الموضوع: المعلقات العشر
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-05-2007, 01:18 AM   #41
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

أي على مثل هذه الناقة أسير وأمضي، إذا قال صاحبي من خوف الفلاة وقوله ألا ليتني أفديك معناه من الفلاة فجاء بمكينها ولم يجر لها ذكر لدلالة المعنى عليها كقوله [تعالى] (حتى توارت بالحجاب) وقوله أفديك منها: أي أعطيك فداءك وتنجو، أو أفتدي أنا منها. وقيل معناه ليتني أقدر أن أفديك منها وأفتدي نفسي. وعلى تتعلق بما مضى، وكذلك إذا.
وجاشت إليه النفس خوفـا وخـالـه مصابا ولو أمسى على غير مرصد
جاشت: ارتفعت إليه من الخوف، ولم تستقر، كما يجيش القدر، إذا ارتفع عليانه، وقوله إليه: أي صاحبه، وقوله وخاله أي خال نفسه. وإنما جاز أن يقال خاله مصابا، ولم يجز ضربه إذا أردت ضرب نفسه على مذهب سيبويه. أنهم استغنوا عن ضرب نفسه، بقولهم ضرب نفسه، والذي يذهب إليه أبو العباس أنه لم يجز ضربه لئلا يكون فاعلا مفعولا في حال وجاز خاله لأن الفاعل في المعنى مفعول لأنه إنما رأى شيئا فأظنه. وقوله: على غير مرصد: أي ولو أمسى لا يرصد، ولا يخاف من أحد لظن أنه هالك من العطش لهول المفازة أي فأنا أنجو منها على ناقتي.
إذا القوم قالوا: من فتى؟ خلت أنني عنيت فلم أكسل ولـم أتـبـلـد
يقول: إذا قالوا من فتى لهذه المفازة؟ خلت أنهم يعنونني، ويقولون ليس لها غيره، فلم أكسل عن أن أقول: أنا لها ولم أتبلد عن سلوكها. يقال رجل بليد، ومتبلد؛ إذا أثر فيه الجهل كي يذهب به عن فطن الناس واحتيالهم، وكذا يقال في الدواب، وأصل البلادة والتبلد من التأثير، يقال في جلده بلد إذا كان فيه أثر، وكذلك في غير الجلد، ويقال لكركرة البعير بلدة لأنها تؤثر في الأرض، أو تؤثر فيها الأرض قال الشاعر.
أنيخت فألقت بلدة فوق بلـدة قليل بها الأصوات إلا بغامها
وبهذا سميت البلدة بلدة لأنه موضع مواطن وتأثيرهم، وعنيت من قولهم عني ويعني عنيا بمعنى أراد، وليس يعنيني بهذا أي لا يريده، والمعنى هو المراد والجمع المعاني.
ويروى فلم أكل ولم أتبلد أي فلم أكل إلى إجابتهم أقول: أنا لها، ولم أتبلد أي لم أكن بليدا في مثلها لأني خبير بها.
أحلت عليها بالقطيع فأجذمت وقد خب آل الأمعز المتوقد
أحلت: أي رفعت والقطيع: السوط أي أقبلت عليها بالسوط، يقال: أحلت عليه ضربا إذا أقبلت عليه تضربه ضربا في أثر ضرب أو على ضرب ومنه قولهم يحيلون السجال على السجال أي يصبون دلوا على أثر دلو، وأجذمت أسرعت، وخب الآل جرى، واضطراب السراب، والآل يكون بالغداة، والعشي، والأمعز، والمعزاء، الموضع الغليظ الكثير الحصى، والمتوقد: المكان الذي يتوقد بالحر، والواو في قولهم وقد خب الواو واو الحال.
فذالت كما ذالت وليدة مجلس تري ربها أذيال سحل ممدد
ذالت: ماست، وتبخرت في مشيها. يقول: تتبختر هذه الناقة في مشيتها كما تتبختر وليدة أي أمة عرضت على أهل مجلس، فأرخت ثوبها، واهتزت بأعطافها، وخص وليدة المجلس يريد أنها ليست بممتهنة، وإذا شئت جرت في الأرض أذيالها، والسحل بالسين والحاء المهملتين: الثوب الأبيض والممدد الذي ينجر في الأرض، ومعنى البيت: إني أبلغ على هذه الناقة حاجتي بأقل تعب.
ولست بحلال التلاع مـخـافة ولكن متى يسترفد القوم أرفد
الحلال: مبالغة من الحلول، والتلعة ما ارتفع من الأرض، وانخفض عن الجبال أو قرب من الأرض، والجمع التلاع: وهي مجاري المياه من رؤوس الجبال إلى الأودية.
المعنى: لست أستتر في التلاع لأني لا أنزلها مخافة أن تواريني عن الناس حتى لا يراني ابن السبيل والضيف، ولكن أنزل الفضاء، وأرفد من السهل من استرفدني، وأعين من استعانني، ومخافة منصوب على أنه مفعول له أو على المصدر.
وإن تبعني في حلقة القوم تلقـنـي وإن تقتنصني في الحوانيت تضطد
يقول: إن تطلبني في مواضع تجمع فيها الناس للمشورة وإجالة الرأي تلقني لما عندي من الرأي لا أتخلف عنهم وإن تطلب صيدي في حوانيت الخمارين تجدني أشرب وأسقي من يحضرني، والحانوت يذكر ويؤنث. والحوانيت [بيوت] الخمارين، والحوانيت أيضا الخمارون، ويروى تلتمسني.
متى تأتني أصبحك كـأسـا روية وإن كنت عنها غانيا فاغن وازدد
ويروى وإن تأتني، ويروى وإن كنت ذا غنى فاستغن وازدد والصبوح شرب الغداة، والكأس مؤنثة، والمعنى متى تأتني تجدني قد أخذت خمرا كثيرا مروية لمن يحضرني، ومعنى فاغن وازدد: فاغن بما عندك وازدد.
وإن يلتق الحي الجميع تلاقنـي إلى ذروة البيت الرفيع المصمد
يقول إذا التقى الحي الجميع الذين كانوا متفرقين للمفاخرة وذكر المعالي تجدني في الشرف، وإلى ذروة أي مع ذروة، وذروة كل شيء أعلاه، والمصمد الذي يصمد إليه في الحوائج والأمور أي يقصد.
نداماي بيض كالنجوم وقـينة تروح علينا بين برد ومجسد
نداماي بيض الوجوه ويروى ألفنا الندامي [كالنجوم] الأصحاب الذين يتواصلون على الشرب يقال فلان نديم فلان، إذا شاربه، وفلان نديمه فلان، ويقال ذلك إذا صاحبه، وحدثه، وإن لم يكونا على شراب وإنما سمي النديم نديما لندامة جذيمة حينما قتل جذيمة مالكا وعقيلا للذين أتياه بعمرو ابن أخته، فسألاه أن يكونا في سمره، فوجد عليهما فقتلهما. ثم ندم فسمى كل شارب نديما، ويقال من الندم ندمان وندمى، وقيل الأصل فيهما واحد لأنه إنما قيل للمتواصلين ندامى؛ لأنهم يجتمعون على ما يندم عليه من إتلاف المال، وقوله كالنجوم أي هم أعلام، والقينة: الأمة مغنية كانت غير مغنية، وإنما قيل لها: قينة لأنها تعمل بيدها مع غنائها والعرب تقول لكل من يصنع بيده شيئا قين.
وقال أبو عبيدة القينات: الإماء المديدات وقال الأصمعي: كل عامل بحديدة قين والفعل منه قان يقين قينا فهو قاين، والمفعول مقين. والمجسد المصبوغ بالزعفران خاصة؛ لأنه يقال للزعفران جساد، والمجسد الثوب المصبوغ الذي قد يبس عليه الصباغ، ويقال جسد الدم إذا يبس عليه، ومعنى قوله بين برد مجسد أي عليها مجسد وقيل: معناه مرة تأتي وعليها المجسد، والمجسد أيضا الذي يلي الجسد من الثياب، وقيل في الذي يلي الجسد مجسدا بكسر الميم.
إذا رجعت في صوتها خلت صوتها تجاوب اظآر علـى ربـع ردي
رحيب قطاب الجيب منها رفـيقة بجسى الندامى بضة المتـجـرد
ويروى رحيب قطاب الجيب، وقطاب الجيب: مجتمع الجيب، قطب أي جمع وقطب ما بين عينيه: أي جمع وجاء الناس قاطبة أي جميعا، وجس الندامى: الجس والمس واحد، وجس الندامى: أن يجسوا بأيديهم يلمسونها كما قال الأعشى
[ورادعة بالمسك صفراء عندنـا] لجس الندامى في يد الدرع مفتق
وذلك أن القينة تفتق كمها إلى الرفغ فإذا أراد الرجل أن يلمس منها شيئا أدخل يده فلمس، ويد الدرع كمه. وقال بعضهم: "تجس الندامى" مما يطلب الندامى اقترابها وعناقها، والجس بمعنى الطلب وقطاب يرتقع برحيب، ومعنى قوله: رحيب قطاب الجيب أن عنقها واسع فتحتاج إلى أن يكون جيبها واسعا، والبضة البيضاء الرخصة والمتجرد جسدها المتجرد من الثياب.
إذا نحن قلنا أسمعينا انبرت لنا على رسلها مطروفة لم تشدد
ويروى مطروقة: بالقاف، اسمعينا: غنينا، وانبرت: اعترضت. وعلى رسلها أي على هيئتها، أي ترنمت برفق، وقيل انبرت: قصدت إلى ما أردناه منها، ومطروفة بالفاء، ومعناه ساكنة الطرف فاترته، كأنها طرفت عن كل شيء تنظر إليه. وقيل التي عينها إلى الرجال. ومن رواه مطروقة بالقاف فمعناه مسترخية أي غضيضة الطرف. وقيل: مسترخية لينة، ومنه سميت المطرقة: مطرقة، لأنها تلين ما يليها. ومنه قيل طراق لأنه يلين، ومنه ماء طرق: إذا خيض ومنه سمي الطراق لأن الناس فيهم من يفعل ذلك، وانبرت جواب إذا وهو العامل فيه، ومطروفة منصوب على الحال.
وما زال تشرابي الخمور، ولذتي وبيعي، وإنفاقي طريفي ومتلدي
تشراب: تفعال من الشرب إلا أن تشرابا يكون للكثير، والشرب يقع للقليل والكثير.
وليس في كلام العرب اسم على تفعال بكسر التاء إلا أربعة أسماء، والخامس مختلف فيه، يقال تبيان، ويقال للقلادة تفصار. وتعشار، وتبراك موضعان والخامس المختلف فيه تمساح وتمسح، وتمساح أكثر وأفصح، والطارف والطريف ما استحدثه الرجل، واكتسبه والمتلد والتالد والتليد، والتلاد ما ورثه عن آبائه ومعناه المتولد والتاء بدل من الواو.
إلى أن تحامتني العشيرة كلها وأفردت إفراد البعير المعبد
تحامتني: تركتني، واتقتني، العشيرة: أهل بيته، ويدخل فيهم غيرهم ممن خالطهم، وأفردت إفرادا مثل إفراد البعير، والمعبد: الأجرب وقيل هو المهنوء الذي سقط وبره، فأفرد عن الإبل. أي تركت ولذاتي لما رأت أني لا أكف عن إتلاف المال والاشتغال باللذات.
رأيت بني غبراء لا ينكروننـي ولا أهل هذاك الطراف الممدد
الغبراء: الأرض، وبنو غبراء: الفقراء، وتدخل فيهم الأضياف، والمعنى أنهم يجيئون من حيث لا يحتسبون، وأهل مرفوع معطوف على الضمير الذي في ينكرونني وقال الله تعالى (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا)، والطراف قبة من أدم يتخذها المياسير، والأغنياء، والممدد الذي قد مد بالأطناب، والطراف لفظه لفظ الواحد، ومعناه معنى الجمع.
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس