عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 15-09-2009, 02:13 PM   #395
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

يتسم هذا العمل بالصبغة الاجتماعية كعادة هذا الكاتب ، فهو يناقش واحدة من مشكلات المجتمع العربي ،ذلك المجتمع الذي كُتِبَ عليه في هذه الآونة أن يكون محور أعمال الظلم والنهب من الداخل وليس من الخارج فقط .
ولاحتفال الناس برأس السنة نكهة تختلف من فرد لآخر ،لذلك يأتي احتفاله بهذه المناسبة على طريقته الخاصة أو لنقل بشكل أدق تأتي فلسفة هذا اليوم بالنسبة له مختلفة بشكل واضح .
رأس سنة مقطوع ...هذا العنوان الذي يحمل شكلاً مدهشًا في جانبه التصوري جاء ليجعلنا أمام صورة منفرة ،فكل الأشياء التي تنقطع رءوسها تكون ميتة وتعبر عن بشاعة في المشهد .
وهذا الرأس للسنة أو بدء السنة بالنسبة لديه مقطوع لأنه يحمل رؤية مختلفة مفادها أن رأس السنة لا يكتمل إلابنيل الحقوق المستلبة ، أما وقد سُلِبَت ، فقد صار الرأس رأس السنة مقطوعًا وتصبح الحياة كلها بالنسبة لديه سلسلة من الآلام المتصلة.
إذاً الرأس بالنسبة لديه يعني هذه الآمال والتي يأمل أن تجد لأرض الواقع طريقًا لها، هذا الرأس وهو أول السنة طالما قطَع فكل الأيام تباعًا تصبح على نفس الشاكلة .

ولعل البداية التقريرية جاءت ليشعِر القارئ المستمعين بأنه لاشيء جديد ،فاللغة التقريرية في الإبداع لا تعني شيئًا إلا مجرد كلمات مرصوصة وعل هذه هي محاولة الكاتب أن يجعل من الموضوع أمرًا عاديًا لاجديد فيه كرأس السنة الذي هو أيضًا لا جديد فيه .
كذلك يمكن فهم هذه البداية على أنها كانت محاولة لاستدراج القارئ إلى جو بهيج ولكن تأتي الصدمة بعده عندما يكون الموضوع متعلقًا بمفاجأة غير سارة في الوطن .(وبالمناسبة وطن الكاتب اليمن ) ولا اختلاف غالبًا بين دول العالم العربي في مظاهر هذا الاحتفال المأساوي.
وتبدأ مهارات الكتابة الإبداعية تتجلى لدى الكاتب في هذا العمل من خلال المفاجأة الأولى والمثيرة للدهشة والمحققة لقدر كبير من الابتكارية في التصوير :
يتدحرج رأس السنة ككرة نار إعتيادية تلتهم ماتبقى من أمل عالق بين أجفان البشر..
هذا التصوير الساخر لرأس السنة ككرة نار باستلهام الأشكال الأسطورية للتنين وما هو على شاكلته نقل القارئ نقلة مفاجئة تشعره بعنف التغير من عالم البالونات والأفراح إلى كرةالنار ، ولفظة التدحرج عبرت عن سرعة التحرك ،فكأن الحياة لدى المجتمع العربي كرة ، الحياة لديهم تمر بسرعة ودون فائدة .
ولفظة اعتيادية جاءت لتؤكد طبيعة هذه الآلام وهذه الفرحة المزورة والتي يكون كل شيء فيها معتادًا .وتزداد الصورة ألمًا بجملة :"تلتتهم ما تبقى من أمل عالق بين أجفان البشر". كان عنصر الصورة والحركة مازجًا بين الفانتازيا والحقيقة ويشبه بشكل كبير صورًا يتم عملها بالفوتوشوب والتي تؤكد أن دور الكاتب المبدع يمتد ليشمل العديد من الجوانب التصويرية التي توصل المشاعر الحزينة إلى المستمعين بشكل يؤدي إلى التأثر والتعاطف مع الرؤية الفنية.
وتظل عملية سرد جوانب الاعتيادية في الحياة لتشمل الأيام والمشاكل والحاكم ، حتى تأتي على المفارقة المؤسفة أن التغير الوحيد الذي يحدث هو تغير مؤلم ، وأنه في نشوة هذه الاحتفالات تأتي هذه الفرحة المموهة وهذا تعبير يتسم بالبلاغة وعنصر السخرية زاد من قتامة الصورة ليكون التغير الوحيد في فواتير الحياة ، وحق لذلك أن يكون رأس السنة مقطوعًا.


أحاول أن أفتش في ذكائي عن ماذا يعني قدوم العام الجديد بالنسبةِ لخيبة أمل متكررة مثلي فلاأعثر على شيء
كانت السخرية فاعلة من خلال الاستخدام الموازي للتعبيرات التقليدية ، فالذكاء مقابل العقل ،وجاء هذا اللفظ يعبر عن حالة الغموض والاستغراب بشكل غير تقليدي كما أن تصوير الذكاء بالمستودع كان جيدًا معبرًا عن التعجيز كذلك لفلظة خيبة أمل متكررة مثلي ، تصوير الإنسان بأنه قطعة من خيبة الأمل كان تعبيرًا ابتكاريًا يؤدي إلى تعميق صورة الحزن والألم وكان الاستخدام الساخر لهذه الكلمات معمقًا من شكل المأساة .


وتأتي هذه النهاية الساخرة :
أشجار الأرز المزينة..,والأضواء المعلنة لاتعني هي الأخرى أي شيء سوى أنني سأخطيء كلما حاولت كتابة العام الجديد على دفنر المحاضرات القديم!!

تعبيرًا عن استمرارية الرتابة ،فدفتر المحاضرات القديم هو العمر الفائت ، لتظل محاولات الكاتب المستميتة في أن يضع شيئًا في موضعه غير موفقة ولا سديدة .
إن النهاية كانت موفقة في التعبير عن مأساة أخرى وهي استمرارية هذا الألم ، فإن الدفتر القديم لا يمكن أن تكتب فيه أشياء جديدة ، كذلك الحياة لا يمكن للكاتب أن يغير شيئًا مما مضى ، ستظل محاولاته لكتابة العام الجديد أي محاولاته لصياغة إنسان جديد وأمل منتعش فاشلة لأن الدفتر القديم وهو الإنسان العربي أو القلب قد جمُد فلن تؤتي الكتابة ثمارها ، ويظل الحزن مطردًا .
ميز النص الاستخدام الابتكاري للألفاظ والرؤية الفنية ، كذلك صغَر حجم العمل نسبيًا ، والمعالجة الفنية المتوازية مع الواقع الاجتماعي.

__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار





آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 25-11-2009 الساعة 09:50 PM.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس