عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 06-01-2008, 01:43 AM   #1
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي قراءة نقدية في ديوان . باب الفتوح . للشاعر أحمد العمراوي.

قراءة نقدية في ديوان- باب الفتوح- للشاعر أحمد العمراوي
ثريا حمدون 05 فبراير 2006

يعتبر باب الفتوح فاتحا لأبواب عدة قد تكون فاتحة عهد للحجب المادية التي تغلف الذات وتأسرها. إنها دعوة لإزالة الحجب واستئصال هذه الظلمة من جذورها كي تنكشف الذات على عوالم أخرى أكثر وضوحا وصفاء ونورانية حيث تكون الذات مركزا ويصير الشاعر حقيقة أي نقطة داخلها.
يقول ناظم عودت في مقالته ترميز الحرف الشعري بأن النقطة عند الحلاج هي رمز من رموز الحقيقة ولذا تراه يقول الدائرة لا باب لها والنقطة التي في وسط الدائرة هي الحقيقة

لهذا السبب نجد الشاعر أحمد العمراوي يفتح كل الأبواب الممكنة حتى يتنفس لأنه يرفض الاختناق داخل الدائرة المغلقة فيفتح باب الفتوح / باب القول….
ويعلل لنا الشاعر هذا الرفض بقوله :
غلطي أني لم أولد كالباقين
وقابلتي لم تحسن تقطيع حبالي
لم تحسن إجباري على الصراخ
في وجه العالم سيفا
تركت ذلك للشعر.
نفتح مع الشاعر أبواب شعره ، ونرحل معه حيث ينفتح المكان على اللا مــكان، والبــــاب علـــــى اللا أبواب ونتساءل معه:
- لمن توضع الأبواب؟
للخاصة ؟
أم للعامة ؟
من يملك قرار الفتح ؟
الشيخ ؟أم مريده؟
وأيهما الأصل؟
يصبح الحلم مفتاحا يملأ فراغ هذه الأسئلة،
فاحلم أيها الشاعر لا تأشيرة لرؤاك
لا درك لا حراس، كما يقول الشاعر أحمد العمراوي
نفتح الباب لنرى ما يوجد خلفه. يستقبلنا الضوء ندخل إلى عاصمة النور
” ضوء ينزل ممتطيا شفة الريح
نور يخرق نورا
مصباح لممارسة الإشعاع
شمس شمع
يمتزج الشمع بنور الشمس
يتحد شعاع المصباح بنور آخر
يسبح الضوء على سترات الليل
وتبتهج اللحظات”.
وخلف هذا الباب نجد حروفا تستحم في بحر هذا النور، تراقبنا وكأنها أمة من الأمم، مخاطبون ومكلفون وفيهم رسل من جنسهم ، ولهم أسماء من حيث هم ، ولا يعرف هذا إلا أهل الكشف كما يقول ابن عربي.
” ألف البدء
ولا فرق بين الباء الباريسي
والفاء الفاسي
فالقلم واحد
والنون واحدة
كل الطرق دائرية والاتجاهات نونية
هذه النون نصف استدارة تبحث عن نقطتها
تخنث راءات باريس
يتهاوى الوجد على الحرف
تداخل شطح السر بألف الجذب
وما ثمة غير خفايا ألف الإمساك ”
ألف / الألف تحيل إلى الذات يمنحها الشاعر دلالات أخرى فهي ألف الجذب حين تداخل شطح السر بها وتصير ألف الإمساك حين تجتمع فيها خفايا الأسرار تنتظر أن يؤذن لها كي تفعل بالذات وفي الذات باعتبارها خلقا.
والنون تحيل إلى النفس التي تقوم بالتنقيب عن الحقيقة
نلاحظ أن الشاعر أحمد العمراوي يركز في ديوانه على مكانين أساسين همــــا :
باريس و فاس ونحن بدورنا سنحللهما تحليلا أصواتيا :
الباء والفاء فونيمان شفويان
الألف حرف حلقي
والسين في باريس وفاس همس إنها انتهاء الباب. إغلاقه أو فتحه سيان حيث يموت الشيخ والموت حياة أخرى.
صحيح أن الحرف طريق يحرق أقدام السفر لكننا سنمضي في رحلتنا فقدر الإنسان أن يكون شاعرا وقدر القارئ أن يشارك هذا الشاعر ويتورط معه في هذا الإبداع /السفر الممتع والصعب.
أبواب احمد العمراوي
لم يترك الشاعر كلمة في القاموس إلا ووجد لها بابا كي يخرج من هذه الدائرة نوضح ذلك كالتالي :
يمكن تقسيم أبواب الشاعر أحمد العمراوي إلى قسمين أبواب الدنيا وأبواب الله

*أبواب الدنيا :
بوابات الفتك
أبواب باريس
صوت الشيخ وزفراته قبل اختراق الباب
أحضن أبواب الاحتمال ..
أبواب فاس: باب الفتوح نموذجا
*أبواب الله متمثلة في قول الشاعر :
افتح أبوابك وصوتك وباطنك والظاهر
افتح ينقشع الظل عن ظله وناطحات سحابه الليلي .
صديقي في بوابات الله بين الصحو وبوابات المحو .
وأحيانا تلتقي أبواب الدنيا بأبواب الله فنجد الشاعر أحمد العمراوي يقول :
صديقي في بوابات الله في بوابات الدنيا .
بَابٌ يَدْفَعُكَ لِبَابٍ :
بَــــابُ الفُتُــوح
افْتَـحْ←
يَنْحَبِسِ الضَّوْءُ بِعَيْنِيْكَ الجَامِدَتَيْن
اُدْخـُلْ ←
تَسْقِكَ مَلايِينُ الأَبْوَابِ أَلْوَاناً
تَتَدافَعُ فِيكَ أَمْوَاجاً خَلْقِيَّةً عَلَى بَصِيرَتِكَ
لاَ قُفْلَ فِي الظَّاهِرِ
وَالبَاطِنُ لَمْعَةُ قَلْبٍ
تَرْثِي العَقْلَ وَتُحَلِّقُ فِي الرَّعْدِ
تَهِيمُ عَلَى فَتَحَاتِ الدُّنْيَا
وَكَأَنَّهَا بَابُ الفتوحِ القَادِمُ مِنْ مَقْبَرَةِ الشَّيْخِ.
هكذا إذن تبدأ الرحلة الدائرية ننزل من السماء إلى الأرض لنعود مرة أخرى إليها انه باب الفتوح حيث تنفتح السماوات لاستقبال هذه الروح .
رحلة من باريس إلى فاس حيث يوجد باب الفتوح المكان الذي ستخرج منه جثة الشيخ ليستقبل باب فتوح السماوات روحه
وباريس أو فاس هي المكان الأنثى وعلى حد تعبير باشلار المكان الذي لا يؤنث لا يعول عليه.
يقول الشاعر أحمد العمراوي عن باء باريس (في الباء بدء التنميم )
نبدأ النميمة مع حروف هذا الكتاب باب الفتوح
تهيم على فتحات الدنيا
وكأنها باب الفتوح من مقبرة الشيخ
إن الشاعر يقارن بين أبواب باريس وباب الفتوح كلاهما يمنحانك الدهشة وبهاء الشعر
نتجول في باريس ونلتقط بعدسة الشاعر ما يراه ومن لم يدخل بالأرجل دخل بفانوس الحال
ما دمنا من الذين لا يحملون أوراقا(sans papiers)
هنا الأبواب التي لا تشبه الأبواب
; porte maillot; porte clichy porte de la villette;
قد تبدو أسماء لأبواب ما دامت مقترنة بكلمة porte
غير أن الشاعر يقول لنا لا تندهشوا فالاسم كالباب إذا لم تدخله لن تكشف سره. ويحضرني قول الشاعر محمد الفيتوري في قصيدته (ياقوت العرش) الغافل من ظن الأشياء هي الأشياء .
إن الأبواب التي ذكرها الشاعر مجرد طرق تحيط بباريس وكأنها أبوابها التي تدخل إليها وتخرج منها.
مقامات أحمد العمراوي
إذا كانت المقامات عند الصوفية سبع وهي:التوبة، والورع، والزهد، والفقر، والصبر، والتوكل ثم الرضا.
فإن للشاعر أحمد العمراوي مقامات أخرى تنفتح على باب الأبواب يقول الشاعر :
مقامات تنفتح على باب الأبواب
صوتا
ورقا
غربة
حلما
ولوحا
تبتدئ هذه المقامات بالصوت لتكتب في اللوح وبينهما الورق والغربة فالحلم. وصوت الشاعر ينطلق من باريس سيدة الشهق يقول الشاعر :
المساء الباريسي أو القصيدة
أول القصد
هذا الصوت له علاقة باللوح ينمحي الصوت ليكتب في اللوح وكأننا بالشاعر يمضي بصوته/الأداة التي تقوم بهذه العملية في هذا اللوح.
سنختار من هذه المقامات ما يلي :
1 مقام الصوت
الصوت ضد الصمت والصمت محافظة على السر وعدم البوح به في الاصطلاح الصوفي .لكننا نجد الشاعر يحرقه الصمت فيبوح بهذا السر فيردد أكثر من مرة “آه يا حبة الصمت” فلننصت إلى هذا الصوت الذي يمتد ويذوي صداه في كل الاتجاهات .
للصوت صدى في كل اتجاه
باريس الصوت العملاق
صوت يلتبس بأحداق الميترو
يطارد الصوت الشاعر أينما حل وارتحل
فيقول
وَحِينَ أفيقُ عَلَى صَدَى صَوْتِ السِّيدَةِ الغَنُوجِ
أَنْزِلُ مَحَطَّةَ المِيتْرُو البَارِيسِيِّ اللَّيْلِيِّ
يوقظ الصوت الشاعر في الزمن الليلي ليلبي صوتا آخر. ما الذي يحدث عندما يكون الصوت صرخة وكابوسا؟و ماهو هذا الصوت القوي الذي يقض مضجعه؟ يجيبنا الشاعر :
وَصَوْتُ الشَّيْخِ
وَزَفَرَاتِهَ المُتَتَالِيَةُ قَبْلَ فِرَاقِ البَابِ
لِمِفْتَاحٍ مَا كَانَ لِيَبْقَى مُلْتَصِقاً
هاهو صوت الشيخ يودع الأحياء وزفراته المتتالية تنثر ما تبقى من هذا الصوت …..

السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس