عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 04-11-2019, 09:18 PM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,950
إفتراضي

"ومن تتبّع كلام الغويّ الجوزجاني وابن قايماز التركماني وأضرابهما من ألدّاء النواصب أذعن لما قلنا، أمّا فضائل خصومهم التي ما أنزل الله بها من سلطان فلا ترى فيها شيئاً من ذلك التشدّد المقيت"
" إنّ هذه حيلة احتالها النواصب ـ أعداء الله وأعداء رسوله (ص)ـ لردّ أحاديث الفضائل والمناقب الواردة في عليّ وعترته الزكيّة، فزعموا أنّ راويها إذا كان متشيِّعاً فإنّ حديثه مردود"
والآن أترككم مع نص الكتاب فربما كان بعضكم أدرى منى فيكتب من الملاحظات ما لم ألاحظه:
"المقام الأوّل:
في الكلام على سنده فنقول، وبالله تعالى التوفيق:
قال المناوي في التيسير بشرح الجامع الصغير: إسناده ضعيف، وكذا قال العزيزي في السراج المنير وكأنّهما قلّدا في ذلك الحافظ جلال الدين السيوطي في الجامع الصغير حيث رمز لضعف الحديث وقال السندروسي في الكشف الألهي: سنده واهٍ؛ وأخذه الألباني وزاد عليه قوله: جدّاً
قلت:
لم يتّهموا من رجال الإسناد ـ في ما وقفت عليه من كلامهم ـ الأ الحسن بن صابر، وأعلّوا الحديث به، وجعلوا الآفة فيه منه، ومعوَّلهم في ذلك كلام ابن حبّان فيه، فلنذكره ولنبيّن زيفه بحول الله وقوّته
قال في كتاب المجروحين: الحسن بن صابر الكسائي من أهل الكوفة، يروي عن وكيع بن الجرّاح وأهل بلده، روى عنه العراقيّون، منكَر الرواية جدّاً عن الأثبات، ممّن يأتي بالمتون الواهية عن الثقات بأسانيد متّصلة "ثمّ ساق له حديثاً مرفوعاً عن وكيع، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة وقال الذهبي بترجمته في ميزان الاعتدال: الحسن بن صابر الكسائي عن وكيع، قال ابن حبان: منكَر الحديث " ولم يتكلَّم فيه أحد من أئمّة الجرح والتعديل سوى ابن حبّان، ولم يُترجَم في غير كتابه، وأمّا الذهبي فإنّه مقلّد له في ذلك، فلا اعتداد بكلامه ومع ذلك فإنّ جرح ابن حبّان للكسائي مردود من وجوه:

الأوّل: أنّ ابن حبّان ـ هو نفسه ـ متَّهم مجروح، بل رُمي بالعظائم، ومن قلّة حيائه وعدم تعظيمه لحرمة رسول الله (ص)تكلّمه في عليّ بن موسى الرضا ، وقوله: إنّه يروي عن أبيه العجائب كأنّه كان يَهِم ويخطىَ ـ كما حكاه أبو سعد السمعاني في الأنساب وعلى من لا يحترم العترة الطاهرة من الله ما يستحقّه وحكى الذهبي بترجمته في (الميزان) و (التذكرة) عن أبي عمرو ابن الصلاح في طبقات الشافعيّة أنّه قال: غلط الغلط الفاحش في تصرّفاته قال الذهبي: صدق أبو عمرو، له أوهام يتبع بعضها بعضاً "
قلت:
وسيأتي ـ بعد هذا إن شاء الله ـ ذكر جملة من أوهامه في نقد الرجال
ومَن كان هذا حاله كيف يعوِّل اللبيب على كلامٍ انفرد به، ولا متابع له عليه الأ من اغترّ به؟!فتنبّه ـ يرحمك الله ـ

الثاني: أنّ الجهابذة النقّاد، وأئمّة الرجال والإسناد قد تكلَّموا في جرح ابن حبّان للرواة، وبيّنوا غلطه في كثير من أحكامه، فلنسرد هنا نتفاً من ذلك، لينجلي لك وَهْيُ كلامه، وينكشف خطؤه في حكمه وإبرامه، ولتذعن بصدق ما ادّعيْناه، ولا حول ولا قوّة إلا بالله فمنها: قوله في أفلح بن سعيد ـ أبي محمّد المدني ـ: يروي عن الثقات الموضوعات، لا يحلّ الاحتجاج به، ولا الرواية عنه بحال "وأفلح هذا احتجّ به مسلم والنسائي، ووثّقه ابن معين وابن سعد وتنزّل الذهبي في ميزان الاعتدال للردّ عليه، فقال: ربما قصّب الثقة حتّى كأنّه لا يدري ما يخرج من رأسه "ومنها: قوله في سويد بن عمرو الكلبي: كان يقلب الأسانيد، ويضع على الأسانيد الصحاح المتون الواهية "
وردّه الذهبي في (الميزان) فقال: أسرف واجترأ وقال الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب: أفحش ابن حبّان القول فيه، ولم يأتِ بدليل
وقد احتجّ به مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة، ووثّقه ابن معين
والنسائي والعجلي ومنها: طعنه في عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي، وقد احتجّ به أبو داود والنسائي وابن ماجة، ووثّقه ابن معين وابن شاهين
قال الذهبي في ميزان الاعتدال: وأمّا ابن حبّان فإنّه يقعقع كعادته، فقال فيه: يروي عن قوم ضعفاء أشياء يدلِّسها عن الثقات، حتّى إذا سمعها المستمع لم يشكّ في وضعها، فلمّا كثر ذلك في أخباره أُلزقت به تلك الموضوعات، وحمل الناس عليه في الجرح، فلا يجوز عندي الاحتجاج بروايته كلّها بحال "وتعقّبه الذهبي بأنّه لم يروِ في ترجمته شيئاً، ولو كان عنده له شيء موضوع لأسرع بإحضاره قال: وما علمتُ أنّ أحداً قال في عثمان بن عبد الرحمن هذا: إنّه يدلِّس عن الهلكى، إنّما قالوا: يأتي عنهم بمناكير، والكلام في الرجال لا يجوز الأ لتامّ المعرفة تامّ الورع "

قلت:
أمعِن نظر الأنصاف والتحقيق في هذا الحرف الأخير من كلامه، وليته بادر للردّ على ابن حبّان ـ في ترجمة ابن صابر ـ بمثل هذا، بل بأقلّ منه، مع أنّ القدح فيه أخفّ وأيسر من جرح الطرائفي، لكن هيهات أن تطاوعه نفسه على ذلك، بل أقرّ ابن حبّان على جرحه المجروح لكون الرجل روى حديث الباب، وتلك (شنشنة أعرفها من أخزم) بل ظنّي أنّ الكسائي لو كان يسلم من طعن ابن حبّان لَما كان يسلم من لسان ذلك الشامي الخبيث، الذي يغيظ ويستشيط ويأخذه الزَمَع إذا مرّ على منقبة من مناقب الأمام عليّ أمير المؤمنين ، وأهل البيت الطيّبين الطاهرين الكرام (قل موتوا بغيظكم إنّ الله عليمٌ بذات الصدور)ومن سرح نظره في تراجم رواة الفضائل من (الطبقات) و(الميزان) لشاهد بالعيان كيف يُجنّ الذهبي ويأخذ في وصم الرجل وطعنه وسبّه من غير ذنبٍ، عدا روايته الفضائل والمناقب، نسأل الله السلامة من مخازي النواصب
ومنها: قوله في محمّد بن الفضل السدوسي ـ المعروف بعارِم ـ شيخ البخاري، وقد احتجّ به الستّة ووثّقه أبو حاتم والنسائي والدارقطني والذهلي والعجلي، وروى عنه البخاري أكثر من مائة حديث، كما حكاه الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب عن (الزهرة) ـ: اختلط في آخر عمره وتغيَّر حتّى كان لا يدري ما يحدّث به، فوقع في حديثه المناكير الكثيرة، فيجب التنكّب عن حديثه في ما رواه المتأخّرون، فإن لم يعلم هذا من هذا تُرك الكُلّ، ولا يحتجّ بشيء منها "وتعقّبه الذهبي فقال: لم يقدر ابن حبّان أن يسوق له حديثاً منكَراً، فأين ما زعم؟!
وقال أيضاً ـ بعد ذكر توثيقه عن الدارقطني ـ: فهذا قول حافظ العصر الذي لم يأتِ بعد النسائي مثله، فأين هذا القول من قول ابن حبّان الخسّاف المتهوّر؟

قلت:
فعُلم من هذا أنّ ابن حبّان قد يطلق القول في الراوي من دون مستند، فكيف يقبل جرحه للرواة؟!وإذا تأمّلت ما سُقناه لك هنا لا أراك تتوقّف في ردّ كلامه في الحسن ابن صابر، لا سيّما وأنّه متّهم في مثل هذا الكوفيّ، لاَنّه روى حديثاً في فضل ذِكر أمير المؤمنين الأمام عليٍّ ، وابن حبّان وأضرابه ممّن لا يطيبون نفساً بسماع ذلك، ولا يطيقون السكوت عليه ـ كما ستعرف إن شاء الله تعالى ـ

الثالث: أنّ ابن حبّان له أوهام كثيرة يتبع بعضها بعضاً ـ كما قال الذهبيّ ـ، فيذكر الرجل في المجروحين ثمّ يذكره في الثقات، وهذا تناقض بيِّن، وتسامح غير هيِّن، فلذا أوجبت كثرة أوهامه سقوط كلامه!
فمن ذلك: ذكره دهثم بن قُرّان في الكتابين، قال الذهبيّ في (الميزان)
فذكره في الثقات فأساء، وقد ذكره أيضاً في الضعفاء فأجاد
ومن ذلك: ذكره زياد بن عبد الله النميريّ في المجروحين والثقات، قال الذهبي: فهذا تناقض ومن ذلك: ذكره عبد الرحمن بن ثابت بن الصامت في كتابيه،قال الذهبي: قال ابن حبّان: فحش خلافه للاَثبات فاستحقّ الترك، وذكره أيضاً في الثقات، فتساقط قولاه
ومن غرائب أوهامه ما ذكره في ترجمة بشر بن شعيب بن أبي حمزة الحمصي، قال الحافظ ابن حجر: قال ابن حبّان في كتاب الثقات: «كان متقناً» ثمّ غفل غفلة شديدة فذكره في الضعفاء، وروى عن البخاري أنّه قال: تركناه قال ابن حجر: وهذا خطأ من ابن حبّان: نشأ عن حذفٍ؛ وذلك أنّ البخاريّ إنّما قال في تاريخه: «تركناه حيّاً سنة اثنتي عشرة» فسقط من نسخة ابن حبّان لفظة «حيّاً» فتغيَّر المعنى
الرابع: أنّ ابن حبّان من المتعنّتين المشّدّدين الّذين يجرحون الراوي بأدنى جرح، ويطلقون عليه ما لا ينبغي إطلاقه عند أُولي الألباب، كأبي حاتم والنسائي وابن معين وابن القطّان ويحيى القطّان وغيرهم، فإنّهم معروفون بالإسراف في الجرح والتعنّت فيه ومن كان من الجارحين هذا ديدنه فإنّ توثيقه معتبر، وجرحه مردود، إلا إذا وافقه غيره ممّن يُنْصف ويُعتبَر ـ كما قال أبو الحسنات عبد الحيّ اللكنوي في الرفع والتكميل
قلت:

ولم يوافق ابن حبّان على جرحه الحسن بن صابر أحدٌ ـ ولله الحمد ـممّن يُنْصف ويُعتبَر وقال أيضاً: لا يحلّ لك أن تأخذ بقول كلّ جارحٍ في أيّ راوٍ كان، وإن كان ذلك الجارح من الأئمّة، أو من مشهوري علماء الأمّة، فكثيراً ما يوجد أمر يكون مانعاً من قبول جرحه، وحينئذٍ يحكم بردّ جرحه "وقال في الأجوبة الفاضلة: ابن حبّان له مبالغة في الجرح في بعض المواضع
قلت:
حسبك شهادة هذا الخرّيت المتضلّع والناقد المضطلع دليلاً على ردّ جرح ابن حبّان وأمثاله من المتعنّتين المشّدّدين، كيف لا (وشهد شاهدٌ من أهلها)
الخامس: أن يقال: إنّ وصف ابن صابر بكونه «منكَر الحديث» ماذا أراد به؟فإن عنى أنّه روى حديثاً واحداً، فهذا غلط فاحش، لاَنّ ابن حبّان نفسه روى له في كتاب المجروحين حديثاً آخر غير حديث الترجمة ـ كما مرّ ـ بل ظاهر قوله: «إنّه يروي عن أهل بلده» يعني الكوفة، يقتضي تعدّد أحاديثه، فتدبّر وإنْ قصد بقوله: «منكَر الحديث» أنّه لا تحلّ الرواية عنه ـ كما حكي عن البخاري ـ فإنّ ذلك جرح مبهم، يُردّ عليه، إذ لا يعرف للحسن بن صابر ما يوجب ردّ حديثه جملةً، بل لو صرّح ابن حبّان بذلك لم يؤخذ به، فقد رُدّ عليه مثله ـ كما مرّ آنفاً ـ وإنْ أراد بذلك الفردَ الذي لا متابع له ـ كما أطلقه أحمد بن حنبل ـ فإنّه منقوض بمتابعة غيره له ـ كما سيأتي إن شاء الله تعالى ـ على أنّه لا يلزم من روايته المناكير ـ لو سُلّم ـ أن يكون ممّن لا يُحتجّ به، كما قال الذهبي بترجمة أحمد بن عتاب المروزي من (الميزان): ما كلّ من روى المناكير يضعّف

وقال شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: لو كان من روى شيئاً منكَراً استحقّ أن يُذكر في الضعفاء لَما سلم من المحدّثين أحد، لا سيّما المكثر منهم "وقال ابن دقيق العيد: قولهم: «روى مناكير» لا يقتضي بمجرّده ترك روايته، حتّى تكثر المناكير في روايته "
قلت:
وأنّى لابن حبّان إثبات ذلك في حقّ الكسائي، ومنه تعرف أنّ رميه الرجل بنكارة الحديث فيه تساهل، بل هو منكَر من القول وزور، فلا ينبغي أن يعرّج عليه، ولا يركن إليه
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس