عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-11-2009, 08:27 PM   #483
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

ثم تطل الفلسفة برأسها لتختصر وضع الإنسان العربي في جملة بسيطة سريعة :



كائنٌ أنا غير كائن


إذ تغدو كينونة الإنسان العربي غير متحققة ولعله بذلك يقترب مما كتبه السياب رحمه الله في أنشودة المطر


إن خان معنى أن يكون


فكيف يمكن أن يكون ؟


وكلمتا كائن بهما جناس كامل ، فالأولى كائن حيّ والثانية كائن أي له كينونة .


ويصل المبدع بالرحلة إلى قرب النهايات إذ يبدو وكأنه قد أرهقه الحديث فيقول (الخلاصة) أو كما نقول بالعامية(من الآخر):


قضيّتى ...
طبق ذهبي فارغ
على مائدةٍ فضّيّةٍ
لا يجلسُ عليها أحد



ذلك الطبق الذهبي هو التاريخ والمائدة تعبر عن المستقبل وربما يكون متعمدًا السخرية بالحال التي عليها الإنسان العربي


إذ لديه جميع المقومات الطبق(القومية\الديانة) والمائدة الفضية(الإمكانيات المادية) لكنهما فارغان لاشيء فيهما !!


وتأتي النهاية على درجة من العنف لتعيد الإنسان العربي الذي كان في أعالي القمر حالمًا يتلقى صفعة عظيمة عند وقوعه على أرض الحقيقة :



فلتصلوا بصحرائكم الكبرى
ولتدعوا
رَحمَ اللهُ خيولاً عربية ً...
كانت هنا



لقد استخدم مبدعنا العزيز لفظة الصحراء ليعيد بنا إلى أصالة هذا الإنسان العربي العظيم ، ولينعي حاله الكرب ، أو يؤكد مرة أخرى على هذه الشخصية المتخلفة التي لم


يبق منها غير الصحراء (وليتها تبقى) وليعود الإنسان العربي لكن في حلم أكثر واقعية (رحم الله خيولاً عربية كانت هنا) ذلك المجد السامق الذي عاشته حضارات الدنيا


على أيادي وأقدام هؤلاء الفرسان وعظماء التاريخ (عمر ،خالد ،عمرو ، صلاح الدين ،طارق بن زياد.....إلخ) والقافلة تمضي ولتكون الصحراء هي ختام المشهد الرائع ، كأنها كاميرا المخرج تجعل هذه الصورة في النهاية ليبحث المشاهد عما وراءها من دلالات .


إنه عمل يتسم بديناميكية هائلة تتمثل في الانتقال من المشاهد المختلفة ، البحر فالجو فالأرض ، ضياع الألوان ، رقص الأحر ف والكلمات ،الفضة والذهب ، والصحراء.


إن هذا المزيج الذي عاشه القارئ يدل على هذه الخصوبة الفكرية التي يتسم بها الإنسان المبدع العربي والتي لطالما أنهكته الآلام وأثخنته الجراح فجعلته يبدع صراخًا


وحزناً ودمعًا بالأحرف . والملاحظ على العنوان أنه غالبًا مستمد من ظاهرة قديمة إذ كان الأفراد يرسلون رسائلهم عبر البحر في زجاجات مغلقة ليعبروا فيها عن طلب النجدة .وهنا يأتي العنوان ليعبر عن هذه الاستغاثة وليلفظ آخر أحرفه ، عسى أن يجد مجيبًا !


عمل أكثر بألف مرة من كلمة رائع ، دمت مبدعًا بما تعنيه الكلمة من معنى فُصِّل عليك ، وفقك الله ولا تحرمنا مزيد عطاياك .
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس