عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 07-05-2009, 02:26 PM   #34
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الخامس والعشرون: اليهود والعرب: صورة الآخر وآثار المرآة ..

تقديم: ريجين عزرية : باحثة بالمركز الوطني للبحث العلمي cnrc باريس .

مقدمة:

تنبثق صورة الآخر عند كل من العربي واليهودي من تشابك علاقات معقدة تتداخل في طياتها الأسطورة والتاريخ مع الأحداث الراهنة النازلة بثقلها الآن، تداخلا لا فكاك منه وصل الى حد الإيحاء بأن اليهود والعرب في قبضة ضرب من ضروب القدر المحتوم، فقضي عليهما بملاقاة الآخر أبد الدهر.

ينتمي العرب واليهود الى ذرية منحدرة من ابراهيم الخليل، وأمين متضارتين (سارة وهاجر)، ويبدو النزاع فيما بينهما أحيانا وكأنه حول شرعية نسب الأبوة، أو تدخل طرف ثالث وهو الله في تعزيز تلك الشرعية فالله عز وجل خاطب بني إسرائيل أنه فضلهم على العالمين كما خاطب العرب الذين حملوا لواء الإسلام بأنهم خير أمة أخرجت للناس.

لننظر كيف صاغ الغرب صوره عن اليهودي وعن العربي:

أولا: لليهودي والعربي صور كثيرة

1ـ في التمثلات الغربية

يشترط لفظ (غرب) أن يفهم ههنا بمدلوله الديني، أي الغرب المسيحي، وفي مدلوله الشائع نسبةً الى مفهوم الحداثة.

الخصومة بين الغرب واليهود تعود الى عصر أثينا المزدهر، أما في أيامنا الراهنة، فإن ما حدث، وإن كانت اليهودية والمسيحية تعتبران فرعان لمنبت واحد هو العبرية، إلا أن اليهودية أصرت على ثالوث الانعزال ( الشعب ـ الأرض ـ الشريعة)، في حين تخلت المسيحية عن ذلك ونزلت الى العالم التحتاني لتحقيق رسالتها شعبيا بما يرضي الله.

أما فيما يتصل الأمر بصورة العربي في التمثلات الغربية، فإن فيه مشهدان: الأول عندما فرض العرب (المسلمون) سلطانهم على الغرب المسيحي، والمشهد الثاني عند ازدهار العصر الكولونيالي (الاستعماري) الغربي، عندما حاول الغرب طمس آثار المسلمين ومحو تأثيرهم في التراث العالمي، إلا فيما ندر من إبقاء بعض آثارهم الرائعة في غرناطة، أو الإشارة الخجولة لعظما علماء العرب المتبحرين الذي لا انفكاك من ذكر أثرهم في التطور الحضاري العالمي.

2ـ في التمثلات اليهودية والعربية

إذا كان احتكاك الغرب بالعرب هو احتكاك عدائي ومؤقت في نفس الوقت، وأن صورة الآخر عند الطرفين قد تم تكوينها على استعجال وعن بعد، فإن المسألة عند اليهود واختلاطهم بالعرب مختلفة. فاليهود أصلا من منشأ يعود للمنطقة العربية، فالحنين للماضي وألوانه وروائحه وموسيقاه ومذاق مأكولاته يلف كيان اليهود الذين عاشوا في مناطق تمتد من اليمن والبحرين لتصل الى المغرب، ولكنه حنين مخلوط بكراهية تاريخية. في حين أن اليهود الذين تنحدر أصولهم العميقة الى الغرب وبالذات روسيا وبولندا وهم الذين باشروا في إقامة المستوطنات في فلسطين عند بداية المشروع الصهيوني، لم تكن صورهم واقعية بل صور تم تشكيلها تثقيفيا ودعائيا.

ثانيا: العرب والإبادة الجماعية

1ـ قبل حرب حزيران/يونيو 1967: شبح الإبادة

نتيجة لما آل إليه وضع اليهود بعد الحرب العالمية الثانية من إبادة وعنف على يد الألمان، ونتيجة لما كان يحظى به (هتلر) من تأييد عربي علني وسري (رشيد عالي الكيلاني في العراق) وابتهاج الصفوة العربية بما كان يمارسه هتلر ضد اليهود، ونتيجة للخطاب العربي الذي سبق عام 1967 بالتهديد برمي اليهود بالبحر، نتيجة لكل ذلك قام الغرب بتأييد لليهود لتحقيق ما يلي:
أ ـ تبرئة نفسه تجاه اليهودي، مكتشفا فيه الإنسان ذا الأنفة الذي أصبح عليه.
ب ـ تنزيه نفسه عن خطيئة معاداة السامية وإلصاقها بالعرب.
ج ـ نعت العربي بالمحرض على العنف والاضطرابات وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

2 ـ بداية الحرب 1967: ازدواج الاستخدام المصطنع للإبادة العرقية.

منذ حرب 1967 ولغاية الآن تم تبادل الصور بطريقة أثرت على وقع الأحداث على المراقب العادي عالميا، فبعد خطابات عبد الناصر النارية المهددة لليهود وخطابات احمد الشقيري وأغاني أم كلثوم وعبد الوهاب وامتلاء الفضاء العربي بجو مفعم بالعدوان، استغل اليهود ذلك المشهد ليعيدوا صورة (داوود وجالوت) كم فئة قليلة غلبت فئة كثيرة. فصوروا للغرب أنهم أمام تهديد سيحدد مصيرهم في الحياة.

وبعد 1967، قلب الفلسطينيون تلك الصورة بالانتفاضة ليقولوا للعالم نحن أمام (جالوت الطاغية) ونحن داوود وفئته القليلة.

ثالثا: الشتات ورابطة الأرض والفضاء

في أوروبا الغربية يتشابه وضع اليهود والعرب، بكونهم مهاجرين حديثين في عدة أوجه، توحي تلك الأوجه لأول وهلة أن الطرفين سيكونان على تفاهم في تماثل أوضاعهما:

1ـ الأقلية

يشكل اليهود والعرب في أوروبا أقلية طائفية، أو أقلية عرقية دينية. لكن اليهود استطاعوا التواجد في كل شرائح المجتمع، باستثناء الريف، في حين يعيش العرب والمغاربة على وجه الخصوص ظروفا صعبة تتعلق باعتبارهم أيدي عاملة رخيصة ومهمشة في نفس الوقت.

2ـ الوسم

في نهاية القرن التاسع عشر، عندما تتابعت الهجرات اليهودية من روسيا وأوروبا الشرقية الى أوروبا الغربية، كانت الثقافة الأوروبية متهيأة لوسمهم بأسوأ العبارات، فنعتوهم بالبرابرة الغزاة والقذرون وأصبحوا مثار للسخرية بسبب ملابسهم ولغتهم القبيحة ومظهرهم المزري.

اليوم، يمارس الغرب الأوروبي نفس الطقوس التقييمية تجاه العرب والمسلمين، في حين خفت حدة نظرتهم تجاه اليهود، الذين استطاعوا تثبيت أقدامهم لاتقاء مثل تلك الممارسات.

3ـ التشتيت

تحاول الكاتبة هنا، أن تصل الى ما أسمته (نظريتها) وهي أن كل الأقوام المبعثرة والمشتتة لا بد أن تعود الى منشأها، وهي وإن حاولت في كل ذلك البحث أن تظهر بمظهر المحايد إلا أن استنتاجها هنا في الوصول لتلك النظرية التي نسبتها لنفسها أن تبين انحيازها لجانب اليهود. (حاولت أن أجد تعريفا لتلك الكاتبة غير المذكور في الكتاب لكني أخفقت)

فتقول: إذا كان يهود روسيا وبولندا لا يستطيعون العودة الى بلدانهم، فإن المنشأ الأصلي الذي يستوجب العودة إليه هو (فلسطين)!

ثم تذهب الى العرب والمسلمين في أوروبا، فتقول أن هؤلاء لا يمكن دمجهم بالمجتمعات الأوروبية وبنفس الوقت يستطيعون العودة الى بلدانهم الأصلية وهي موجودة (البلدان العربية) فلماذا لا يعودون؟؟؟






__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس