عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 06-09-2006, 03:23 PM   #10
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

فقال في قصيدته التي قال حين قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

متيم إثرها لم يفد مكبول

وما سعاد غداة البين إذ رحلوا

إلا أغن غضيض الطرف مكحول

هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة

لا يشتكى قصر منها ولا طول

تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت

كأنه منهل بالروح معلول

شجت بذي شيم من ماء محنية

صاف بأبطح أضحى وهو مشمول



تنفي الرياح القذى عنه وأفرطه

من صوب غادية بيض يعاليل

فيا لها حلة لو أنها صدقت

بوعدها أو لو إن النصح مقبول

لكنها خلة قد سيط من دمها

فجع وولع وإخلاف وتبديل

فما تدوم على حال تكون بها

كما تلون في أثوابها الغول

وما تمسك بالعهد الذي زعمت

إلا كما يمسك الماء الغرابيل

فلا يغرنك ما منت وما وعدت

إن الأماني والأحلام تضليل



كانت مواعيد عرقوب لها مثلا

وما مواعيدها إلا الأباطيل

أرجو وآمل أن تدنو مودتها

وما إخال لدينا منك تنويل

أمست سعاد بأرض لا يبلغها

إلا العتاق النجيبات المراسيل

ولن يبلغها إلا عذافرة

لها على الأين إرقال وتبغيل

من كل نضاخة الذفرى إذا عرقت

عرضتها طامس الأعلام مجهول

ترمي الغيوب بعيني مفرد لهق

إذا توقدت الحزان والميل

ضخم مقلدها فعم مقيدها

في خلقها عن بنات الفحل تفضيل

غلباء وجناء علكوم مذكرة

في دفها سعة قدامها ميل

وجلدها من أطوم ما يؤيسه

طلح بضاحية المتنين مهزول



حرف أخوها أبوها من مهجنة

وعمها خالها قوداء شمليل

يمشي القراد عليها ثم يزلقه

منها لبان وأقراب زهاليل

عيرانة قذفت بالنحض عن عرض

مرفقها عن بنات الزور مفتول

كأنما فات عينيها ومذبحها

من خطمها ومن اللحيين برطيل

تمر مثل عسيب النخل ذا خصل

في غارز لم تخونه الأحاليل

قنواء في حرتيها للبصير بها

عتق مبين وفي الخدين تسهيل

تخدي على يسرات وهي لاحقة

ذوابل مسهن الأرض تحليل

سمر العجايات يتركن الحصى زيما

لم يقهن رءوس الأكم تنعيل



كأن أوب ذراعيها وقد عرقت

وقد تلفع بالقور العساقيل

يوما يظل به الحرباء مصطخدا

كأن ضاحيه بالشمس مملول

وقال للقوم حاديهم وقد جعلت

ورق الجنادب يركضن الحصا قيلوا

شد النهار ذراعا عيطل نصف

قامت فجاوبها نكد مثاكيل

نواحة رخوة الضبعين ليس لها

لما نعى بكرها الناعون معقول

تفري اللبان بكفيها ومدرعها

مشقق عن تراقيها رعابيل

تسعى الغواة جنابيها وقولهم

إنك يا ابن أبي سلمى لمقتول



وقال كل صديق كنت آمله

لا ألهينك إني عنك مشغول

فقلت خلوا سبيلي لا أبا لكم

فكل ما قدر الرحمن مفعول

كل ابن أنثى وإن طالت سلامته

يوما على آلة حدباء محمول

نبئت أن رسول الله أوعدني

والعفو عند رسول الله مأمول

مهلا هداك الذي أعطاك نافلة ال

قرآن فيها مواعيظ وتفصيل

لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم

أذنب ولو كثرت في الأقاويل

لقد أقوم مقاما لو يقوم به

أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل

لظل يرعد إلا أن يكون له

من الرسول بإذن الله تنويل

حتى وضعت يميني ما أنازعه

في كف ذي نقمات قيله القيل



فلهو أخوف عندي إذ أكلمه

وقيل إنك منسوب ومسئول

من ضيغم بضراء الأرض مخدره

في بطن عثر غيل دونه غيل

يغدو فيلحم ضرغامين عيشهما

لحم من الناس معفور خراديل

إذا يساور قرنا لا يحل له

أن يترك القرن إلا وهو مفلول

منه تظل سباع الجو نافرة

ولا تمشي بواديه الأراجيل

ولا يزال بواديه أخو ثقة

مضرج البز والدرسان مأكول

إن الرسول لنور يستضاء به

مهند من سيوف الله مسلول

في عصبة من قريش قال قائلهم

ببطن مكة لما أسلموا زولوا

زالوا فما زال أنكاس ولا كشف

عند اللقاء ولا ميل معازيل

شم العرانين أبطال لبوسهم

من نسج داود في الهيجا سرابيل

بيض سوابغ قد شكت لها حلق

كأنها حلق القفعاء مجدول



ليسوا مفاريح إن نالت رماحهم

قوما وليسوا مجازيعا إذا نيلوا

يمشون مشي الجمال الزهر يعصمهم

ضرب إذا عرد السود التنابيل

لا يقع الطعن إلا في نحورهم

وما لهم عن حياض الموت تهليل


قال ابن هشام : قال كعب هذه القصيدة بعد قدومه على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وبيته " حرف أخوها أبوها " وبيته " يمشي القراد " وبيته " عيرانة قذفت " ، وبيته " تمر مثل عسيب النخل " ، وبيته " تفري اللبان " وبيته " إذا يساور قرنا " وبيته " ولا يزال بوادي " : عن غير ابن إسحاق .



--------------------------------------------------------------------------------

قصيدة بانت سعاد

وذكر قصيدته

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول


وفيها قوله شجت بذي شبم .

يعني : الخمر وشجت كسرت من أعلاها لأن الشجة لا تكون إلا في الرأس والشيم البرد وأفرطه أي ملأه . والبيض اليعاليل السحاب وقيل جبال ينحدر الماء من أعلاها ، واليعاليل أيضا : الغدران واحدها يعلول لأنه يعل الأرض بمائه .

وقوله

يا ويحها خلة قد سيط من دمها


أي خلط بلحمها ودمها هذه الأخلاق التي وصفها بها من الولع وهو الخلف والكذب والمطل يقال ساط الدم والشراب إذا ضرب بعضه ببعض .

وقال الشاعر يصف عبد الله بن عباس :

صموت إذا ما زين الصمت أهله

وفتاق أبكار الكلام المختم

وعى ما حوى القرآن من كل حكمة

وسيطت له الآداب باللحم والدم


والغول التي تتراءى بالليل . والسعلاة ما تراءى بالنهار من الجن ، وقد أبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم الغول حيث قال لا عدوى ولا غول وليس يعارض هذا ما روي من قوله عليه السلام إذا تغولت الغيلان فارفعوا أصواتكم بالأذان وكذلك حديث أبي أيوب مع الغول حين أخذها ، لأن قوله عليه السلام " لا غول إنما أبطل به ما كانت الجاهلية تتقوله من أخبارها وخرافاتها معها " .

وقوله

كانت مواعيد عرقوب لها مثلا


هو عرقوب بن صخر من العماليق الذين سكنوا يثرب ، وقيل بل هو من الأوس والخزرج ، وقصته في إخلاف الوعد مشهورة حين وعد أخاه بجنا نخلة له وعدا من بعد وعد ثم جذها ليلا ، ولم يعطه شيئا .

والتبغيل ضرب من السير سريع والحزان جمع حزن وهو ما غلظ من الأرض . والميل ما اتسع منها .

وقوله ترمي النجاد وأنشده أبو علي ترمي الغيوب وهو جمع غيب وهو ما غار من الأرض كما قال ابن مقبل

لزم الغلام وراء الغيب بالحجر


وقوله

حرف أبوها أخوها من مهجنة

وعمها خالها قوداء شمليل


القوداء الطويلة العنق . والشمليل السريعة . والحرف الناقة الضامر .

وقوله من مهجنة أي من إبل مهجنة مستكرمة هجان .

وقوله أبوها أخوها أي أنهما من جنس واحد من الكرم وقيل إنها من فحل حمل على أمه فجاءت بهذه الناقة فهو أبوها وأخوها ، وكانت للناقة التي هي أم هذه بنت أخرى من الفحل الأكبر فعمها خالها على هذا ، وهو عندهم من أكرم النتاج والقول الأول ذكره أبو علي القالي عن أبي سعيد فالله أعلم .

وقوله أقراب زهاليل أي خواصر ملس واحدها : زهلول والبرطيل حجر طويل ويقال للمعول أيضا : برطيل .

وقوله

ذوابل وقعهن الأرض تحليل


تحليل أي قليل . يقال ما أقام عندنا إلا كتحليل الألية وكتحلة المقسم وعليه حمل ابن قتيبة قوله عليه السلام لن تمسه النار إلا تحلة القسم وغلط أبا عبيد حيث فسره على القسم حقيقة . قال القتبي ليس في الآية قسم لأنه قال وإن منكم إلا واردها [ مريم : 71 ] ولم يقسم . قال الخطابي : هذه غفلة من ابن قتيبة فإن في أول الآية فوربك لنحشرنهم والشياطين وقوله وإن منكم إلا واردها داخل تحت القسم المتقدم .

وقوله بالقور العساقيل . القور جمع قارة وهي الحجارة السود . والعساقيل هنا السراب وهذا من المقلوب أراد وقد تلفعت القود بالعساقيل .

وفيها قوله تمشي الغواة بجنبيها ، أي بجنبي ناقته .

