عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 28-11-2009, 07:27 AM   #4
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

كثيرًا ما يشعر المبدع أنه يتكلم عن كل شيء محيط به إلا عالمه الخاص ، وحينما ينظر أسفل قدميه يفاجأ بأن هنالك عالمًا يتعلق بواقعه الشخصي الذي يعايشه كل يوم وهو تلك العملية-المخاض المسمى بالإبداع ، هذه العملية التي تستنزف منه ما شاء الله له لتخرج للقارئ رسالة سامية تسمى الشعر ، ها هنا القصيدة تتناول فلسفة الشعر لدى الشاعر وقد كانت المفاجأة في البداية تكتبني القصيدة ، وكثير من زملائي الشعراء كانوا يستخدمون هذا اللفظ للتعبير عن جريان الأفكار في ذهن الشاعر ويقولون إن القصيدة هي التي تكتبه أي أن القصيدة تصف هذا الواقع واقع العملية الإبداعية وتتطرق إلى ماهية الشعر ودوره في هذه الحياة بشكل سريع .
كان البدء بالتعبيرات البحر والإعصار والتذكار والأمطار والرعد مقصودًا لإعطاء العديد من الجوانب الدلالية للقصيدة ، إذ تغدو حالة الصفاء الذهني المهيئة لهذا الكم غير المتناهي من التعبيرات والأفكار والخيالات مرة كموج البحر في سرعة انسيابه ثم هي كالإعصار إذ أن هذه الحالة تجتاح القارئ فتنسيه كل شيء غير القصيدة ثم هي بعد ذلك كالتذكار في حالة من حالات هدوء هذه الأعاصير الذهنية ، وكما أن المطر يأتي ليزيد الأرض والكائنات رونقًا وخضرة وبهاءً كذلك القصيدة تصنع بالنفس بعد أن تنتهي هذه الأعاصير لتهب أمطارها صفاء ونقاء وتطهيرًا للنفس من جراء هذا الشحن النفسي الذي يبقى أثر التوتر فيه باديًا حتى تزيحه هذه الأمطار إنها فرحة الانتهاء من القصيدة والتعبير عما بدخيلة الشاعر .وإذا كان الرعد يأتي سابقًا على هطول المطر فمن هنا أرى أن استخدام كلمة الرعد جاء زائدًا ليصنع موسيقى داخلية مع الوعد وكان من حيث ترتيب حدوثه والحالة النفسية في غير مكانه الصحيح . وأتى التعبيركشوق الطفل للأحلام والألعاب والوعـد ليحدث تقلبًا في مستويات التناول ،وهذا التقلب يتماشى مع تقلبات النفس من حالة لأخرى .
يأتي الالتفات بعد ذلك إلى المحبوبة والتي هي الوطن ودلت عليه القرائن التي تؤكد هذا الاستخدام فهي :
بحضن أيامي مكبلة
ذلك الوطن الذي يتعانق مع الوطن ويبقى مكبلاً ،وكان تعبير بحضن أيامي معبرًا عن حالة نفسية إنسانية طفولية لكنها تنكسر على عتبة التكبيل والتقييد وهذا التمازج بين الأحضان والتكبيل جاء ليعطي صورة حزينة تبدو فيها المحبوبة محصورة بين واقعين يزيدان أسى الشاعر وهذان الواقعان هما حضن المُحِب والقيد أو بمعنى أصح (أحضان السلطة)
بألف قصيدة تدمى
وألف حقيقة تخزى

ِ وإذا كان الشاعر لا يقف عند مجرد رصد الواقع المحيط به فتبدو هذه النزعة المحركة للمشاعر قوية في إظهار الوضع الذي تمر به هذه المحبوبة من حيث القصائد المدميات والحقائق المخزيات .إن الشاعر لا يتحول عن واقعه الاجتماعي في خضم هذه المشاعر المأسوية لا سيما إذا كانت القصائد المحيطة به مدميات تلك القصائد التي هي من وحي الدجالين الذي كتبوا قصائدهم على بحور الدموع وبمداد الدماء .
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس