عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 11-12-2008, 06:36 PM   #37
ودق
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2008
الإقامة: الجزائر
المشاركات: 685
إفتراضي

المسيح بعد الصلب




بعدما أنزلوني سمعت الرياح


في نواح طويل تسف النخيل


و الخطى و هي تنأى إذن فالجراح


و الصليب الذي سمروني عليه طوال الأصيل


لم تمتني و أنصتّ كان العويل


يعبر السهل بيني و بين المدينة


مثل حبل يشدّ السفينة


و هي تهوي إلى القاع كان النواح


مثل خيط من النور بين الصباح


و الدجى في سماء الشتاء الحزينة


ثم تغفو على ما تحسّ المدينة


حينما يزهر التوت و البرتقال


حيت تمتدّ جيكور حتى حدود الخيال


حين تخضرّ عشبا يغنّي شذاها


و الشموس التي أرضعتها سناها


حين يخضرّ حتى دجاها


يلمس الدفء قلبي فيجرى دمي في ثراها


قلبي الشمس إذ تنبض الشمس نورا


قلبي الأرض تنبض قمحا وزهرا و ماء نميرا


قلبي الماء قلبي هو السنبل


موته البعث يحيا بمن يأكل


في العجين الذي يستدير


ويدحى كنهد صغير كثدي الحياه


متّ بالنار أحرقت ظلماء طيني فظلّ الإله


كنت بدءا و في البدء كان الفقير


متّ كي يؤكل الخبز باسمي لكني يزرعوني مع الموسم


كم حياة سأحيا ففي كل حفرة


صرت مستقبلا صرت بذره


ذرت جيلا من الناس في كل قلب دمي


قطرة منه أو بعض قطرة


هكذا عدت فاصفرّ لما رآني يهوذا


فقد كنت سره


كأن ظلا قد اسود مني و تمثال فكره


جمّدت فيه و استلّت الروح منها


خاف أن تفضح الموت في ماء عينيه


عيناه صخرة


راح فيها يواري عن الناس قبره


خاف من دفنها من محال عليه فخبّر عنها


أنت أم ذاك ظلي قد أبيضّ وارفضّ نورا


أنت من عالم الموت تسعى هو الموت مرّه


هكذا قال آباؤنا هكذا علمونا فهل كان زورا


ذاك ما ظنّ لما رآني و قالته نظرة


قدم تعدو قدم قدم


القبر يكاد بوقع خطايا ينهدم


أترى جاءوا من غيرهم


قدم قدم قدم


ألقيت الصخر على صدري


أو ما صلبوني أمس فها أنا في قبري


فليأتوا إني في قبري


من يدري أني من يدري


ورفاق يهوذا من سيصدق ما زعموا


قدم قدم


ها أنا الأن عريان في قبري المظلم


كنت بالأمس ألتف كالظن كالبرعم


تحت أكفاني الثلج يخضل زهر الدم


كنت كالظل بين الدجى و النهار


ثم فجرت نفسي كنوزا فعرّيتها كالثمار


حين فصلت جيبي قماطا و كمّي دثار


حين دفأت يوما بلحمي عظام الصغار


حين عريت جرحي و ضمدت حرجا سواه


حطم السور بيني و بين الإله


فاجأ الجند حتى جراحي و دقات قلبي


فاجأوا كل ما ليس موتا و إن كان في مقبرة


فاجأوني كما فاجأ النخلة المثمرة


سرب من الطير في قرية مقفرة


أعين البندقيات يأكلن دربي


شرع تحلم النار فيها بصلبي


إن تكن من حديد و نار فأحداق شعبي


من ضياء السماوات من ذكريات و حب ّ


تحمل العبء عني فيندى صليبي فما أصغر


ذلك الموت موتي و ما أكبره


بعد أن سمّروني و ألقيت عينيّ نحو المدينة


كدت لا أعرف السهل و السور و المقبرة


كان شيء مدى ما ترى العين


كالغابة المزهرة


كان في كلّ مرمى صليب و أم حزينة


قدس الربّ


هذا مخاض المدينة
__________________
إنّنــا محكومون بالأمل
ودق غير متصل   الرد مع إقتباس