عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 05-08-2019, 08:08 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,967
إفتراضي

فقوله صلى الله عليه و سلم سددوا وقاربوا واعلموا أن أحدا منكم لن يدخل الجنة بعمله ينفي المعاوضة والمقابلة التي يولد اعتقادها هذه المفاسد وقوله بما كنتم تعملون يثبت السبب الموجب لأن يفعله العبد ولهذا قال بعضهم اعمل وقدر أنك لم تعمل وقال آخر لا بد منك وبك وحدك لا يجيء شيء فلا بد من العمل المأمور به ولا بد من رجاء رحمة الله وعفوه وفضله وشهود العبد لتقصيره ولفقره إلى فضل ربه وإحسان ربه إليه وقد قال سفيان بن عيينة كانوا يقولون ينجون من النار بالعفو ويدخلون الجنة بالرحمة ويتقاسمون المنازل بالأعمال فنبه على أن مقادير الدرجات في الجنه تكون بالأعمال وأن نفس الدخول هو بالرحمة فإن الله قد يدخل الجنة من ينشئه لها في الدار الآخرة بخلاف النار فإنه أقسم أن يملأها من إبليس وأتباعه لكن مع هذا فالعمل الصالح في الدنيا سبب للدخول والدرجة وإن كان الله يدخل الجنة بدون هذا السبب كما يدخل الأبناء تبعا لآبائهم وليس كل ما يحصل بسبب لا يحصل بدونه كالموت الذي يكون بالقتل ويكون بدون القتل ومن فهم أن السبب لا يوجب المسبب بل لا بد أن يضم الله إليه أمورا أخرى وأن يدفع عنه آفات كثيرة وأنه قد يخلق المسبب بدون السبب انفتح له حقيقة الأمر من هذا وغيره والله تعالى أعلم "
فى هذا الكلام وصل ابن تيمية للحقيقة ولكنه لم يحسن التعبير عنها فتضاد الآية والرواية أى تناقضهما واضح والحقيقة هى :
أن العمل سبب دخول الجنة وقد حكم الله أنه يقبل العمل الصالح ويعفو عن السيئات وهى العمل غير المقبول من المسلم بسبب عمل فرضه الله ضمن العمل الصالح وهو الاستغفار أى التوبة كما قال "ومن يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما"وهذه هى الرحمة المتضمنة فى العمل وهو نفس المعنى الذى توصل له ابن تيمية تقريبا حيث قال:
"فلولا عفو الله لهم عن السيئات وتقبله أحسن ما عملوا لما استحقوا ثوابا فتبين بهذا الحديث أنه لا بد من عفو الله وتجاوزه عن العبد وإلا فلو ناقشه على عمله لما استحق به الجزاء قال الله تعالى" أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة سورة الأحقاف"
وقد حاول الرجل أن يشبه الأمر بالنبات فقال:
" فمجرد نزول المطر ليس موجبا للنبات بل لا بد من أن يخلق الله أمورا أخرى ويدفع عنه الآفات المانعة فيربيه بالتراب والشمس والريح ويدفع عنه ما يفسده فالنبات محتاج مع هذا السبب إلى فضل من الله أكبر منه "
وهو تشبيه ليس سليما فالعمل كما قلنا ضمنه الله رحمته بالاستغفار وهو التوبة من الذنوب وهو العفو عن عقاب السيئات بينما النبات ليس متضمن على التراب والهواء وسواهما
وقد أدخلنا ابن تيمية فى مسألة العوض فقال :
"فنفى بهذا الحديث ما قد تتوهمه النفوس من أن الجزاء من الله عز وجل على سبيل المعاوضة والمقابلة فكيف يتصور أن يكون للعبد على الله عوض وهو خلقه وأحدثه وأنعم على العبد به وهل تكون إحدى نعمتيه عوضا عن نعمته الأخرى وهو ينعم بكلتيهما"
وهذا الحديث منه حومان حول المعنى وإن كان لم يوفق فى التعبير فالمسألة ابسط من حكاية العوض والمقبلة فالله هو من شرع الأحكام قبول العمل الصالح والعفو عن السيئات وهو الرحمة إذا استغفر المذنب
كما أدخلنا ابن تيمية فى تشبيه المسألة بعمل الإنسان عند الإنسان وخلاف هذا العمل مع العمل المدخل الجنة وهو أمر لا يمكن الوصول منه للحقيقة التى بسطها لله فى كتابه
عمل مقبول ضمنه الله العفو وهو الرحمة عن العمل السيىء بعمل مقبول من ضمن العمل المقبول وهو الاستغفار أى التوبة
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس