عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 13-03-2007, 12:55 AM   #73
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الأحواز في العصور الإسلامية

تزامن ظهور الإسلام ودعوة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، مع تناحر الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية. ولم يكتف الملك الساساني (يزدجرد بن شهريار) برفض دعوة الرسول الكريم الى الإسلام، بل بدأ يعد للعدوان على العرب المسلمين. وأقد أرسل الخليفة أبو بكر رضوان الله عليه بعض المجاهدين الى العراق بقيادة خالد ابن الوليد.. وما أن آل الحكم الى الخليفة عمر بن الخطاب، فأرسل جيشا بقيادة سعد بن أبي وقاص لمحاربة الفرس. واستطاع الجيش العربي الإسلامي أن يلحق الهزيمة بالجيش الساساني سنة 636م في معركة القادسية.. وقد استمر العرب المسلمون في زحفهم المقدس لتحرير مدن العراق و الأحواز من السيطرة الفارسية.

قام الحاكم الفارسي لمنطقة الأحواز، ويدعى (الهرمزان)، وهو من المقربين للملوك الساسانيين، بتنظيم حركة مضادة لحركة التحرير العربية الإسلامية، إلا أنه لم يستطع أن يوقف التقدم العربي لعدة أسباب منها :

1ـ إصرار العرب المسلمين على تحرير الأحواز، وإيمانهم بضرورة استكمال إنهاء فلول الفرس واحتلال الهضبة الإيرانية من أجل القضاء على تلك الإمبراطورية للأبد.

2ـ انضمام القبائل العربية القاطنة في الأحواز الى جيوش العرب المسلمين، ومساهمتهم في تحرير الأحواز ومن تلك القبائل (بنو حنظلة) .

3ـ أدت انتصارات العرب المتتالية في القادسية وما تبعها من المعارك الى ضعضعة معنويات الفرس وانهيارها. وقد ذكر المؤرخان (أبو محنف) و (الواقدي) أن القائد العربي أبا موسى الأشعري سار الى الأحواز (فلم يزل يفتح رستاقا وراء آخر ونهرا وراء آخر) حتى غلب على جميع أرضها، والى (السوس) و (تستر) و (مناذر) و (رامهرمز) ويقول الدكتور (بشار عواد معروف) في مقاله (تحرير الأحواز في صدر الإسلام) أن هذه المدن كانت محصنة. ومع ذلك فإن أبا موسى الأشعري سار الى (مناذر) وحاصرها واشتد القتال حولها. ثم خلف عليها (الربيع بن زيادة الحارثي) الذي استطاع تحريرها بعد ذلك عنوة وسار هو الى (السوس) فحاصرها مما اضطرها الى الاستسلام سنة 18هـ . كما استسلمت (رامهرمز) للقوات العربية في نفس السنة.

أصر الخليفة عمر بن الخطاب، والذي يحتفظ الفرس لغاية اليوم بكراهيته، على استكمال تحرير الأحواز، وبخاصة مدينة (تستر) التي كانت تعد من أحصن المدن هناك. وقد تجمعت فلول الفرس فيها واحتفروا الخنادق العميقة وتخندقوا بها أمام أسوار المدينة التي لم تصمد طويلا أمام عزم المقاتلين العرب الذين تمكنوا من إحداث ثغرة تمكنوا بعدها من دخول المدينة، وجرت معركة ضارية استشهد فيها الصحابي (مجزأة بن ثور السدوسي) .. وسقطت (تستر) سنة 20هـ. ثم توجه القائد أبو موسى الأشعري وقواده بعد ذلك، وأبرزهم (البراء بن مالك ) أخو (أنس بن مالك) وعمار بن ياسر و (حذيفة بن اليمان العبسي) و(النعمان بن مقرن المزني)، الى السيطرة على جيوب الفرس المتناثرة هنا وهناك من الأحواز حتى استقام أمرها.

لقد كان لتحرير (الأحواز) أهمية كبرى في تخليص الشعوب الإيرانية من الفرس المجوس، حيث تم تخليصهم من عبادة النار بعد أن اقتحمت الجيوش العربية (أصبهان) ثم تقدمت الى الجنوب نحو (فارس) حيث مركز الديانة المجوسية، فحررتها في عهد الخليفة (عثمان بن عفان) رضوان الله عليه، كما حررت جميع أملاك فارس في (خراسان و سجستان) وغيرهما. ويلاحظ أن سكان البصرة هم من عرب الجزيرة والأحواز وتوثقت العلاقات فيما بينهم وبين عرب الأحواز بعد الفتح الإسلامي. وارتبطت منطقة الأحواز ماليا وإداريا فيما بعد بالبصرة ..

ويذكر الدكتور عبد الحميد اسماعيل أن الأحواز لم تخرج بوضعها قانونيا عن الدولة في عهود الراشدين والأمويين والعباسيين .. وقد رفد أبناء الأحواز الحياة العلمية والفكرية للحضارة العربية بالكثير من الجهد، فهم الذين كانوا قائمين على مدرسة (جند يسابور) الطبية والعلمية، وانتقل منهم الى عاصمة الخلافة الكثير من العقول منهم: أبناء (بختشيوع) و (عيسى بن صهار) و (يوحنا بن ماسويه) .. وغيرهم من الشعراء والأدباء الموجودة أسمائهم في التراجم والتي تنتهي بالأحوازي والأرجاني و التستري و الدروقي و السوسي..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس