن حيث الدلالة كانت معاملة الأسرى ذات دلالة عكسية ، لأنها كانت إطلاق السراح ، فكأن المحبوبة لا تقدر على إرغام أي محبوب على حبها بالقوة ،فأسرها الآخرين هو عملية تدل على إنسانيتها كأنْ تكون تأسرهم بأخلاقها ورقةمشاعرها ،أما الخيال فكلمة سجن أحلامي أتت مبتكرة ،فالأحلام لم تكن سجنًا يومًا ما ، ولكنها من شدة ما استغرقت المحبين صارت كأنها سجن ، لذا أتت عبارة أمنحه الحرية بعيدًا عني رائعة لتدل على أن كل حرية لا يكون فيها المحبوبان مع بعضهما البعض هي قيد إضافي .إلى ذلك ،فالقدرة على استخدام هذه الألفاظ تدل على وجود أفكار جيدة للتعبير عن المشاعر لكن كان من الممكن استخدامها بشكل أفضل من خلال السرد أو تكثيف التعبيرات.
هل أرسم وجهك فوق شواطىء النسيان وأقف بعيدا أراقب أمواج البحر وهي تمسح كل أثر لك بى ؟؟
كل هذه التعبيرات تأتي في إطار استنكار سلوك لا منطقي يعبر عن أنانية هذا المحبوب. وكانت دلالة التعبيرات فيها أمواج البحر ، شواطئ النسيان معبرة عن هذا الحب ودلالة الموج واضحة وهي كل ما من شأنه تفريق المحبين عن بعضهما البعض .وهنا كان تعبير شواطئ النسيان وليس شاطئ النسيان وهو يعبر عن مدى تباعد قيمة الحب بينهما.
وبشكل أكبر كان تعبير أرسم وجهك فوق شواطئ النسيان معبرًا عن هذه المقاومة للنسيان والفناء من أجل رسم وجه المَحبوب حتى أن شواطئ النسيان ما زالت محتفظة بوجهه ، لكن في رأيي أن الأصح أن تذكر كلمة شواطئ الذكرى لأن اسمه إذا كان على شواطئ النسيان مرسومًا فهو غير موجود ، وبالتالي لن يحتاج إلى أمواج لمتسحه لأنه لا يمكن أن يُعدم العدم.
هل أحولك إلى أرض خضراء وأشعل النيران بها وأبني من رماد احتراقك مدن للنسيان ؟؟
كان جميلاً تعبير مدن للنسيان ، والصورة المترتبة على بعضها البعض وعلاقتها بالحب ظهرت بشكل أكبر من خلال هذه التعبيرات ومن خلال التتبع للخضرة ثم النيران ثم الاحتراق ثم النسيان يجد القارئ تضاعفًا للألم من خلال هذه العمليات المتتابعة والتي تعبر عن حزن لدى من تتحدث على لسانها .
هل أضعك فى منتصف جرحى وأرقص وأنا ألف حولك رقصة الطائر المذبوح؟؟
كان هذا التعبير أيضًا من التعبيرات الجيدة في النص ، فالجرح عندما يكون له منتصف فهو إذاً له أول وآخر ، وهنا يكون من جماليات النص التعبير غير المباشر عن مدى وشدة الجرح ، حتى ليبدو كأنه خريطة متسعة الأرجاء ،وكان تعبير رقصة الطائر المذبوح في غير موضعه لأن الطائر المذبوح لا يرقص وإنما يتمرغ في الأرض .لكن الفكرة نفسها كانت جيدة ،وجميل في هذا الوضع أن تصبح لكل شيء فلسفته ،فالرقص يعد أداة حزن ودليل موت على عكس المعتاد لأنه ينبعث من حالة عتاب وأسى.