نار الهوى تمنع طيب المنام
وراحة النفس ولذّ الطعام
وفاتر الحب ضعيف اللظى
منطفئ الشعلة خابي الضرام
***
القلب قد أضناه عشق الجمال
والصدر قد ضاق بما لا يقال
يا ربّ هل يرضيك هذا الضما
والماء ينساب أمامي زلال
***
خلقتني يا ربّ ماء وطين
وصغتني ما شئت عزّا وهون
فما احتيالي والذي قد جرى
كتبته يا ربّ فوق الجبين
***
ويا فؤادي تلك دنيا الخيال
فلا تنؤ تحت الهموم الثقال
وسلم الأمر فمحو الذي
خطت يد المقدار أمر محال
***
وإنما نحن رخاخ القضاء
ينقلنا في اللوح أنى يشاء
وكل من يفرغ من دوره
يلقى به في مستقر الفناء
***
رأيت صفا من دنان سرى
ما بينها همس حديث جرى
كأنها تسأل : أين الذي
قد صاغنا أو باعنا أو شرى
***
سطا البلى فاغتال أهل القبور
حتى غدوا فيها رفاتا نثير
أين الطلى تتركني غائبا
أجهل أمر العيش حتى النشور
***
إذا سقاني الموت كأس الحمام
وضمكم بعدي مجال المدام
فأفردوا لي موضعي واشربوا
في ذكر من أضحى رهين الرجام
***
عن وجنة الأزهار شف النقاب
وفي فؤادي راحة للشراب
فلا تنم فالشمس لمّا يزل
ضياؤها فوق الرّبى والهضاب
***
فكم على ظهر الثرى من نيام
وكم من الثاوين تحت الرغام
وأينما أرمي بعيني أرى
مشيعا أو نهزة للحمام
***
يا ربّ في فهمك حار البشر
وقصر العاجز والمقتدر
تبعث نجواك وتبدو لهم
وهم بلا سمع يعي أو بصر
***
بيني وبين النفس حرب سجال
وأنت يا ربّي شديد المحال
أنتظر العفو ولكنني
خجلان من علمك سوء الفعال
***
شقت يد الفجر ستار الظلام
فانهض وناولني صبوح المدام
فكم تحيينا له طلعة
ونحن لا نملك ردّ السلام
***
معاقرو الكأس وهم سادرون
وقائمو الليل وهم ساجدون
غرقى حيارى في بحار النهى
والله صاح والورى غافلون
***
كنّا فصرنا قطرة في عباب
عشنا وعدنا ذرة في التراب
جئنا إلى الأرض ورحنا كما
دب عليها النمل حينا وغاب
***
لا أفضح السر لعال ودون
ولا أطيل القول حتى يبين
حالي لا أقوى على شرحها
وفي حنايا الصدر سري دفين
***
أولى بهذي الأعين الهاجدة
أن تغتدي في أنسها ساهدة
تنفس الصبح فقم قبل أن
تحرمه أنفاسنا الهامدة
***
هل في مجال السكون شيء بديع
أحلى من الكأس وزهر الربيع
عجبت للخمّار هل يشتري
بماله أحسن مما يبيع