عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 12-03-2010, 11:11 AM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي أولويات الفكر الإسلامي السياسي

أولويات الفكر الإسلامي السياسي

افتتاحية العدد 25 من مجلة العلوم السياسية
كاتب المقالة: رئيس تحرير المجلة: عدنان السيد حسين

ظلت (الأمة) أولوية مطلقة في الفكر الإسلامي السياسي، وما تزال الى اليوم، على الرغم من التغيرات العالمية الكبرى بعد نشوء فكرة (الدولة القومية) مع معاهدة (وستفاليا) الأوروبية عام 1648.

الأمة، بمعناها الجمعي، هي جماعة المسلمين في مجملهم على امتداد العالم الإسلامي. وإذا كانت ضرورات الدعوة الى الدين وقفت وراء هذه الأولوية، فهل ما تزال كذلك في عصرنا، حيث إمكانات الدعوة متاحة مع الثورات الإنسانية والمعرفية المتلاحقة، وآخرها ثورة الاتصالات؟

إن تداخل الثقافات والمعارف والعلوم، يتيح لكل جماعة، بل لكل فرد، أن يطرح قناعاته وأفكاره بحرية. وأن الانتشار الإسلامي العالمي يتيح إمكانات الدعوة في إطار حقوق الإنسان، هذا على الرغم من الموقف الغربي السلبي من الإسلام والمسلمين بعد أحداث 11/أيلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة.

وإذا كان الفكر الإسلامي قد تعدد في مفاهيمه وتعريفاته للدولة في وقت لاحق، هل هي دولة مدنية أم دولة دينية؟ فإن الحقيقة أمامنا اليوم هي أن الدولة (192 دولة في الأمم المتحدة) هي دولة قومية، أي أنها دولة الجماعة الشعبية ذات السيادة.

يمكن الحديث اليوم عن دولة في إطار الشريعة، أو دولة في إطار الفكر الإسلامي. أما الحديث عن الدولة الدينية المطلقة، فأنه أمر مخالف للواقع، فالدولة ـ أي دولة ـ ليست مُقدسة، ولا حاكمها مقدساً. والمعارضة للسلطة السياسية صارت حقاً من حقوق الشعوب، بل كانت منذ أيام الخلافة الراشدة حقيقة واقعة. فلماذا نتجاهلها؟

إن مفهوم الطاعة للحاكم لا يشير الى الطاعة المطلقة؛ الطاعة المطلقة هي لله وحده، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

لا يكفي الحديث عن العدالة دون برامج تنظيمية وتطبيقية في المجالات كافة. ويصعب قبول أطروحات الأقليات، بينما خطت الإنسانية خطوات حاسمة نحو فكرة المواطنة المتلازمة مع فكرة الدولة. إذن كيف نرفض المواطنة، بينما أعطى مفهوم (أهل الذمة) سابقاً بعضاً من حقوق هذه المواطنة قبل أكثر من ألف عام؟

المطلوب تطوير هذا المفهوم، لا تأخيره، وذلك ربطاً بفكرة الدولة الحديثة. وهنا ليس بالضرورة أن يكون مفهوم الحداثة غربياً. تعالوا نبتدع مفاهيم إسلامية للحداثة في الإنتاج الاقتصادي، والعمران، والتنمية، والخدمات الاجتماعية..الخ.

تعالوا نواجه معضلة الاستبداد المسيطر في عالمنا الإسلامي، ومعضلة الفقر التي تدمر حياة الإنسان المسلم وغير المسلم. تعالوا الى دولة المشاركة والانفتاح، لا دولة الاستئثار بالموارد والثروات، ولا دولة العصبيات المناقضة لتعاليم الإسلام وأهدافه السامية. أما الحركات الإسلامية، فإنها مدعوة للخروج من عزلتها الى إنسانية الإسلام، وفضاءه العالمي. والحركات الإسلامية في خلافاتها واختلافها، لن تكون جديرة بهذه المهمة الإنسانية إذا ما ظلت في دائرة العصبيات القاتلة.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس