عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 04-06-2008, 01:59 PM   #13
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الثامن: صورة الآخر في العلاقة: مواطن/أجنبي .. ملاحظات أولية .

قدمه: بيار باولو دوناتي : أستاذ في جامعة بولونيا ـ إيطاليا

من يعرف علاقة (الأنت) وحضوره، هو وحده قادر على أخذ قرار، وحر هو الذي يتخذ قرارا لأنه يواجه (الوجه).
مارتان بوبر (أنا وأنت)

أولا: المواطنة بما هي توسط بين هويات اجتماعية ـ ثقافية مختلفة.

1ـ إن صورة الآخر هي دوما صورة متوسطة اجتماعيا. وضمن (العوامل) التي تتوسط العلاقة (أنا/آخر) هناك شعور بالاشتراك في مواطنة عامة أو بعدم الاشتراك. فإذا ما تفطن المرء الى وجود ما يتحدى هويته (دلالتها أو معناها أو عنوانها) أدى ذلك الى تغيير رؤيته للآخر، وكان ذلك شرطا لاهتمامه بصورته.

فالمواطنة هي: مقياس إدماج الأشخاص في مجموعة سياسية (أو طردهم منها) هذا من زاوية سياسية. والمواطنة من وجهة نظر اجتماعية، هي ما هو مشترك بين أفراد شعب يُشَرَعْ لهم التصرف ك(رعايا بالكامل) ضمن المجال العمومي.

2ـ علينا أن نفكر في الطريقة التي يصبح بها الآخر أجنبيا عندما يُنظر إليه (أو إليها) بما هو ليس مواطن المجموعة السياسية نفسها. ففي العقود السابقة، مثلا، شاعت لدى السكان الأصليين في شمال إيطاليا مواقف تجعلهم يستقبلون القادمين من جنوب إيطاليا كمواطنين من الدرجة الثانية، وأحيانا يتساوى بعض المواطنين مع الأجانب من بلدان أخرى.

ثانيا: الأزمة الحالية للمواطنة بما هي توسط.

1ـ إن المواطنة بما هي توسط اجتماعي في العلاقة بين الذات والآخر، هي في أزمة في كل مكان تقريبا. وتظهر معالم الأزمة في أوروبا ونظرة شعوبها للمهاجرين المجنسين بجنسيات بلدان أوروبية، كما تظهر في الولايات المتحدة، وقد حسم الصراع في موضوع المواطنة بجنوب إفريقيا بعد إراقة دماء كثيرة، لإعادة تأطير وتعريف المواطنة.
وإن الضمانات للاندماج المواطني (نسبة الى المواطنة) والتي حددها (مارشال) تعود حقيقة على (الحضارة Zivilisation) لا على (الثقافةKultur) .

2ـ لقد اقترح (ب تورنر) دورا للمواطنة الثقافية فقال: (هي مكونة من تلك الممارسات الاجتماعية التي تخول للمواطن المشاركة التامة والفعالة في الثقافة القومية) وإن الفهم الحديث للمواطنة الثقافية قد حملنا الى:

أ ـ تغذية نوع من الاستعمار الثقافي (فالطرق التي كانت تفهم بها المواطنة الثقافية وتمارس في المجتمعات الحديثة قد جرت الى تدمير ثقافات السكان الأصليين وتهميش العادات الثقافية) [ الولايات المتحدة، أستراليا ـ مثالان]

ب ـ إخضاع كل الثقافات الطبقية أو استبعادها من قبل النخب الثقافية التي تحيط بالدولة.

ج ـ هيكلة المشاركة الثقافية في الثقافة الوطنية على نحو يُخفي تَعَمُد أعتى أشكال الإقصاء الفعلي.

3ـ إن اللغة التقليدية لمواطنة الوطن/الدولة هي لغة يعارضها الخطاب المقابل لحقوق الإنسان والإنسانية كأرقى نموذج معياري للولاء السياسي. لقد ثبت أن النظام الخلقي للدولة قد يفتح الطريق أمام أخلاق إنسانية كونية، وهذه النظرة دعائية قديمة وقد ثبت أنها غير موجودة والواقع مغاير للادعاء.

ثالثا: أسلوبان في الإجابة: نموذج الولايات المتحدة ونموذج أوروبا.

يشير نموذج الولايات المتحدة الى نظرية (البوتقة)، أي أن كل الثقافات الفرعية تستطيع العيش معا بشرط التكيف مع عقيدة وطنية! [ من يرسم خطوط شكل تلك العقيدة الوطنية؟]
أما نموذج أوروبا، فيستنبط مواطنة قومية مبنية على (أسس إثنية متشابهة). هناك صلة الدم (عروق: السلوفاك والجرمان والإنجلو ساكسون) أو الارتباط المذهبي (كاثوليك أرثوذكس، بروتستانت) وكلها ادعت النضال لإعلاء كرامة البشر على أساس هويتهم كمواطنين.

أي النموذجين أفضل؟ لا يبدو أن أيا من النموذجين قد يكون صالحا، فكلاهما يلاقي صعوبات كبيرة، ففي الولايات المتحدة يبدو سكون الناس اضطراريا لإبقاء فكرة التعايش المواطنية قائمة، فالعزوف عن المشاركة السياسية والاعتراف بسطوة القائمين على إدارة الدولة، هو ما يخفي التبرم الكبير لدى السكان الفسيفسائيين. أما في أوروبا، فقد رأينا الاستفتاءات في أكثر من دولة لصهر كل شعوب أوروبا في كيان سياسي واحد كيف لاقت فشلا في أرقى الدول المنادية بالمواطنة (فوق القومية) ـ فرنسا، الدنمارك.

رابعا: نحو نموذج جديد في المواطنة بين الإثنيات

هناك أبعاد مختلفة للمواطنة تشمل:
أ ـ الحقوق الاقتصادية (قانون المحاكم)
ب ـ الحقوق السياسية (البرلمان)
ج ـ الحقوق الاجتماعية (رفاهة الدولة)
د ـ الحقوق الثقافية (الحقوق التربوية) حقوق الإنسان.

يمكننا أن نذكر إلماحتين جديدتين قد يصح اعتبارهما إيجابيتين:

(أ‌) المواطنة التعاملية وهي تخص الجانب المشترك بين الناس في تعاملاتهم المتبادلة، وهنا يكون الطابع الإنساني أكثر من الطابع غير الإنساني.
(ب‌) مفهوم المواطنة كمصلحة علائقية مشتركة، وهي مصلحة لا يمكن إنتاجها أو التمتع بها إلا لمن يشتركون فيها. وهؤلاء يمكنهم أن يكونوا (آخرين) بعضهم عند بعض في بداية تعاملهم ولكنهم يصبحون (نحن) بقدر ما يوجهون أنفسهم لإنتاج مصلحة واحدة.

[ليتأمل القارئ الكريم، النقطة الأخيرة ويحاول إسقاطها على ما تطبق الدوائر الإمبريالية في شمال العراق والسودان وتحاول في الأقطار المغاربية، أن تعزل مصالح الإثنيات عن بعضها لتوغر صدرها في المطالبة بالانفصال. ]

خاتمة

لقد كانت المواطنة في الماضي، أساسا، مجموعة قبائل تتفق على معاهدة لعدم التدخل في شؤون بعضها البعض. أما المواطنة الحديثة، فقد جلبت معها شيئا أكثر: عالم كوني مشترك. ولكنها لم تنجح في وضع عامة الناس معا. لقد كانت مشغلا من مشاغل الدولة لا إنجازا من إنجازات المجتمع المدني، تقودها أفعال الحياة القصدية. أما الآن فإنه يمكن أن تصبح المدينة (مدينة الكائنات البشرية) وهذا يتوقف على كيفية تعريف العلاقات العمومية (أي محتويات المواطنة).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس