عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 23-10-2020, 10:00 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,907
إفتراضي قراءة فى كتاب صحف إبراهيم (ص)


قراءة فى كتاب صحف إبراهيم (ص)
الكتاب تأليف فالح شبيب العجمى من أهل العصر والكتاب صادر عن دار الموسوعات ويبدو أنها طبعة وحيدة لتصنيفه ضمن الكتب الممنوعة والمحرم نشرها
الكتاب يقوم على مقولة أن كتاب الفيدا المقدس عند الهندوس أو حسب المؤلف البراهمانية أو البراهمية هو صحف النبى إبراهيم(ص) وهى مقولة خاطئة لا ترتكز على شىء فالمؤلف لم يقارن بين الفيدا وبين ما ورد مثلا من مقولات نسبها الله للصحف وجل ما قارنه هو نصوص من العهد القديم ونصوص مما يسمى بكتب التراث الإسلامى وليس الوحى مثل طبقات ابن سعد وما شابهها من كتب
والمقارنات التى عقدها بين الوحى القرآنى والفيدا مقارنات فاشلة منها :
مثلا يقارن بين رمى قوم إبراهيم(ص) له فى النار وبين شخص يسمى هارن كشب ادعى الألوهية وادعاها ابنه براهلاد فحاول قتله برميه فى البحر ووضعه تحت أرجل الفيلة وأخيرا رماه فى النار ولكنه خرج سليما وفى هذا قال :
"وتذكر بعض كتب التراث قصة مفادها أن هارن كشب ملك ديتون قد ادعى الألوهية وحدث أن ابنه براهلاد قد أنكر ألوهية والده وادعاها لنفسه فأراد أن يقتل ابنه ص52 بحيل كثيرة منها أنه رماه فى البحر ووضعه تحت أقدام الأفيال وأخيرا ألقاه فى النار ولكن الإله فيشنو حفظه فى جميع هذه المحن" ص53
لا مجال للمقارنة فالأحداث مختلفة فإبراهيم(ص) لم يدع الألوهية كما ادعاها براهلاد وكل ما تشابه هو الرمى فى النار والخروج بسلامة منها وهو يعتقد أن إبراهيم هو براهلاد لمجرد التشابه فى براه
ويخبرنا العجمى أن لا أحد من اليهود او النصارى أو المسلمين سيصدق كون إبراهيم كان براهمانيا أى هندوسيا حسب التعبير الشهير فيقول :

"كما سيعترض أيضا أصحاب الديانات الأخرى خاصة اليهودية والإسلام على ذلك... فلا يرضون بأن يكون أصله هنديا أو آريا أو حيثيا كما سيرد فى تحليل بعض النصوص السنسكريتية والوقائع التاريخية والمواقع الجغرافية"ص55
وأما أدلة العجمى الأخرى فهى :
التشابه بين اسم ابراهيم واسم براهما وبين اسم زوجة إبراهيم(ص) وهو سارة وهو شىء ليس فى الوحى وبين كون زوجة براهما اسمها سارا سوتى والتشابه بين عبور الشعبين النهر وبين التسمية الشعب المختار أى المجتمع المثالى وفى هذا قال "ومع استمرار اتصال الهمزة ضمن أصوات هذا الاسم العلن تحولت إلى همزة قطع مشكلة مع الفتحة والباء فى العبرية والكسرة والباء فى العربية المقطع الأول من الاسم إبراهيم وفيما يخص زوجة إبراهيم نجده فى السنسكريتية ساراسوتى وفى اللغات السامية له صيغتان ساراى وسارا أو سارة فى العربية....أما الصفة الملازمة لهذا الشعب الذى تقوده هذه الشخصية فهى صفة العبور عبور النهر وبدءا منها تنشأ حالة القداسة ومهمة التكليف بتكوين المجتمع المثالى الذى هو فى حالة بلاد السند مجتمع البراهمة وفى حالة الشرق الأدنى شعب الله المختار...."ص65
وهى أدلة واهية فالتشابه الصوتى لا يلزم منه أن يتواجد الرجل وما ارتبط به فى مكان فى الهند أو فى العراق أو فى الشام
والمفترض أن يكمل العجمى أدلته باسم اسماعيل واسحق وهاجر ولكنه لا يجد شيئا سوى تشابه لبعض أجزاء الأسماء
كما أن عبور النهر موجود فى كثير من الحالات كحالة بنى إسرائيل مع موسى(ص) عند الفرار من فرعون وهذا ثابت كونه فى مصر وليس فى الهند أو السند ولا يوجد دليل من الوحى أن عبور طالوت(ص) النهر كان فى الشام أو العراق كما أن قصة إبراهيم نفسه لا يذكر فيها أى نهر فى القرآن وتسمية العبرانيين حسب العهد القديم طرأت بعد إبراهيم(ص) بقرون
صحف إبراهيم (ص) فى القرآن:
ذكرت فى سورتى النجم والأعلى وقد ذكر نصين من الصحف فقال بسورة النجم:
"أم لم ينبأ بما فى صحف موسى وإبراهيم الذى وفى ألا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزيه الجزاء الأوفى وأن إلى ربك المنتهى وأنه هو أضحك وأبكى وأنه هو أمات وأحيا وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى وأن عليه النشأة الأخرى وأنه هو أغنى وأقنى وأنه هو رب الشعرى وأنه أهلك عادا الأولى وثمودا فما أبقى وقوم نوح من قبل إنهم كانوا أظلم وأطغى والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى "
وقال بسورة الأعلى :
"سيذكر من يخشى ويتجنبها الأشقى الذى يصلى النار الكبرى ثم لا يموت فيها ولا يحيى قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا والأخرة خير وأبقى إن هذا لفى الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى "
هذه النصوص هى التى كان على العجمى أن يستخرج من الفيدا الجمل المشابهة لها كى يكون كلامه صادقا ولكن كتب الفيدا غير المقدسة والتى كتبها بشر باعتراف تلك الكتب لا يوجد فيها شىء من هذا ومعظمها تتكلم عن تعدد الآلهة وعن مغامرات زنى وحروب خداعية ومؤامرات وألوهية المخلوقات حتى براهما نفسه مخلوق وإله وهو إله جاهل كما حكى العجمى فى حكاية العناصر الأربعة
أصل التشابه الحكائى عند الأمم:
حكاية وجود حكايات متشابهة بين الأمم المختلفة شىء طبيعى لأن الوحى الإلهى ذكرت فيه قصص أدم (ص)ونوح(ص) وإبراهيم(ص) وغيرهم ومن ثم نجد حكاية الطوفان موجودة عند الأمم المختلفة ولكن بصيغ مختلفة وكذلك قصة إبراهيم (ص) نفسه فقد ادعى اليهود كونه يهوديا والنصارى ادعوا كونه نصرانيا وجماعات المشركين ومنها الهنادكة أو الهندوس ادعوا كونه هندوكيا وكذلك العديد من الأمم وقد أخبرنا الله بهذا الادعاء فى قوله تعالى :
"ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين"
السبب إذا فى وجود تلك التشابهات فى الحكايا عند الأمم هو أن تلك الحكايا كانت قصصا واحدة الأحداث والأسماء والأماكن وغيرها فى الوحى الإلهى الذى نزل على كل الأمم سابقا كما قال تعالى :
" وإن من أمة إلا خلا فيها نذير"
ومن ثم تم تحريف الوحى الإلهى عند كل أمة بطريقة معينة ولذا اختلفت الأسماء وحتى الأحداث ولكن الحادثة الرئيسية كالطوفان ظلت واحدة
هذا هو التفسير الوحيد لتشابه الحكايات الكبرى فى التاريخ
وقد ناقض العجمى نفسه فى حكاية مانو وهو نوح(ص) عنده فمرة قال أنه من نسل إبراهيم(ص) وهو قوله:
"وفى أحد كتب التراث تروى قصة إقناع مانو بكتابة هذا التشريع حيث طلب كبار الكهنة من مانو وهو من نسل إبراهيم أن يشرح لهم القانون المقدس "ص69
ومرة قال أنه كان قبل إبراهيم(ص) عند الطوفان وفى هذا قال:
"وبعيدا عما يقال عن شخصية مانو ونسبه من أنه ابن الإله وأنه قام بتكليف من فيشنو بعد الطوفان بإعادة البشرية من جديد بعد أن نجا من الفيضان العظيم بسفينة كبيرة وأصبح يطلق عليه أبو البشرية وهو الرمز الذى يقابله نوح فى العهد القديم والقرآن فإن كتابه التشريعى هذا يعد محطة مهمة جدا"ص68
وتحدث العجمى حديثا عاما دون أن يذكر نصوص الفيدا عن التضحية بالابن وعن الحرق بالنار وعن الخلق بالطيور فقال :

"ففى الوقت الذى نجد فيه الأضحية أهم سمات القبول عند إبراهيم فى الفيدا نعرف أن فكرة ذبح الابن ثم إبداله بخروف يذبح للآلهة كان أهم ما يشير إليه فى تاريخ إبراهيم فى كل من العهد القديم والقرآن الكريم كما أن ارتباطه بالنار بوصفها رمزا للعبادة وإحراق القرابين موجود أوصافه فى الفيدا والعهد القديم فى مواضع كثيرة جدا أما حادثة إلقائه فى النار التى ذكرت فى كل من الفيدا والقرآن ...ولا يغيب عن البال ما ورد فى الفيدا عن طريقة الخلق المرتبطة بالطائر ذى الجناحين الجميلين أو بالطائرين اللذين يأكل أحدهما بينما يراقبه الآخر وفى تقريب قصة الخلق فى القرآن يرد أيضا ارتباطهما بالطيور فى مثل " إنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير " أو فى مثل "وإذ قال إبراهيم رب أرنى كيف تحيى الموتى"ص75
وما ذكره الرجل هنا لى لعنق الآيات القرآنية لإحداث تشابه فمثلا الأضحية تقدم فى المعابد الوثنية على الأنصاب لآلهة متعددة عند الفيدا بينما ما فى قصة إبراهيم القرآنية كان افتداء وليس أضحية ولم يكن بخروف وإنما بذبح كبير أى بقرة أو جمل وهما أكبر الأنعام وذبح البقر محرم فى الفيدا والفادى كان الله والفدية لم تكن مقدمة له لأنه من فدى الابن فى القرآن وفى هذا قال تعالى :
"فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزى المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم"
والربط بين حرق القرابين المقدمة للآلهة المزعومة وبين إلقاء إبراهيم(ص) فى النار ليس فيه تشابه لأن حرق إبراهيم (ص) ليس قربانا وإنما هو انتصار أى انتقام للآلهة التى كسرها كما قال القوم " حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين "
وأما حكاية الطائرين أو الجناحين فليس لهما علاقة بقصة طلب إبراهيم(ص) رؤية إحياء الموتى فالمطلوب كان تقطيع أربعة طيور وليس طائر أو اثنين كما أن عيسى (ص) لا علاقة له هو وطيوره الطينية بموضوع إبراهيم(ص)وفى هذا قال تعالى:
"
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس