عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 25-05-2011, 12:51 AM   #11
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(5)
ولا شك أن القصيدة التي تتطلب من مبدعها بذل مثل هذا الجهد المضني لا يمكن أن تمنح ذاتها لقارئها بيسر وسهولة ، بل إنها تتطلب منه من الجهد والمعاناة الصادقة في سبيل استيعابها وتذوقها ما يعادل الجهد الذي يبذله الشاعر في سبيل إبداعها ،فهي لا تقدم لقارئها تلك المتعة السطحية السهلة التي تسعى إليه دون أن يسعى إليها ، وإنما تقدم له نوعًا من المتعة العميقة التي تتجاوز الحواس الخارجية وما تحققه من متعة سطحية عابرة ، لتنفذ إلى صميم القارئ وتهز وجدانه من الداخل تلك النشوة الروحية الرائعة ،التي تهر أعماق الشاعر حين يعاني رؤياه الشعرية. ولم يعد الشاعر الحديث يهدف إلى إمتاع القارئ وإطرابه عن طريق تلخيص نتائج مغامراته له ، ووضعها بين يديه في أوزان مطربة تهدهد حواسه وتدغدغها ،وإنما أصبح هدفه الأول أن يهز قارئه ويقلقه ،وأن يدعوه إلى رؤية الوجود من زاوية أخرى غير تلك التي ألف أن يراه منها باستمرار ، وأ ن يقوده إلى مشاركته لذة الارتياد والكشف والمغامرة هذه اللة التي تتضاعف وتعمق بمقدار ما فيها من جهد ومعاناة وإذا كان قول بول فاليري السابق" إن ما يتم بسهولة يتم بدونن"ا ينطبق أساسًا على عمل الشاعر ، فإنه ينطبق بنفس القدر على عمل القارئ .
ولكي يستطيع القارئ أن يواكب الشاعر في مغامراته تلك فإنه مطالب بأن يكون على وعي بطبيعة الرؤية الشعرية الحديثة من جهة ، وبطبيعة الأدوات الفنية التلي يجسد بها الشاعر هذه الرؤرية من جهة أخرى ، وبمقدار ما يتحقق للقارئ من هذا الوعي تزداد متعته بالقصيدة ، بل إنه بمقدار ما يبلذ القارئ في سبيل استيعاب القصيدة من جهد واعٍ ومخلص يزداد عطاؤها ويتضاعف ،لأن القصيدة الحديثة نوع من الإبداع المشترك بين الشاعر والقارئ ، فهي لا تحمل معنى محددًا وحيدًا ، والقارئ الجاد هو الذي يكسبها معناها ، أو على حد قول بول فاليري "إن أشعار تحمل المعنى الذي يضفيه القارئ عليها ،
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس