عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-03-2010, 11:00 AM   #51
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

ثالثاً: رفض الآخر في الحرب الأهلية اللبنانية (1975ـ 1990)

في حرب دامت أكثر من 15 سنة وتداخلت فيها الأسباب الداخلية بالعوامل الإقليمية والدولية التي ساعدت على تطويل أمدها وتعميق النزاعات فيها، من الصعب جداً تحديد أولوية تلك الأسباب لتجعل منها أساسا علميا للتفسير.

لقد ظهر منهجان في تحليل أسباب الحرب: المنهج الاقتصادي والمنهج النفسي والاجتماعي. والمنهج الاقتصادي يُعيد أصحابه أسباب الحرب الأهلية الى أن المهجرين من القرى والمناطق التي تعرضت الى القصف الصهيوني في جنوب لبنان، قد نزحوا الى ضواحي المدن وبالذات (بيروت) طلباً للأمن والعمل والعلم، وشكلوا (حزام بؤس)، ترافق مع ظهور وانتشار الأفكار الديمقراطية والليبرالية والاشتراكية، وتزايد معه الميول الى إقامة مناطق خاصة بالطائفة والقومية وغيرها، وكان الحراك يبدو وكأنه ينبع من طبقات مسحوقة فلاحية أو فقيرة.


لكن دعاة المنهج النفسي والاجتماعي يؤشرون الى ما يلي:

1ـ إن الطوائف أو المذاهب تشكل وحدات ثقافية ذات امتداد تاريخي قديم ودور مميز في المجتمع اللبناني. وبالتالي، فلهذه الطوائف الحق في إقامة مجتمعها (الخاص) بها وإدارة شؤونها الداخلية عبر (زعمائها) دون تدخل من زعماء الطوائف الأخرى.

2ـ تقاليد وعادات وثقافة كل طائفة، التي تتزاوج فيما بينها، يكرس تكتلها.

3ـ إن ميليشيات كل الطوائف هي بمثابة جيوش لكانتونات تُستخدم عندما تحس بتهديد أمن الطائفة.

4ـ لهشاشة الدولة المركزية التي لا مركزية فيها سوى الاسم، فإن الصراعات الداخلية داخل الطائفة كانت ضحاياه أكثر من صراعاته مع الطوائف الأخرى. فقد خسر (الموارنة) و (الشيعة) من صراعاتهم الداخلية خسائر أكثر بكثير من تلك التي خسروها مع أطراف أخرى.

5ـ تظهر مع ذلك شعارات يطرحها اللبنانيون مجتمعون (لبنان للبنانيين) على غرار مصر للمصريين والجزائر للجزائريين، وهذا الشعار له مدلولاته في نواح معينة.

خاتمة:

لا بد من القول إن النظام السياسي اللبناني المبني على توازنات طوائفية مرحلية وهشة هو، بطبيعته، مولد للأزمات. وإذا كانت الأزمات تعبر عن نفسها بصيغ الاحتجاج، والإحباط، والدعوة الى رفع الغبن، والرغبة في المشاركة الفاعلة في مرحلة السلم، فإن مرحلة الحرب عرت المكبوت الطائفي وفجرت الغرائز الدفينة.

إن لبنان بحاجة الى نظام جديد يستند الى قراءة معمقة لأحداث الماضي واستخراج الدروس والعبر منها. والدولة القادرة على صهر اللبنانيين في بوتقة الوحدة الوطنية .
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس