عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 02-09-2009, 12:34 AM   #393
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

العمل الذي بين يدينا يتسم بأكثر من سمة لعل من أبرزها المفاجأة وهذه المفاجأة على صعيد العنوان وعلى صعيد الختام ، وهاتان النقطتان يتم التعرض إليهما لاحقًا بإذن الله .كما أن عنصرًا آخر ميزها وهو الإيجاز ، فلم يكن السرد مضيعًا تناسق التعبيرات ولم يكن الإيجاز ليصل إلى درجة الغموض .كما أن عنصر المفارقة في الاستخدام اللغوي كان عنصرًا محققًا إدهاشًا للقارئ .


تمتد مخالبها مع أول أطفاء لنور الضجيج وصوت النور
البداية سينيمائية كأفلام الرعب وتشعِر القارئ بالتأهب والتشوق للحدث لاسيما وأن المخالب امتزج بها لفظة إطفاء النور ، ووجود كلمة أول إطفاء نور قد تعني أن هذا الأمر يتكرر وهو بظهوره المفاجئ يصنع حالة من التوتر تتماشى مع العنوان .
في جو مفعم بالشراسة فتنغرس بكل رقة بين الجسد والروح

ويبدأ الرقص على إيقاع أنغام الإفتراس العذبة
تأتي اللفظتان تنغرس بكل رقة وإيقاع أنغام الافتراس لتشعرا القارئ بالتشوق إلى سبب ذلك وتعطيان حالة من التفكير الذهني لدلالة هاتين اللفظتين ، كما أن نعت أنغام الافتراس بالعذبة كان عنصرًا جيدًا لأنه يعكس رؤية مغايرة للحياة ..تلك النظرة التي ترى أن ثمة عذابًا لابد منه ليشعر الإنسان بعذوبة الحياة ..ذلك الألم أو الافتراس الذي يطهر من بلادة الحس .
فتتابع الخطوات بخفة ورشاقة الخوف
كتتابع تلك الأنفاس التي لها شذى الموت في ليل الإفتراس

لا يتوقف ذلك الرقص حتى تتساقط قطرات الدماء كالجمان الأحمر القاني
الوصف رشاقة الخوف كان معبرًا للغاية عن مدى استغراقه في النفس ودخوله إلى عوالمها بانسيابية ، وجاءت لفظة شذى الموت لتؤكد مبدأ التلذذ بالألم والتعبير عن هذه الحالة من التلهف لموت ما.
والنص لا يمكن أن يجزأ في عملية النقد إلا للتبسيط للقارئ ، لكن كان عدم وجود النقاط الخاصة بنهاية الكلمة وعدم وجود النقاط الخاصة بالحذف أو مرور شيء ما هكذا (..) دل على سرعة الحدث وهذا يناسب الحالة التي تتناولها المبدعة .
فيمسح بكف بدأت تنمو مخالبه بإبتسامة انفرجت عن أنياب تتلألأ
فقد حان وقت الرقص في حلبة الذئاب.وبين مخالبها بــقــايا أشلاء إنسان.


صورة الوحش هذا الذي يمسح بكف بدأت تنمو مخالبه... صورة تتسم بالرعب وهذا يناسب العنوان والحالة وأكثر من ذلك أنها لم تصرح بأنه وحش وهذا يعطي التصوير والتأمل قدرًا أكبر لتعميق الحالة .
الجميل هو النهاية بقايا أشلاء إنسان .. إن الأشلاء ليست أشلاء حسية كما أن هذه الوحوش ليست حسية كذلك وإنما اكتسب لفظ الذئاب تعبيرًا عن مكائد الإنسان بشتى وسائلها .النص أتى تعبيرًا عن احتقار الإنسان وانتهاك كرامته انتهاكًا ماديًا ومعنويًا ، وهنا مربط الفرس ، إذ أن القارئ يحسب الذئاب تعبيرًا عن أشخاص يوقعون بالفتيات المنحرفات مثلاً .
أو يأتي لفظ الذئاب للتعبير عن الجنود الوحشيين ، لكن عدم التصريح بطبيعة أي من هؤلاء جعل الذئاب لفظًا يشمل كافة أشكال التجاوز لحقوق الإنسان وجعل هناك تناصًا مع الكلمة المشهورة ظلم الإنسان لأخيه الإنسان .
هذا التناص كان جيدًا لاعتماده على التلميح دون التصريح كما أنه لم يعر الإنسان القدر الأكبر من التعبيرات كأنما اختفى الإنسان من السطور كاختفائه في الحياة وكأن المبدعة تمارس دور الذئب تجاه الإنسان في النص .
النص يتسم بالتكثيف الذي لا يضيعه السرد ولا يعيق فهمه الغموض ، وكان تعبيرًا إنسانيًا يشمل كل زمان ومكان وعرق وجنس وهذا من عناصر تميز العمل الأدبي .. رغم غيابك أختنا العزيزة عن الخيمة إلا أن للراحلين عبقهم ..دمت موفقة باركك الله .
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس