عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 09-11-2009, 08:13 AM   #486
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

ويأتي الاستخدام العكسي للفعل ليدل على حقيقة
المعنى المراد حينما يكون الإعداد للغياب . إن الغياب
ها هنا يتخذ معنى عكسيًا وهو الحضور في القلب ،
الحضور في التاريخ ، البقاء في سجل الشجاعة والطُهر
لذلك يكتسب الغياب معنى أجمل وهو العرس من خلال
الإعداد .
وفي ذلك العرس تغدو الأسماء كالذهب المنثور لذلك
كان استخدام المبدع لفظة ينثرون أسماءهم مقصودًا
به أنهم ينثرون الذهب-أسماءهم الذهبية في سجل
التاريخ .
وإذا كان المبدع له فلسفته الخاصة في كل شيء يدور حوله،فإن
مبدعنا العزيز قد اتخذ من شكل الشمس فلسفة مغايرة للتعبير
عن هذا التفاني في الكفاح وإهمال معنى الحياة .
فقد غدا هؤلاء يلعبون كرة الشمس ، لقد غدت الشمس \النور\الأمل
من مصطلحات معجماتهم التي تتخللهم في أدق تفاصيل حياتهم ،حتى
إنها بالنسبة لهم صارت كالكرة .
شباب مختلف كرتهم الشمس ،وملاعبهم الميدان ..إن تضاؤل معنى
الحياة وكذلك المجد والقدرة على بلوغ القمة هي المراد من هذا التشبيه
كرة الشمس ، وكما أن حليب النجوم لدى نزار قباني تعبير عن نفس المعنى
إلاأن هذا التعبير تكمن قوته في هذه القدرة الهائلة على تحمل وهج الشمس،وشدة
قيظها حتى غدت لهم كرة . إنهم شباب قد صنعوا بالحقيقة معنى المحال.وهذا التعبير
يختصر أبياتًا كالتي قالها شوقي رحمه الله :
شباب إذ انامت عيون فإننا
بكرنا بكور الطير نستقبل الفجرا
شباب نزلنا حومة المجد والوغى
ومن يغدو للنصر ينتزع النصرا
...وتأتي التعبيرات ذات الطبائع المستقاة من الطبيعة لتعطي معنى الليل
لهم إذ هم لهم أنثى غير البنات التي يأكلون غزلها (تغزّلها ) وإنما جاءت التعبيرات
لتعبر عن عشق طفولي للموت يبرِز براءة هذه الأحلام الاستشهادية ، ذلك الحب
للموت الذي جعلهم يرون الليل طفلة يمشطون جدائلها وكذلك تنزاح المعاني
التقليدية ليكون القمر ذلك الحب والجمال هو مبتغاهم .
إن نظرة في هذه الكلمات الأخيرة تجعلنا واقفين مذهولين أمام امتداد الموت
ليكون شمسًا للنهار وقمرًا لليل وهذا يدل على استغراق فكرة الموت والفداء
حتى يكون صبحهم موتًا وليلهم موتًا كذلك . ثم الوضوء بالسحاب ، إنها النهاية
التي لابد منها وهي ذات طابع مشهدي جميل إذ يأتي المطر ليغسل أرواحهم
أو أجسادهم وليبقوا في آخر مظهر للطهر ذلك الموت الذي يغدوالعرس -الطفلة ..ببهجة
غير تقليدية .
وكما وعدت فإن الذي نلاحظه في هذا النص هو أنه تام التجرد إذ يتغنى بأمجاد الفدائيين
في كل عصر وزمان ومكان ويعطيه هذا التناول إنسانية وبقاء غير محدودَين ، ولتصلح هذه
الأسطر أن يتخذها كل فدائي من أي لون جنس عرق دين شعارًا له ووشاحًا على صدره،وهذا
التحقيق لمعنى من معاني الأدب وهي الشمول من أبرز وأجل غايات الأدب وهي تحقيق وحدة
الشعور الإنساني .
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس