عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 05-11-2009, 06:35 AM   #459
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

أترقب سكون الليل
يا رائع التذكر
يا طائرا مخضبا بالرحيل
يا امرأةالمواسم
أتهجى دفتر حزني
عودي لكي نزرع الحلم



نلاحظ في الأسطر السابقة أن هناك فعلين مضارعين هما أترقب وأتهجى ويدلان على الاستمرارية ، مما يعني أن الشوق في درجة من التوهج لم تنته بعد ،كذلك كان البدء بالفعل أترقب ليدل على شدة الترقب مما استدعى أن يجعله الكاتب في أول الجملة ، وكان خطاب المحبوبة من خلال ثلاث مرات رائع التذكر ، طائرًا مخضبًا بالرحيل ،امرأة المواسم مما يدل على أن المحبوبة بدت وكأنها غير مستمعة لما يقول ، وبعد ذلك بعد النداءات الثلاثة كان الخطاب بالفعل عودي وهذا التأخير في الطلب أو التأخير في استخدام فعل الأمر عبر أضاف للنص حالة من التشويق كما أنه عبر عن شدة المبالغة في التودد للمحبوبة بما جعله يؤخر الطلب بعد النداءات الثلاثة المعبأة بالمدح والثناء .


وكان التعبير طائرًا مخضبًا بالرحيل تعبيرًا متقنًا عن تمكن الرحيل ، وهو تعبير مركب فيه التشبيه للمرأة بالطائر ثم كان التعبير عن الرحيل الذي بدا


حقيقة لا يعتريها الشك من خلال السمة التخضيب ومعنى مخضبًا أن محنّى كأن المرأة طائرًا عليه حناء من الرحيل .هذا الاستخدام للشيء الملموس للتعبير به عن المحسوس كان عنصر قوة في النص إذ يضفي للأشياء أكثر


من دلالتها ويتيح للمبدع مزج أنواع مختلفة من التعبيرات الابتكارية التي


تتسم بوجود صلة بين المشبه والمشبه به. كان المجاز حاضرًا بقوة من خلال التعبيرات أتهجى دفتر أحزاني ، نزرع الحلم ، كان فيهما مراعاة للنظير وهذا يزيد النصوص جمالاً لأنه يجعل منها أشياء شبه حقائق ويدل على مدى استغراقها وتمكنها من نفس المبدع .
إني راحل ولن أدل عليّالطريق



جميل هنا أنسنة الطريق أي إعطائه سمة الإنسان ، وكأن الطريق يترقبه ،مما يجعل الأسى مستحوذًا على الحالة النفسية بشكل أكبر إذ يغدو كل شيء حتى الطريق عدوًا يحول دون لقائه بالمحبوبة ، وكان تعبير امرأة المواسم قريبًا نوعًا ما من تعبيرات نزار قباني وميّزه أنه عبر عن شح هذه اللقاءات وقلتها كما أنه عبر عن تفرد المحبوبة بنعتها بشيء من نعوت الطائر ،وهذه اللامباشرة في التعبير عن المحبوبة تزيد العمل أناقة وبهاء.
يجرحني رنين صوتك



في رأيي أن العبارة تدل على خطأ في المجاز إذ لا علاقة أو وجه شبه بين الصوت والجرح
نبت شوك لهفتي على الشرفات



هذا التعبير كان متقنًا في تصوير حالة التلهف ،إذ يغدو التلهف


زرع صبار ،وبينما تعارف الناس على أن الشرفة ذات طابع بهيج


إذ من خلالها يطل الواحد منها على السماء والأفق إلا أن استخدام


هذا التعبير شوك لهفتي على الشرفات جاء ليزيد الصورة حزنًا


والحالة أسى ولعل هذا التعبير كان مقترنًا بالعبارة يجرحني


رنين صوتك ليكون بينهما موازاة الصوت –اللهفة ،الجرح-الشوك
انطفأت المصابيح بعداختلاج النشيج عند آخر الحزن...
من أين أتيتِ؟
مشّط الهم تربة روحي



هذا تعبير أظنني لن أنساه مطلقًا بإذن الله ، فالألم يبلغ درجة غير معتادة إذ


يكون في الروح ليكون الألم ألمًا غير عادي لأنه في هذه المنطقة المجهولة ، بلا شك الروح من أمر ربي كما هو في سورة الإسراء لكن هذا الاستخدام المجازي عبر عن معنى المكابدة بشكل كبير ، وفي أمثالنا نقول "...طلع روحي" كناية عن المكابدة ، كانت صيغة المبالغة فعّل في الفعل مشّط معبرة عن شدة التمشيط والتسوية ،وإن كانت التعبيرات المجازية المختلفة عبقرية للغاية إلا أنه تقريبًا لا يربطها رباط واحد مما يجعل التشبيهات تعبيرًا عن حالات متفرقة ، كما أن الإسراف في المجاز كالإسراف في اللغة التقريرية كله يحول بين المستمع وبين ما يتوقع أن يجده عنصر قوة في النص.
أفيقعلى قمر غائم بالبكاء



تصوري الشخصي أن كلمة بالبكاء أتت زائدة لأنه معروف أن التعبيرات عن غياب القمر تدل على بكائه بشكل ضمني .
لا تكوني غُرةَ الأوجاع ِ



تعبير قوي عن بدء الوجع ووضوحه ، فالغرة هي مقدمة الشيء غرة الخيل ، والغرة تميز لون الخيل ،والخيل بطبيعته سريع وجاء هذا التعبير ليحقق ثلاثية الدلالة البدء ، الوضوح ،السرعة والاستمرارية .
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس