عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 24-08-2008, 01:55 AM   #3
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

***

قصيدة الفرزدق :

جاءت هذه القصيدة ردا على سؤال طرح في وقت ما وفي زمن ما ومن شخصية معروفة عن شخصية معروفة ايضا ، الا ان السائل اراد انكاره مما شاهده من اكبار للناس لهذه الشخصية ، انها قصيدة مدح وتعريف بشخصية .

السائل : هو : هشام بن عبد الملك ابن الخليفة الاموي المعروف عبد الملك .

المكان : بيت الله ، اثناء مناسك الحج .

الزمان : عهد الدولة الاموية .

المسؤول عنه : هو الامام عليّ بن الحسين بن علي السجاد. (10)

المجيب : الشاعر الفرزدق .

تذكر كتب الاخبار :

((وقيل: إنه لما حج هشام في أيام أبيه طاف بالبيت وجهد أن يصل إلى الحجر الأسود ليستلمه، فلم يقدر عليه لكثرة الزحام، فنصب له منبر وجلس عليه ينظر إلى الناس ومعه جماعة من أهل لشام. فبينما هو كذلك إذ أقبل زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، وكان من أحسن الناس وجهاً وأطيبهم أرجاً فطاف بالبيت، فلما انتهى إلى الحجر الأسود تنحى له الناس حتى استلمه، فقال رجل من أهل الشام: من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة؟

فقال هشام: لا أعرفه! مخافة أن يرغب فيه أهل الشام. وكان أبو فراس الفرزدق حاضراً فقال: أنا والله أعرفه، فقال الشامي: من هذا يا أبا فراس، فقال ( القصيدة)

فلما سمع هشام ذلك غضب وحبس الفرزدق، فأنفذ له زين العابدين رضي الله عنه، اثني عشر ألف درهم، فردها وقال: مدحته لله لا للعطاء والصلات. فقال زين العابدين: إنا أهل بيت إذا وهبنا شيئاً لا نعود فيه.. فقبلها الفرزدق.)).(11)

***



هذا الذي

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله

بجده أنبياء الله قد ختموا

وليس قولك من هذا بضائره

العرب تعرف من أنكرت والعجم

كلتا يديه غياث عم نفعهما

يستوكفان ولا يعروهما عدم

سهل الخليقة لا تخشى بوادره

يزينه اثنان: حسن الخلق والشيم

حمال أثقال أقوام إذا فدحوا

حلو الشمائل تحلو عنده نعم

ما قال لا قط إلا في تشهده

لولا التشهد كانت لاءه نعم

عم البرية بالإحسان فانقشعت

عنها الغياهب والإملاق والعدم

إذا رأته قريش قال قائلها:

إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

يغضى حياءً ويغضى من مهابته

فما يكلم إلا حين يبتسم

بكفه خيزران ريحه عبقٌ

من كف أروع في عرنينه شمم

يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

الله شرفه قدماً وعظمه

جرى بذاك له في لوحه القلم

أي الخلائق ليست في رقابهم

لأولية هذا أوله نعم

من يشكر الله يعرف أولية ذا

فالدين من بيت هذا ناله الأمم

ينمى إلى ذروة العز التي قصرت

عن نيلها عرب الإسلام والعجم

من جدُّه دان فضل الأنبياء له

وفضل أمته دانت له الأمم

مشتقة من رسول الله نبعته

طابت مفارزه والخيم والشيم

ينشق ثوب الدجى من نور غرته

كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلم

من معشر حبهم دين وبغضهمو

كفر وقربهم منجى ومعتصم

مقدم بعد ذكر الله ذكرهم

في كل بدء ومختوم به الكلم

إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم

أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم

لا يستطيع جواد بعد غايتهم

ولا يدانيهم قومٌ وإن كرموا

هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت

والأسد أسد الشرى والبأس محتدم

لا ينقص العسر بسطاً من أكفهم

سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا

يستدفع الشروالبلوى بحبهم

ويسترقُّ به الإحسان والنعم (12)


***

جاء في كتب الاخبار :

(( قال المدائني في خبره هذا وحدثني أبو يعقوب الثقفي عن الشعبي: أن الفرزدق خرج حاجاً، فلما قضى حجه عدل إلى المدينة فدخل إلى سكينة بنت الحسين عليهما السلام فسلم.

فقالت له: يا فرزدق، من أشعر الناس؟ قال: أنا. قالت: كذبت! أشعر منك الذي قال:

بنفسي من تجنبه عــــــزيزٌ علي ومن زيارته لمــام

ومن أمسي وأصبح لا أراه ويطرقني إذا هجع النيام

فقال: والله لو أذنت لي لأسمعتك أحسن منه. قالت: أقيموه فأخرج ثم عاد إليها من الغد.

فدخل عليها، فقالت: يا فرزدق، من أشعر الناس. قال: أنا. قالت: كذبت! صاحبك جرير أشعر منك حيث يقول:

لولا الحياء لعــــــــادني استعبار ولزرت قبرك والحبيب يزار

كانت إذا هجر الضجيع فراشها كتم الحديث وعفت الأســرار

لا يلبث القرنــــاء أن يتفرقوا ليلٌ يـــــــكر عليهم ونهار

فقال: والله لئن أذنت لي لأسمعنك أحسن منه، فأمرت به فأخرج. ثم عاد إليها في اليوم الثالث وحولها مولداتٌ لها كأنهن التماثيل، فنظر الفرزدق إلى واحدة منهن فأعجب بها وبهت ينظر إليها. فقالت له سكينة: يا فرزدق، من أشعر الناس؟ قال: أنا. قالت:

كذبت! صاحبك أشعر منك حيث يقول:

إن العيون التي فــي طرفها مرضٌ قتلننا ثم لـــم يحيين قتلانا

يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله أركانا )) . (13)

ويذكر صاحب الصناعتين :

(( والمقدّم في صنعة الكلام هو المستولى عليه من جميع جهاته، المتمكّن من جميع أنواعه، وبهذا فضّلوا جريراً على الفرزدق. وقالوا: كان له في الشعر ضروب لا يعرفها الفرزدق.

وماتت امرأته النّوار فناح عليها بشعر جرير:

لولا الحياءُ لها جنِى استعبارُ ولزرتُ قبركِ والحبيبُ يزارُ

وكان البحتريّ يفضّل الفرزدق على جرير، ويزعم أنه يتصرّف من المعاني فيما لا يتصرّف فيه جرير، ويورد منه في شعره في كلّ قصيدة خلاف ما يورده في الأخرى. قال: وجريريكرّر في هجاء الفرزدق ذكر الزبير، وجعثن، والنوار وأنه قينُ مجاشع. لا يذكر شيئاً غيرهذا.

وسئل بعضهم عن أبي نواس ومسلم، فذكر أن أبا نواس أشعر، لتصرفه في أشياء من وجوه الشعر وكثرة مذاهبه فيه، قال: ومسلم جار على وتيرة واحدة لا يتغيّر عنها.

وأبلغُ من هذه المنزلة أن يكون في قوة صائغ الكلام أن يأتي مرّة بالجزل، وأخرى بالسهل، فيلين إذا شاء، ويشتدّ إذا أراد. ومن هذا الوجه فضّلوا جريراً على الفرزدق، وأبا نواس على مسلم. )).(14)

السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس