عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 12-12-2007, 07:32 AM   #2
sbhhbs
ضيف
 
المشاركات: n/a
إفتراضي

تابع
مخابرات الإنترنت

أما الدكتورة (مارى سيجال) وهى أخصائية اجتماعية مختصة فى السلوك البشرى فى جامعة (لوروا) ببلجيكا فتقول إن عبارة المخابرات الإنترنتية إنما هو مصطلح جديد على مسامع الآخرين، وبالرغم من حقيقة وجوده فإن الأمريكيين اعتبروا أنفسهم قبل غزو العراق أنهم (يسعون إلى قراءة الشخصية العراقية) من خلال الإنترنت، أى استقطاب أكبر عدد من العراقيين بمختلف مستوياتهم لدراسة شخصيتهم وكان ذلك المشروع قيد البدء فعلا، قبل أن تتسارع الأحداث بغزو العراق بتلك الطريقة.

ومن وجهة النظر العلمية فإن استقطاب المعلومات لم يعد أمرا معقدا، بل صار أسهل من السابق بكثير ربما فى السنوات العشرين السابقة، كان (العميل) شخصا يتوجب تجنيده بشكل مباشر، بينما الآن يبدو (العميل) شخصا جاهزا، يمكن إيجاده على الخط، وبالتالى تبادل الآراء معه ونبش أسراره الخاصة أحيانا، وأسراره العامة بشكل غير مباشر.

وهنالك حادثة غريبة نشرها ضابط المخابرات الإسرائيلى الأمريكى (وليام سميث) الذى اشتغل إبان الحرب الباردة ضمن فرقة (المخابرات المعلوماتية)، حيث نشر فى جريدة الواشنطن بوست قبل عامين أجزاء من كتابه (أسرار غير خاصة) ويحكى عن تجنيد شباب عاطلين عن العمل من أمريكا اللاتينية، كان دورهم فى غاية البساطة والخطورة فى نفس الوقت عبارة عن كتابة تقرير عن الأوضاع السائدة فى بلدانهم.

حرب الإنترنت
وما يسمى (أبواب التعارف عبر الشات) عبارة عن عوالم أعطت للشخص احتياجات كثيرة منها أنه مسموع، لأول مرة فى حياته يجد من يتحاور معه ويصغى إليه، ولهذا فإن أدق معلومة تبدو مهمة، بحيث يتم جمع أكبر معلومات عن نفسية الأشخاص المستعملين لتلك الغرف، وهذا نجده بشكل كامل فى كتاب (غرف الشات المزدوجة) والتى يعرض فيها الصحفى (وضابط المخابرات الإسرائيلى) (دان شستاسكى) أن التركيز على فئة الشباب هى المهمة؛ لأن الشباب مندفع فى الكلام، وبالتالى التعرف على الجنس اللطيف هو فى الأساس ما جعل مكتب مخابرات الإنترنت يلجأ إلى تجنيد ضابطات نساء من الشبكة ، لأن الطلب عليهن أكبر فى العالم الثالث وفى الشرق الأوسط عموما!.

وفى 27 مايو من عام 2002م نشرت جريدة اللوموند الفرنسية ملفا عن حرب الإنترنت ، وهى الحرب التى انطلقت فعلا منذ أكثر من عشرين سنة، وتوسعت منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، بحيث تحولت من حرب معلوماتية إلى حرب تدميرية كان الهدف الأساسى منها احتكار (سوق الإنترنت) عبر مجموعة من المواقع التى رأت النور بعد ذلك التاريخ الأسود من أيلول 2001 بحيث إن أكثر من 58% من المواقع التى ظهرت كانت فى الحقيقة فروعا مؤكدة من أجهزة الاستخبارات للعديد من الدول، أهمها الولايات الأمريكية، وإسرائيل، تليهما بريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا.

وقد كشفت مجلة (لاتريبون) الفرنسية أن ضابط الاستخبارات الإسرائيلى (أدون وردان) المعروف فى الوسط المخابراتى داخل وخارج إسرائيل هو نفسه (دانيال دوميليو) الذى أطلق موقع (شباب حر) الذى استقطب أكثر من 10 ملايين زائر فى سنة انطلاقته عام 2003م، وكان هذا الموقع الذى توقف فجأة بعد أن كشفت صحيفة الصنداى شخصية مؤسسة من أهم مواقع التعارف والكتابة الحرة التى كان يعبر فيها ملايين الشباب عن (غضبهم) من حكوماتهم.

وبالتالى كان ثمة ضباط من العديد من الدول الذين (اعتقدوا) أنهم يؤدون مهمة إنسانية بالكشف عن أسرار عسكرية فى غاية الخطورة، منهم ضباط من كوت ديفوار نشروا وثائق خطيرة عن الوضع الأمنى الذى تم استغلاله من قبل المخابرات الإسرائيلية فى السنة الماضية لمعاقبة فرنسا على موقفها السلبى من الحرب على العراق، يقول (دونالد ماكرو) بالحرف الواحد: (لقد لعب الإنترنت المهمة الأخطر على المستوى العسكرى، إذ إن مجرد السؤال فى حوار عادى عن الوضع السائد فى البلد الفلانى لم يعد بريئا، لكن ثمة أخصائيين يجيدون طرح الأسئلة بتفادى طرحها بشكل مباشر، ولإجبار الطرف الآخر على طرحها، فقد كانت دولة مثل إسرائيل فى الستينات والسبعينات تصرف الملايين من الدولارات كرواتب لعملاء تعمل على تدريبهم وبالتالى على تهيئتهم للأعمال المطلوبة منهم. كان عالم الجواسيس دائما محاطا بنفس الهالة الرهيبة والمخاطر التى نجحت السينما الأمريكية فى صياغتها).

ضحية رغم أنفه
فالجاسوس أو العميل هو نفسه الخائن فى كل اللغات، هو الشخص الذى يعى أنه يختار الجهة المضادة لأسباب مادية وأحيانا ثأرية، وهؤلاء يفعلون ذلك عن مغامرة وعن سقوط إرادى، لكن الذى يجرى أن (العميل) الراهن لا يعرف الدور الذى يقوم به، لا يعرف أنه يخون ويبيع أسرار بلده، لا يعرف أنه ضحية حوار غير برىء، ولا يعرف أن كل كلمة يقولها تمر على عشرات المحللين النفسانيين وأنه هو فى الأخير فأر تجارب فى عالم متناقض ومشبوه.

لهذا من الصعب جدا تفادى (كارثة الإنترنت) يقول أكثر من رأى: من الصعب تفادى (كارثة الشات) لأنه يبقى هو العالم المغرى للملايين من الشباب خصوصا من هم دون العشرين سنة، ولهم ثقافة حياتية وفكرية جد محدودة، بحيث لا يهمهم سوى الكلام فى أشياء (محظورة) مع شخص يعتقدونه جنسا لطيفا! يقول (مايكل هيجل) فى مجلة (بون) الألمانية:

وما يبدو حقيقيا جدا، وباعتراف ضباط سابقين فى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية مثل (جون دلتون) وضابط الاستخبارات البريطانية المتقاعد (هنرى سرلوب) صاحب كتاب (واجهة شاحبة)، وضابط الاستخبارات الإسرائيلية (ميخائيل ماتان)، هؤلاء كتبوا بأنفسهم عن الدور الذى لعبوه فى استقطاب عملاء بطرق لم يكونوا ليحلموا بها، أى بجرهم إلى الحوار عبر الإنترنت.

والغريب فى الأمر الذى يحكيه (هنرى سرلوب): إن مواقع التعارف عبر الإنترنت هى التى تستقطب الملايين من الناس عبر العالم. وأن ركن التعارف جلب أطباء وصحافيين مثلما جلب رجال أعمال وموظفين عاديين وعسكريين أيضا، لهذا كانت المواقع المعنية بالتعارف من أكثر المواقع زيارة فى أوروبا وطبعا مفتوحة لاستقطاب شباب من العالم العربى، ومن أمريكا اللاتينية، والطريقة فى غاية السهولة نجدها ببساطة فى كتاب (العميل البرىء) للكاتب الإنجليزى أدوارد ريتشارسون حيث يقول:

(العميل المثالى هو الأكثر حنقا على نفسه، هو الكاره لذاته، الذى لا يحمل أى هدف محدد، فتلتقيه فى حالة شرود، لتقوده إلى عالمك، ولتصقل شخصيته كما تشاء، بأن تصنع منه عميلا مثاليا و(بريئا) لمجرد أنه لا يعرف أنه يقدم لك خدمات كبيرة مقابل أن تكون صديقه !

منقول

ولنا تعليق
  الرد مع إقتباس