عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 21-12-2007, 07:55 PM   #4
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

ويقول عمر بن أبي ربيعة :
تمشي الهُوينا ، إذا مشت فُضُلا * وهي كمثل العسلوج في الشجر.
الأطـراف :
لقد حازت الأطراف اهتمام الشعراء باعتبارهما ركن من أركان الجاذبية وعمود من أعمدة الشهوة ، فالنظرة الجشطالتية للعربي لجسد المرأة ترتكز على ساقاها البضّتان ، وذراعاها الناعمان الأملسان .
لماذا حضي الساقان بذلك الاهتمام ؟ يرد خليل عبد الكريم ذلك إلى أن” الأعرابي كان (ولا يزال) يعتبر الساقين الممتلئين الخَدَلَّجين شارة موثقة وعلامة مؤكدة على أن المَرَة التي تملكهما تهب متعة مضاعفة ومن هنا ينطلق التشديد على سترهما وتغطيتهما” (28).
وقد شبّهوا الساعد بصفيحة من فضة من شدّة البياض، أما الكف فله فعل السحر في الجذب والفتنة ، وخاصة إذا أخفت بهما المرأة وجهها أو سترت بهما مفاتنها إذا تجرّدت، أو إذا أشارت بهما للوداع، أو مدّتهما للسُقيا .
شبَّه الشعراء الأنامل بالعنم، وهو شجر ليّن الأغصان أحمر الثمر، وبالعاج واللؤلؤ.
قال امرئ القيس :
سِباط البَنان والعرانين والقنا * لِطَافِ الخصور في تمام وإكمال.
وقال دو قلةُ المنبجّي :
امتد من أعضادها قصب * فَعم تلته مرافق دُردُ
والمعصمان فما يُرى لهما * من نعمة وبَضاضَة زندُ
ولها بنان لو أردت لـــــه * عقدا بكَفّكَ أمكنَ العَقدُ
الـحركـة :
لقد نظر العربي إلى هذه الأوصاف الجسدية في تناسقها وهي تشغل حيزا في الفضاء فاعتبر حركة المرأة عنصرا من عناصر الفتنة والإغراء دلالها له مغناطيس وجاذبية بخلاف السكون الذي يعطل الإثارة ويجمّد تضاريس الجسد ، وقد جاء الشعر ناتئا بأوصاف تُمجد الحركة في الأنثى حيث وصفوها بغصن البان ، حقف النّقا، المهاة ،مسير الغمامة ،خطو القطا والنعام .
يقول الأعشى:
غراء فرعاء مصقول عوارضها * تمشي الهُوينا ،كما يمشي الوَجيُ الوَحلُ
أما عمر بن ابي ربيعة فقال في ذلك :
بيضا حسانا خرائدا قُطُفا * يمشين هونا كمشية البقر .
لقد تركتُ الوجه بما هو عاصمة الجسد وحبات الجمال فيه كما صوَّره الشعر العربي بالمرأة المثال بكل من العصر الجاهلي والأموي إلى حين الحديث عن الشعر العذري .
ونظرا لصعوبة تجميع هذه الخصائص الجسدية إلا في مخيلة شبقية وقد عُرف عن الشعراء سعة التخيُّل والشطح في التوهُّم فإن ” الصور التي يعرضها الشعراء في قصائدهم ومعلقاتهم..الخ، محض خيال، مجرد وهم أو على الأقل هي أماني عشّشت في أدمغتهم أو نماذج مثالية لم يجدها الشعراء في الواقع فأودعوها أبياتهم ” (29).
إن الصور التي كان يتلقاها المجتمع العربي كانت تدمجه بحماس في الواقع الإنساني والانتقال به إلى عالم المتعة الجمالية وتشكيل عواطفه وصياغة عالمه الذاتي ولهذا فإن الانفعال مع مزيج الخطوط والألوان، هو العاطفة السامية، التي أثارها الشعر في الإنسان العربي ومازالت تلك الجينات الوراثية المعنوية راسخة تُهيمن على ذوق العربي المعاصر الذي سكنت تصوراته عن المرأة في القواميس والمعاجم فأصبح كل مايهمه ” وما أهمه هو الجسد الأنثوي وإن شئت الدقة شطره الأسفل أما باقي آفاقها، النفسية والمعنوية والأدبية والروحية…فهو خارج حدود حُسبانه وبعيد عن اهتمامه وقصِيّ عن تفكيره…”(30)
- ما هي خصائص الصورة الشعرية للمرأة لدى عمر بن أبي ربيعة؟

3- طبيعة الصورة النرجسية في شعر عمر بن أبي ربيعة.
لقد بعث عمر بن أبي ربيعة صورا شعرية حية للمرأة العربية رغم الفرق الشاسع بين صور البداوة للشعر الجاهلي الذي استلهم منه صوره، وصور الحاضرة التي اختلطت بجمال المرأة الرومية والفارسية والهندية، الشيء الذي يؤكد لنا أن شعره كان إعلانا في اتجاه واحد، إبراز محاسن محصنات العرب واعتبار شعره صناعة مقصودة لدغدغة عواطف المستمع العربي واستدعاء أسماعه وجعله يعمل حقيقة على تحرير المرأة من “عقالها”رغم اقتناعه المبدئي بحريتها، “والواقع أن المرأة في هذا الشعر الحضري لم تتحرر من عقدة الرجل نفسه فنراها في شعره حبيبة طاهرة الود، صادقة العهد حينا، وغادرة لا تصون عهدا ولا ترعى أمانة الغياب حينا آخر” (31)، ومن مظاهر عدم أمانتها مساهمة عمر بن أبي ربيعة في تجديد الصورة العامة للغزل حيث تحولت المرأة في شعره إلى عاشقة تتهافت على لقياه حيث أصبحت شخصيته في عالم الحرائر موضوعا للغزل في شعره بينما السائد هو كون المرأة هي المعشوقة.
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس