عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 20-02-2006, 11:12 AM   #16
محمد العاني
شاعر متقاعد
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
الإقامة: إحدى أراضي الإسلام المحتلة
المشاركات: 1,538
إفتراضي الخونة

بِسم اللهِ الرحمنِ الرحيم
إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ
صدق الله العظيم

من سورة الحج، الآية 38


إن الله لا يحب كل خوّانٍ كفور..
فلنتحدّث اليوم عن الخونة..ولا أقصد بذلك ما ذهب إليه الجميع من خيانات في القيادة العسكرية. لأن ذلك سنتحدث عنه في حلقة يوم إحتلال بغداد.
الكثير منكم سمع عن أجهزة الهاتف التي تعمل على الأقمار الإصطناعية و لها الكثير من الأنواع أشهرها (الثريا). ذلك الهاتف الذي يعمل على القمر الإصطناعي و فيه خدمة تحديد المكان (جي بي إس). كان عنصراً فعالاً في المعركة أيضاً. فقد إستخدمه الأمريكان على يد مجموعة من الخونة أقل ما يقال عنهم أنهم فئران.
في أكثر من حادث، كان الأحداث تسير بالتسلسل التالي: يقوم أحد الخونة بالمشي بشكل طبيعي قرب الهدف. ثم يقوم بالضغط على زر تحديد الموقع الـ(جي بي إس GPS) و يبقى واقفاً في المكان لوقت قصير ليتم تحديد الموقع. ثم يقوم بالإبتعاد عن الموقع بشكل طبيعي إلى مكان قريبٍ يستطيع فيه الإتصال بدون أن يراه أحد. ثم يتصل بالرقم المُعطى له في أي مكان بالعالم (و الذين قُبض عليهم وجدت بحوزتهم أرقام هاتف كويتية كانو يتصلون بها) ليعطي الإحداثيات.
بالتأكيد هذا التكنيك لم يكُن هو كل ما يلجأ له الأمريكان لأنهم يستطيعون رؤية الأهداف من صور الأقمار الإصطناعية و لكنه كان عنصراً مهماً لإثبات أن صواريخهم "الذكية" تضرب أهدافها فقط.
و من المهمات الأخرى التي أُنيطت بالخونة هي التأكد من دمار الأهداف بعد قصفها و التوجيه بقصفها مرة ثانية إذا لم تُدمّر بالكامل.
قُبض على الكثير من الخونة أثناء الحرب، أكثرهم أُعدم مباشرةً و القليل منهم نفذ بجلده لأنه لم يُعدم قبل إحتلال بغداد. و سأروي لكم إحدى أهم قصص الخيانة كما سمعتها من أحد كبار ضباط جهاز الأمن العراقي السابق.
سنبدأ القصة من قبل الحرب لنعرف عمّن نتحدث. نتحدث عن التكية الكسنزانية التي تقبع غرب بغداد بين حيّ الجامعة و حيّ السفارات. تلك التكية ذات ليالي الدَروَشة و ما إلى ذلك من ما لا أؤمن به شخصياً. و يُذكر أن من أهم رواد هذه التكية كان نائب الرئيس المدعو عزّت إبراهيم الدوري...!!
نعم..كان نائب الرئيس عندما يدخل على شيخ التكية يدخل زاحفاً على ركبتيه محني الرأس يُقبّل يد الشيخ بكل تواضع. لا حول ولا قوة إلا بالله. و أما إذا أراد أحد المساس بهذه التكية أو التقرب منها. فمجرد إتصال هاتفي صغير إلى مكتب السيد النائب سوف تقلب الدنيا عاليها سافلها. هو نفسه عزّت الدوري الذي الآن يُلقّبه البعض بالبطل المجاهد و يدّعون أنه يقود مجموعات المقاومة التابعة لحزب البعث. ألا بئس المقاومة إن كان هذا قائدها.
في أحد أيام الحرب، كانت إحدى الوحدات الفنية من جهاز المخابرات تلتقط إشارات لاسلكية مشابهة لأتصالات الأقمار الصناعية من المنطقة التي توجد بها التكية. و بسبب العلاقة الطيبة بين طاهر جليل الحبوش التكريتي رئيس جهاز المخابرات في وقتها و السيد النائب تُركَ هذا الموضوع إلى جهاز الأمن لأنه يُعتبر شأن أمن داخلي و هو ليس من إختصاص جهاز المخابرات.
في هجومٍ كبير على التكية، طوّقت قوات الأمن التكية و إعتقلت كل من هو موجود بها و من ضمنهم "نهرو" إبن شيخ التكية الذي هددهم بالإتصال بالسيد النائب. و أما ما وجد في التكية فكان مجموعة كبيرة جداً من هواتف الأقمار الإصطناعية تقارب المئة. و خريطة بغداد مخبّأة و مؤشر عليها بالدبابيس الملونة كل الأماكن التي قُصفت..!!!
و ما هو مُحزنٌ فعلاً أنّ هذا الـ"نهرو" لم يُقتَل قبل إحتلال بغداد. بل تم الحفاظ عليه للنظر في قضيته لاحقاً بسبب قربه من السيد النائب و خوف مدير جهاز الأمن في وقته من أن يصنع قتله مشكلةً مع السيد النائب إذ أقل ما يُمكن أن تفعله هذه المشكلة أن يُطرد مدير الأمن من كرسيّه العزيز إن لم يُسجن. و إمعاناً في الخلل..فقد صار "نهرو" الآن مناضلاً و شارك كمرشّح في الإنتخابات الأخيرة..!!!
لكنّ ذلك ليس بغريب..فأغلب من عاش خارج العراق بإسم المعارضة العراقية خان العراق و أخذ رواتب من CIA. كل هؤلاء خونة. كل من رضي بالمحتل. كل من خرج ليرمي الورد على دبابات داست أوّل ما داست كرامتنا قبل أن تدوس أطفالنا و عراقنا...
__________________
متى الحقائب تهوي من أيادينا
وتستدلّ على نور ليالينا؟

متى الوجوه تلاقي مَن يعانقها
ممن تبقّى سليماً من أهالينا؟

متى المصابيح تضحك في شوارعنا
ونحضر العيد عيداً في أراضينا؟

متى يغادر داء الرعب صبيتنا
ومن التناحر ربّ الكون يشفينا؟

متى الوصول فقد ضلت مراكبنا
وقد صدئنا وما بانت مراسينا؟
محمد العاني غير متصل   الرد مع إقتباس