عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 04-04-2008, 02:44 PM   #16
الوافـــــي
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 30,397
إرسال رسالة عبر MSN إلى الوافـــــي
إفتراضي

كتب / أبو عبد الباري عبد الحميد أحمد العربي الجزائري

تسمية المجتمعات الإسلامية القائمة
بالمجتمعات الجاهلية من بدع سيد قطب وأخيه محمد


إنّ إطلاق لفظة (الجاهلية) على المجتمعات الإسلامية القائمة دون تفصيل هو من ابتداع سيد قطب وأخيه محمد قطب المصريين
وقد صارت هذه العبارة أنيس المنحرفين المحترقين عند حديثهم عن دولة من دول الإسلام القائمة، وخاصة منهم رموز رؤوس الإخوان، الذين لا يضبطهم ضابط، ولا يمنعهم نص
بل ما رأيت قوما منفلتين في باب الولاء والبراء مثل هذه الطائفة، يعادون أهل الحديث ويلمزونهم بأقبح العبارات، وفي المقابل نراهم يتوددون ويناصرون الروافض، ويقيمون خيام عزاء على الطريقة الحسينية لرمز من رموز الروافض الهالكة، ويبالغون في الثناء عليه وتمجيده، وإسبال عليه أعلى عبارات المدح، وكأنّهم يتحدثون عن عالم سني جمع بين العلم والسيف، وطهر الأرض من الشرك والضلال، ونشر في ربوع الأمة السنة، فكيف يأمن المسلمون في العالم على حياض القدس الشريف والساعين إلى تحريره هذا هو وصفهم ومبلغهم من العلم؟!.

إن الجاهليةَ جاهليتان:
= جاهلية كفر: كقوله تعالى: ( يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ) [آل عمران: 154].
قال ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره (7/321) تحقيق أحمد شاكر: "(ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ) فإنه يعني أهل الشرك".
قلت: وهو قول قتادة. انظر تفسير الطبري (7/321) تحقيق أحمد شاكر.

= وجاهلية غير كفر: كقوله تعالى: ( قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) [البقرة:67].

وقسّم القاسمي رحمه الله الجاهلية إلى جاهليتين عند تفسيره لسورة الأحزاب [الآية:133]، فقال رحمه الله في محاسن التأويل (13/4849) : (ويجوز أن تكون الجاهلية الأولى جاهلية كفر -قبل الإسلام- والجاهلية الأخرى جاهلية الفسوق والفجور في الإسلام).

لقد فرق العلماء بين الزمان والمكان الذي كان قبل الإسلام، أو لم يدخله دين الله الخالص والمهيمن، وبين الزمان والمكان الذي نوّره الله برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وإن كان ينتشر في ربوعه بعض الكبائر وعالم الشرك.

فأي مجتمع عبد غير الله علانية كعبادة الأصنام أو النار أو الكواكب، أو لم يستجب لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم كاليهود والنصارى وصارت هذه العبادة دينا يعرفون به كاليهودية، والنصرانية، والمجوسية، والهندوسية والبوذية، وغيرها من الأديان الباطلة فهذا مجتمع جاهلي كافر.

وأما المجتمعات الإسلامية التي دخلها الإسلام واستقر في ربوعها، أظهرت توحيد الله تبارك وتعالى ببناء المساجد، وإعلاء كلمة التوحيد عبر المآذن، وصرح حكامها بأن الإسلام دين الدولة، وهو الدين الذي يجب أن تعتنقه الأمة، فهذه مجتمعات إسلامية وإن ظهرت فيها بعض المعاصي والكبائر كالزنا، والربا وشرب الخمر، ونحو ذلك، ونحن ولله الحمد لا ننكر هذه المعاصي وننفيها عن المجتمعات الإسلامية، بل نثبت وجودها ونبغضها في نفس الوقت، ونسعى بعون الله ثم بالعلم والحكمة إلى تحذير المسلمين من خطرها على المجتمع، ونتعاون مع المخلصين إلى إزالتها أو تقليلها، ومع وجود المعاصي في ديار الإسلام فهي مجتمعات إسلامية رغم أنف أهل الباطل.

فعن معرور بن سويد قال: لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حلة وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك فقال:إني ساببت رجلاً فعيرته بأمه فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أبا ذر، أعيرته بأمه، إنك امرؤ فيك جاهلية). أخرجه البخاري (1/84الفتح).

بوّب الإمام البخاري رحمه الله باب: المعاصي من أمر الجاهلية ولا يكفر صاحبها بارتكابها، إلا بالشرك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنّك امرؤ فيك جاهلية).

قال ابن تيمية رحمه الله: (وفيه أن الرجل مع فضله وعلمه ودينه قد تكون فيه بعض هذه الخصال المسماة بجاهلية، ويهودية، ونصرانية، ولا يوجب ذلك كفره ولا فسقه).

وقال كذلك شيخ الإسلام بعدما ذمّ أوصاف الجاهلية، من نيّاحة وفخر في الأنساب واستسقاء بالنجوم وخروج عن طاعة السلطان: (ولفظ الجاهلية قد يكون اسماً لحال، وهو الغالب في الكتاب والسنة، وقد يكون اسماً لذي الحال.

=فمن الأول: قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: (إنّك امرؤ فيك جاهلية)، وقول عمر رضي الله عنهإنّي نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة)، وقول عائشة رضي الله عنها: (كان النكاح في الجاهلية على أربعة أنحاء)، وقولهم: (يا رسول الله كنا في الجاهلية وشر)، أي في حال الجاهلية، أو طريق الجاهلية، أو عادة الجاهلية ونحو ذلك، فإنّ الجاهلية وإن كانت في الأصل صفة، لكنه غلب عليها الاستعمال حتى صار اسماً ومعناه قريب من معنى المصدر.

=وأما الثاني فتقول: طائفة جاهلية، وشاعر جاهلي، وذلك نسبة إلى الجهل الذي هو عدم العلم، أو عدم اتباع العالم، فإن من لم يعلم الحق فهو جاهل جهل بسيطا، فإن المعتقد خلافه فهو جاهل جهلاً مركبا، فإن قال خلاف الحق عالماً بالحق أو غير عالم فهو جاهل أيضاً كما قال تعالى: [وإذا خاطبهم الجاهلون]، [إلى أن قال رحمه الله]فإذا تبين ذلك فالناس قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا في حال جاهلية منسوبة إلى الجهل، فإن ما كانوا عليه من الأقوال والأعمال إنما أحدثه لهم جاهل، وإنما يفعله جاهل، وكذلك كل ما يخالف ما جاءت به المرسلون: من يهودية ونصرانية فهي جاهلية، وتلك كانت الجاهلية العامة، فأما بعد مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم قد تكون في مصر دون مصر كما هي في دار الكفار، وقد تكون في شخص دون شخص، كالرجل قبل أن يسلم فإنه في جاهلية وإن كان في دار الإسلام.

فأما في زمن مطلق: فلا جاهلية بعد مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنّه لا تزال من أمته طائفة ظاهرين على الحق إلى قيام الساعة، والجاهلية المقيدة قد تكون في بعض ديار المسلمين، وفي كثير من الأشخاص المسلمين كما قال صلى الله عليه وسلم
: (أربع في أمتي من أمر الجاهلية) وقال لأبي ذر: (إنّك امرؤ فيك جاهلية) ونحو ذلك أ هـ. انظر الاقتضاء لابن تيمية (1/224ط: العقل).

وخلاصة القول:
إن المجتمع الإسلامي قد تظهر فيه شعبة من شعب الكفر والجاهلية أو أكثر ولا يسمى مجتمعاً جاهلياً.
والمقصود: أن سلب اسم الإسلام عن المجتمعات الإسلامية بمجرد ظهور بعض المعاصي هو قول الخوارج والعياذ بالله.
__________________



للتواصل ( alwafi248@hotmail.com )
{ موضوعات أدرجها الوافـــــي}


الوافـــــي غير متصل   الرد مع إقتباس