عن القول والقيل إعرابا ومعنى

وقوله

إنك يا ابن أبي سلمى لمقتول


ويروى : وقيلهم وهو أحسن في المعنى ، وأولى بالصواب لأن القيل هو الكلام المقول فهو مبتدأ وقوله إنك يا ابن أبي سلمى لمقتول خبر تقول إذا سئلت ما قيلك ؟ قيلي : إن الله واحد فقولك : إن الله واحد هو القيل والقول مصدر كالطحن والذبح والقيل اسم للمقول كالطحن والذبح بكسر أوله وإنما حسنت هذه الرواية لأن القول مصدر فيصير إنك يا ابن أبي سلمى في موضع المفعول فيه فيبقى المبتدأ بلا خبر إلا أن تجعل المقول هو القول على المجاز كما يسمى المخلوق خلقا ، وعلى هذا يكون قوله عز وجل وقيله يا رب [ الزخرف 88 ] في موضع البدل من القيل وكذلك قوله إلا قيلا سلاما سلاما [ الواقعة 26 ] منتصب بفعل مضمر فهو في موضع البدل من قيلا وكذلك قوله ومن أصدق من الله قيلا [ النساء 122 ] أي حديثا مقولا ، ومن هذا الباب مسألة من النحو ذكرها سيبويه ، وابن السراج في كتابه وأخذ الفارسي منهما ، أو من ابن السراج فكثيرا ما ينقل من كتابه بلفظه غير أنه أفسد هذه المسألة ولم يفهم ما أراد بها ، وذلك أنهما قالا : إذا قلت أول ما أقول إني أحمد الله بكسر الهمزة فهو على الحكاية فظن الفارسي أنه يريد على الحكاية بالقول فجعل إني أحمد الله في موضع المفعول بأقول فلما بقي له المبتدأ بلا خبر تكلف له تقديرا لا يعقل فقال تقديره أول ما أقول إني أحمد الله موجود أو ثابت فصار معنى كلامه إلى أن أول هذه الكلمة التي هي إني أحمد الله موجود أي أول هذه الكلمة موجود فآخرها إذا معدوم وهذا خلف من القول كما ترى ، وقد وافقه ابن جني عليه رأيته في بعض مسائله قال قلت لأبي علي لم لا يكون إني أحمد الله في موضع الخبر ، كما تقول أول سورة أقرؤها : إنا أعطيناك الكوثر [ الكوثر : 1 ] أو نحو هذا ولا يحتاج إلى حذف خبر قال فسكت ولم يجد جوابا ، وإنما معنى هذه المسألة أول ما أقول أي أول القيل الذي أقوله إني أحمد الله على حكاية الكلام المقول وهذا الذي أراد سيبويه ، وأبو بكر بن السراج فإن فتحت الهمزة من أن صار معنى الكلام أول القول لا أول القيل وكانت ما واقعة على المصدر وصار معناه أول قولي الحمد إذ الحمد قول ولم يبين مع فتح الهمزة كيف حمد الله هل قال الحمد لله بهذا اللفظ أو غيره وعلى كسر الهمزة قد بين كيف حمد حين افتتح كلامه بأنه قال إني أحمد الله بهذا اللفظ أو غيره وعلى كسر الهمزة قد بين كيف حمد حين افتتح كلامه بأنه قال إني أحمد الله بهذا اللفظ لا بلفظ آخر فقف على هذه المسألة وتدبرها إعرابا ومعنى ، فقل من أحكمها وحسبك أن الفارسي لم يفهم عمن قبله وجاء بالتخليط المتقدم والله المستعان .

عود إلى بانت سعاد

والخراديل القطع من اللحم وفي الحديث في صفة الصراط فمنهم الموبق بعمله ومنهم المخردل أي تخردل لحمه الكلاليب التي حول الصراط سمعت شيخنا الحافظ أبا بكر رحمه الله يقول تلك الكلاليب هي الشهوات لأنها تجذب العبد في الدنيا عن الاستقامة على سواء الصراط فتمثل له في الآخرة على نحو ذلك .

وقوله بضراء الأرض . الضراء ما واراك من شجر والخمر ما واراك من شجر وغيره .

وقوله بواديه الأراجيل أي الرجالة قيل إنه جمع الجمع كأنه جمع الرجل وهم الرجالة على أرجل ثم جمع أرجلا على أراجل وزاد الياء ضرورة . والدرس الثوب الخلق . والفقعاء شجرة لها ثمر كأنه حلق .

ويروى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أنشده كعب

إن الرسول لنور يستضاء به

مهند من سيوف الله مسلول


نظر إلى أصحابه كالمعجب لهم من حسن القول وجودة الشعر .

وقوله

ليس لهم عن حياض الموت تهليل


التهليل أي ينكص الرجل عن الأمر جبنا .

وقوله في الأنصار :

ضربوا عليا يوم بدر ضربة


بنو علي هم بنو كنانة ، يقال لهم بنو علي لما تقدم ذكره في هذا الكتاب وأراد ضربوا قريشا لأنهم من بني كنانة .
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس