عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 15-06-2011, 12:05 AM   #163
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(158)



الفصل السابع

البناء الدرامي في القصيدة الحديثة

تتجه القصيدة العربية الحديثة اتجاهًا واضحًا نحو الدرامية ، سواء في مضمونها النفسي والشعوري والفكري ، أو في بنائها الفني . وقد تعرفنا فيما سبق على طبيعة التركيب في الرؤية الشعرية الحديثة التي تتألف من مجموعة العناصر النفسية والشعورية والفكرية التي تتفاعل وتتحاور وتتصارع فيما بينها وينشأ عن تفاعلها وحوارها وصراعها وتعدد مستوياتها ما سميناه سمة "التركيب"في القصيدة الحديثة .
وقد حاول الشاعر العربي الحديث في بداية الأمر أن يعبر عن تعدد الأبعاد والمستويات الشعورية والنفسية في رؤيته الشعرية ، وعن الحوار والتفاعل بين هذه الأبعاد ، بأدوات شعرية خالصة كموسيقى الشعر ، فوجدنا شاعرًا كجبران خليل جبران يستغل البناء الموسيقي وإمكاناته للتعبير عن تعدد الأصوات في بعض قصائده ، وتصوير الصراع بينا لأبعاد المختلفة في رؤيته الشعرية ، كما فعل في قصيدته المطولة "المواكب"التي يصور فيها الصراع بين بساطة الفطرة ونقائها وعفويتها كما تتمثل في الغاب ، وبين تعقد الحياة المعاصرة والتوائها ، وقد لجأ جبران إلى وسيلة موسيقية بارعة للتعبير عن هذين البعدين من أبعاد رؤيه الشعرية حيث أعطى كلاً من الصوتين المتحاورين-اللذين يمثلان بساطة الفطرة وتعقد المدينة المعاصرة- وزنًا موسيقيًا مختلفًا عن الوزن الذي أعطاه للآخر ، أما صوت الطبيعة والفطرة فقد أعطاه وزنًا بسيطًا عذب الإيقاع لا تعقد فيه ولا تركيب وهو "مجزوء الرمل" بينما أعطى الصوت الآخر وزنًا معقدًا مركب الإيقاع وهو وزن "البسيط" الذي تتألف وحدة الإيقاع فيه من تفعيلتين .وهكذا وفق جبران أولاً في اللجوء إلى حيلة تعدد الأوزان في القصيدة ،ووفق ثانيًا حين أعطى كل صوت الوزن الملائم له ، فحين يرتفع الصوت المعبر عن تعقيد الحياة المعاصرة والتوائها بإيقاعه المعقد :
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس