عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-12-2012, 01:01 PM   #7
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

هل يستوجب على الحركات السياسية العربية دعم الإسلاميين؟

لم يكن في صدر الدولة الإسلامية، حركة صهيونية أو شيوعيين وبعثيين وفلول نظام حتى تعيقها، وقد تم إزاحة إمبراطورية الفرس والروم كأعداء خارجيين، وكان المؤمنون المسلمون أقرب الى منبع الإيمان منهم اليوم، فما الذي جعل الدولة الإسلامية تتهاوى وتضعف شيئاً فشيئا حتى زالت من الوجود؟


تقول الأسطورة العربية أن عبد شمس (جد الأمويين) وهاشم جد الرسول صلوات الله عليه، توأمان عندما وُلدا كان هناك أثران على جبهتيهما من أصابع كلٍ منهما، فتنبأت العرافة أن سيكون التاريخ المقبل بين أولادهما مخضبًا بالدم!*1

وحاول الإخباريون العرب، أن يثبتوا تلك الأسطورة، بتتبع التاريخ ليثبتوا تلك المقولة، فيستشهدوا بأن أبا سفيان (الأموي) كان من ألد أعداء الدعوة التي بَشّر بها الرسول الهاشمي صلوات الله عليه، وأن الفتنة التي حدثت بعد مقتل عثمان (الأموي) كانت بين الأمويين والهاشميين الممثلين بعلي بن أبي طالب رضوان الله عليه، وأن العباسيين (الهاشميين) حاولوا ملاحقة الأمويين حتى في دولتهم البعيدة التي أقاموها في الأندلس بالتحالف مع (شارلمان) ملك فرنسا، وهارون الرشيد، وأن يكرس إبراهيم ابن الأغلب والي إفريقيا (تونس اليوم) الحكم في ذريته مقابل مضايقة الأمويين في الأندلس..

ورغم عدم القناعة بتلك الأسطورة، لكن الخلافات السياسية التي كانت بين الفرق الإسلامية، لو تتبعها المتمعن لوجد أنها أخذت ولا تزال مساحةً في الفكر الإسلامي السياسي، وقد تم استغلالها جيداً من الشعوبيين الذين لم يَعْنِهم الإسلام بالدرجة الأولى بقدر ما يعنيهم زوال سلطانهم (الفرس مثلاً) واليهود، فأي محلل أو متحدث بالسياسة، حتى لو كان علمانياً، لا يتحرج من ذكر تلك الخلافات حتى هذا اليوم، وأي تحليلٍ سياسي يهم المنطقة لا بد فيه من المرور على إيران واليهود (غزة، لبنان، العراق) الخ..

وعندما نريد وننوي ونُزمع أن نرتقي بهذه الأمة الى الأعلى، لا بُد من الترفع عن الدخول بتلك المهاترات، ونفكر بأنفسنا حتى تقوى أمتنا ونلتفت لجيراننا لنقيم معهم علاقات كأقوياء..

لماذا علينا أن ندعم الإسلاميين في صعودهم؟

كما أسلفنا، استطاع الإسلاميون أن يقيموا تنظيمات أكثر ثباتاً من غيرهم للعوامل التي ذكرناها، فإن كنا نهتم بشأن الأمة فلا يضيرنا أن يتبوأ مركز الصدارة فيها من فوضته الجماهير، فإن بنيان تنظيمه هو من ممتلكات الأمة وقد أصبح بمثابة فرض كفاية ليحمل على عاتقه رفعة شأن الأمة، فإن فشل فإنه سيحمل وِزر فشله، وإن نجح فإن نجاحه سيكون لصالح الأمة التي نحن منها..

لكن، وحتى يحمل وِزر فشله، لا نسعى بجهدنا لإفشاله، فتلك الدورة تدور، وسيتربص بك كما تربصت به، وإن كان قد تربص بك سابقاً، فلا تعني مبادلته التربص سترفع من شأن الأمة، بل ستعيد الكَرّة ونبقى في مكاننا، هذا إن لم نتراجع أكثر..

لقد أفلح القوميون واليساريون في مصر، عندما رجحوا كفة مرسي على شفيق، فلو نجح شفيق لأصبحنا أمام جيل من الحكم الفاسد تعرض لهزة الثورة واستفاد من تجربتها وأصبح أقوى من جيل مبارك..

لكن هل أدرك الإسلاميون مقولة المفكرين الثوريين في حشد عوامل القوة لدحر أعداء الثورة؟ أم أنهم استلهموا طرائق من سبقهم في الحكم في الإجهاز على الحليف كونه مفارقاً؟ فالثورة عند جرامشي تتلخص في (إن التمركز الرأسمالي ينتج تمركزاً موازياً للجماهير الإنسانية)*2. فتنقية العناصر الثورية في جبهات محاربة أعداء الثورة لا تقتصر على طيف سياسي دون غيره، والأصعب في عملية التنقية، هو ما كان يختص بالطيف الواحد نفسه.

ولكن لا نبالغ في انتقاد الأطراف التي تتصدر المشهد، ونجعل من حداثتهم في العمل السياسي المتعلق بإدارة الدولة وكأنها خيانة تلتقي مع الدوائر الإمبريالية، فالتطير منهم الذي جاء على لسان سمير أمين إذ قال (أن المواجهة بين الجماعات الإسلامية والأنظمة ليست إلا تنافساً بين قطاعات مختلفة من الطبقة الحاكمة، وهو تنافس وصراع حول السلطة سواء حدث ذلك بشكل مسلح كما حدث في الجزائر أو بشكل سياسي كما حدث في مصر) ويضيف ( أن الإسلام السياسي ليس معادياً للإمبريالية بأي شكل من الأشكال، بل أنه أفضل من يخدم الإمبريالية.. وأن الاستثناءات مثل حماس وحزب الله ليست سوى نتيجة طبيعية للجغرافيا السياسية التي تضع مثل هذه الحركات في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي)*3

فكما يستطيع المتصيدون إيجاد هفوات وأخطاء لطيف ما، فإن القائمين عليه سيجدون ما يرمون به خصمهم، وماذا بعد؟

جدلية دعم الإسلاميين

أن تتكون جبهة وطنية واسعة من مختلف التيارات السياسية العاملة لخلاص الأمة، رغم ما في ذلك من صعوبات، هو أكثر نفعاً من استقواء أحد الفصائل الوطنية بقوىً خارجية سواء كانت من خارج البلاد (أي بلاد)، أو من خارج محور الثورة، فهذا سيجعل من جميع الأطراف تتنازل عن بعض عنادها في مسائل تتسم بالعقائدية، لتصنع مُركَّبًا يؤسس لنهج جدلي تتطور معه فكرة التعاطي السياسي بين أطراف تُمرِّن نفسها على العمل بأجواء التعددية السياسية.

قد يأخذ مشوار التمرين بالتعددية السياسية سنين طويلة قد تصل الى عشرين أو ثلاثين سنة، وسينتج عن ذلك توافق حسب (محمد أسد)، يتم من خلاله عصرنة الدولة العربية والإسلامية*4، وستكون الجماهير حكما عادلا على تزكية من يفلح، ورادعاً قوياً لمن يريد تأخيرها..

وبعكس ذلك، فإن ثمار الحِراك العربي ستذهب سُدىً، وستزيد الفرقة بين القوى السياسية، وستستغل القوى الخارجية هذا الضعف والفرقة، وتربط المنطقة باتفاقيات وديون ثقيلة تزيد من صعوبة من سيكتشف طريق خلاصها السليم مستقبلا.

انتهى

هوامش
*1ـ من كتاب النزاع والتخاصم فيما بين بني أمية وبني هاشم/ تقي الدين المقريزي/ إعداد وتعليق: صالح الورداني/القاهرة: الهدف: للإعلام والنشر/ صفحة 38.

*2ـ جرامشي ضد الإصلاحية/ كريس هارمان/ مركز الدراسات الاشتراكية صفحة 16.

*3ـ الأخوان المسلمون: رؤية اشتراكية/ سامح نجيب/ مركز الدراسات الاشتراكية صفحة 6.

*4ـ انظر كتاب (منهاج الإسلام في الحكم) للباكستاني محمد أسد/ نقله للعربية: منصور محمد ماضي/ الطبعة الخامسة 1978/ بيروت: دار العلم للملايين.. المقدمة وما بعدها..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس