عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 14-02-2010, 10:30 AM   #42
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

انتصار بلا قتال




من صور آثار دومة الجندل وبحيرتها السياحية

فلما اقترب النبي (صلى الله عليه وسلم) من دومة الجندل أخبره الدليل بوجود قطعان من الإبل والماشية ترعى في الصحراء، وكانت لقوم من تميم فانطلق المسلمون ليستولوا عليها، واستطاعوا أن يجمعوا عددا منها، بينما فر الكثير منها وتفرقت في كل اتجاه.

وشعر أهل دومة الجندل بقدوم المسلمين فأسرعوا بالفرار تاركين ديارهم ومتاعهم لينجوا بأنفسهم من المسلمين.

ونزل النبي (صلى الله عليه وسلم) بساحتهم فلم يجد بها أحدا فأقام النبي بها أياما وبث السرايا تبحث في كل الأنحاء، ولكنهم لم يلقوا أحدا ولم يظفروا إلا برجل منهم أتى به محمد بن مسلمة إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)، فسأله عن أصحابه فقال: هربوا أمس، فعرض عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) الإسلام فأسلم.

وبقي النبي (صلى الله عليه وسلم) والمسلمون بها أياما، ثم رجعوا إلى المدينة في 20 من ربيع الآخر 5 هـ= 18 من سبتمبر 626 م.

كانت غزوة "دومة الجندل" -كما أطلق عليها بعض العسكريين المعاصرين – عملية عسكرية ذات طابع تعرّضي للدفاع عن قاعدة الإسلام في المدينة، إذ إن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم ينتظر حتى يفاجئه أعداؤه بشن هجومهم على المدينة، وإنما بادر بالإغارة عليهم فور علمه بما عزموا عليه.

وقد استهدفت تلك الغزوة تحقيق عدة أهداف تكتيكية وإستراتيجية؛ فقد ساهمت في القضاء على روح الضعف والتخاذل التي كادت تصيب المسلمين بعد هزيمتهم في أحد، وساعدت على التخلص من آثار تلك الهزيمة التي أصابتهم، كما عملت على رفع الروح المعنوية لديهم واستعادة الثقة بالنفس، وفي الوقت نفسه تدمير الروح المعنوية لجنود الأعداء.

كما أنها كانت بمثابة استعراض لقوة المسلمين لإرهاب أعدائهم وتبديد أطماعهم في المسلمين، بالإضافة إلى ما حققته من إحباط لخطط العدو الهجومية ووأدها في مهدها، وحرمان العدو من تحقيق عنصر المفاجأة وسرعة المبادأة.

العبقرية العسكرية للرسول القائد

قد تجلت العبقرية العسكرية للنبي (صلى الله عليه وسلم) في تلك الغزوة من عدة وجوه منها:

-استخدام ما يُعرف بالإنذار المبكر، ومعرفة تحركات العدو وخططه العسكرية مبكرا.

-عدم الاستهانة بالعدو، والاستعداد الجيد للمعركة، والاستعانة بأهل الخبرة والمتخصصين في فنون الحرب ودروب الصحراء.

-السرية التامة وإخفاء والتمويه المتقن، وذلك بسلك طرق غير مألوفة، والسير والتحرك ليلا، والكمون والراحة نهارا.

-الحرص على تأكيد السيطرة على الموقف، وإعلان السيادة وتحقيق النصر عند فرار الأعداء، وذلك بالبقاء في ديار الأعداء الهاربين لمدة طويلة.

-تحقيق عنصر المبادأة أو المبادرة ومفاجأة الأعداء بالهجوم عليهم في عقر دارهم، قبل أن يكملوا استعدادهم، وبذلك يتمكن من إحراز النصر.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس