الموضوع: الكناية
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 20-06-2009, 12:40 AM   #1
نورالدين بوصاع
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: سكيكدة- الجزائر-
المشاركات: 46
Lightbulb الكناية

الكناية لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادة معناه حينئذ كقولك: فلان طويل النجاد. أي طويل القامة، وفلانة نؤوم الضحى. أي مرفهة مخدومة غير محتاجة إلى السعي بنفسها في
إصلاح المهمات، وذلك أن وقت الضحى وقت سعي نساء العرب في أمر المعاش وكفاية
أسبابه وتحصيل ما يحتاج إليه في تهيئة المتناولات وتدبير إصلاحها فلا تنام فيه من نسائهم
إلا من تكون لها خدم ينوبون عنها في السعي لذلك ولا يمتنع أن يراد مع ذلك طول النجاد
والنوم في الضحى من غير تأويل فالفرق بينهما وبين المجاز من هذا الوجه أي من جهة إرادة المعنى مع إرادة لازمة، فإن المجاز ينافي ذلك فلا يصح في نحو قولك: في الحمام أسد، أن تريد معنى الأسد من غير تأول لأن المجاز ملزوم قرينة معاندة لإرادة الحقيقة كما عرفت وملزوم معاند الشيء معاند لذلك الشيء.
وفرق السكاكي وغيره بينهما بوجه آخر أيضاً وهو أن مبنى الكناية على الانتقال من اللازم إلى الملزوم ومبنى المجاز على الانتقال من الملزوم إلى اللازم وفيه نظر، لأن اللازم ما لم
يكن ملزوماً يمتنع أن ينتقل منه إلى الملزوم فيكون الانتقال حينئذ من الملزوم إلى اللازم، ولو
قيل اللزوم من الطرفين من خواص الكناية دون المجاز أو شرط لها دونه اندفع هذا
الاعتراض لكن اتجه منع الاختصاص والاشتراط.
ثم الكناية ثلاثة أقسام لأن المطلوب بها إما غير صفة ولا نسبة أو صفة أو نسبة والمراد
الصفة المعنوية كالجود والكرم والشجاعة وأمثالها لا النعت الأولى المطلوب بها غير صفة
ولا نسبة فمنها ما هو معنى واحد كقولنا المضياف، كناية عن زيد. ومنه قوله كناية عن
القلب
الضاربين بكل أبيض مخذم والطاعنين مجامع الأضغان
ونحوه قول البحتري في قصيدته التي يذكر فيها قتله الذئب:
فأتبعتها أخرى فأضللت نصلها بحيث يكون اللب والرعب والحقد
فقوله بحيث يكون اللب والرعب والحقد ثلاث كنايات لا كناية واحدة لاستقلال كل واحد
منها فإفادة المقصود ومنها ما هو مجموع معان كقولنا كناية عن الإنسان حي مستوي القامة
عريض الأظفار وشرط كل واحد منهما أن تكون مختصة بالمكنى عنه لا تتعداه ليحصل
الانتقال منها إليه، وجعل السكاكي الأولى قريبة والثانية بعيدة وفيه نظر.
الثانية المطلوب بها صفة وهي ضربان قريبة وبعيدة، القريبة ما ينتقل منها إلى المطلوب بها
لا بواسطة وهي إما واضحة كقولهم كناية عن طويل القامة طويل نجاده وطويل النجاد
والفرق بينهما أن الأول كناية ساذجة والثاني كناية مشتملة على تصريح ما لتضمن الصفة فيه ضمير الموصوف بخلاف الأول. ومنها قول الحماسي:
أبت الروادف والثدي لقمصها مس البطون وأن تمس ظهورا
وأما خفية كقولهم كناية عن الأبله عريض القفا فإن عرض القفا وعظم الرأس إذا أفرط
فيما يقال دليل الغباوة ألا ترى قول طرفة بن العبد:
أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه خشاش كرأس الحية المتوقد
والبعيدة ما ينتقل منها إلى المطلوب بها بواسطة كقولهم كناية عن الأبله عريض الوسادة فإنه
ينتقل من عرض الوسادة إلى عرض القفا ومنه إلى المقصود، وقد جعله السكاكي من القرينة
على أنه كناية عن عرض القفا وفيه نظر، وكقولهم كثير الرماد كناية عن المضياف فإنه ينتقل من كثرة الرماد إلى كثرة إحراق الحطب تحت القدور، ومنها إلى كثرة الطبائخ، ومنها إلى كثرة الآكلة، ومنها إلى كثرة الضيفان، ومنها المقصود إلى
نورالدين بوصاع غير متصل   الرد مع إقتباس