عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-04-2008, 06:39 PM   #25
اليمامة
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية لـ اليمامة
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
الإقامة: بعد الأذان
المشاركات: 11,171
إفتراضي

الحوار البنَّاء

ترتبط العلاقات الشخصية بين الأفراد بفرضيات ومسلمات ضمنية أو واعية عن طبيعة مشاعر كل منهم نحو الآخر . وفي حين أن مشاعرنا تجاه الآخرين تُشكل أساساً منطقياً لبناء واستمرار العلاقة معهم ، فإن افتراضاتنا عن مشاعر الآخرين نحونا يجب أخذها بكثير من الحرص ، حيث أنها قد تكون خاطئة . ذلك أنه لا يمكننا الوصول إلى أعماق الآخرين للتأكد بدقة من طبيعة مشاعرهم.

إن أفضل السبل للتأكد من فرضياتنا عن مشاعر الآخرين تجاهنا وإزالة اللبس الذي قد يرتبط بها هو الحوار البناء . إلا أن هناك عوائق رئيسة قد تقف في سبيل هذا الحوار ، أهمها مفهومنا القاصر أحياناً عن عزة النفس .. وغلبة العناد .. وسوء الظن بالآخرين.

لي صديق جمعتني به صداقة حميمة تخللتها العديد من ساعات الصفاء والسعادة كما تخللتها العديد من الخلافات على مدى عدة سنوات ، ارتبطت أغلبها بشكوك كل منا في مدى تقدير الآخر له ومدى حاجته إلى صداقته . ومن حسن الحظ فإن عمق صداقتنا وتوخي الحكمة ، قد حال بأمر الله دون انهيار صداقة لا يمكن تكرارها.

والجدير بالذكر أننا رجعنا مؤخراً بالذاكرة إلى أيام الخلافات القديمة ، ولقد أدهشنا اكتشاف أنََّ كلاً منا كان يعاني من نفس الشعور بالشك في تقدير الآخر له أو لحاجته إلى صداقته. والأهم منذلك هو أننا قد توصلنا خلال دقائق معدودة إلى عدم وجود سبب حقيقي لخلافات استمرت سنين طويلة . وكان ذلك نتيجة لتجاوز حواجز عزة النفس والتعنت وسوء الظن ، والتي كان يمكن أن تحول دون إكمال هذا الحوار الناضج.

ولقد أثبتت لي هذه الحادثة بما لا يدع مجالاً للشك مدى خطأ فرضياتنا عن مشاعر الآخرين نحونا ومدى التأثير السلبي للمفاهيم والسلوكيات الخاطئة المتمثلة في اعتزازنا بأنفسنا وإعراضنا عن الحوار تارةً وعنادنا وتصلبنا وسوء ظننا بالآخرين تارةً أخرى ، والتي كثيراً ما تؤدي إلى انهيار صداقات وتفكك أسر دون أسباب تذكر.

وفي حين تقف عزة النفس أو التعنت حائلاً دون المكاشفة والحوار البنَّاء بين الأصدقاء والأسر ، فإن ثمة عوائق من نوع آخر قد تحول دون إقامة الحوار على مستوى المجتمع . وقد تشمل هذه العوائق وجود مثل هذه الاختلافات في الطباع أو الخلفيات أو المعايير. إلا أن وجود مثل هذه الاختلافات أمر طبيعي يجب أن لا يقف عائقاً أمام الحوار، بل ينبغي أن يكون ذلك مصدراً لإثراء العلاقات والمعرفة ، والاستفادة من آراء الآخرين.

" وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ".

صدق الله العظيم

يتبع
__________________
تحت الترميم
اليمامة غير متصل   الرد مع إقتباس