عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 26-11-2023, 08:51 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,998
إفتراضي

"ومن أجل تشاؤمهم بالغراب اشتقُّوا من اسمه الغربة، والاغتراب، والغريب. وليس في الأرض بارح ولا نطيح، ولا قَعيد، ولا أَعضب ولا شيءٌ مما يتشاءمون به إلا والغراب عندهم أنكد منه ".
ولأنه تجسيد للشر والشؤم فلا عجب أن يكون الغراب حاضرا في الكثير من أفلام الرعب , حيث نراه يرافق الساحرات الشريرات ويعيش في الأماكن المهجورة والبيوت المسكونة , وقد يهاجم البشر بوحشية كما فعل في فيلم الطيور للمخرج العالمي الفريد هتشكوك عام 1963 , أو قد يعيدهم إلى الحياة من القبر , كما في فيلم الغراب الشهير عام 1994 , الذي يعتبره البعض دلالة على شؤم الغراب , إذ شهد وقوع واحدة من أغرب الحوادث في تاريخ السينما , فخلال تصوير أحد المشاهد كان مقررا أن يقوم الممثل مايكل ماسي بإطلاق النار على الممثل براندون لي ليرديه قتيلا , وكان المسدس الذي سيطلق النار حقيقيا لكن تم افراغ رصاصاته من البارود , غير أن الطاقم المسئول عن الأسلحة نسي على ما يبدو إفراغ إحدى الرصاصات فانطلقت أثناء تمثيل المشهد لتستقر في أحشاء براندون وترديه قتيلا وهناك من يعتقد بأن الحادثة كانت مدبرة لإنهاء حياة الممثل الشاب كما حدث مع أبوه نجم الفنون القتالية بروس لي."
قطعا الغراب طير مطيع لله ولكن البشر يؤلفون الحكايات عن كونه مصدر لأذاهم وفى الحقيقة الغرب كان أحد معلمى البشر الخير وهو دفن الجثث كما قال تعالى :
"فبعث الله غرابا يبحث فى الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأوارى سوءة أخى فأصبح من النادمين"
ورابع أمور التشاؤم الحمامات وقد تحدث عنها مبينا اعتقاد البشر أن الجن يسكنون فيها لأذى البشر فقال :
"سكب الماء الساخن في الحمام
هل يفضل الجن حقا السكن في الحمامات ..
هناك اعتقاد لدى الناس بأن الحمام هو مسكن الجن , ذلك أنه المكان الوحيد في المنزل الذي لا يكون مسكونا من أهل البيت , فلا يطيل الناس المكوث فيه ولا يتخذونه مجلسا أو مخدعا لنومهم , وهو المكان الوحيد الذي لا تقام فيه صلاة ولا يذكر فيه أسم الله , والمكان الوحيد الذي يمكث الناس فيه عراة ربي كما خلقتني من دون خجل واستحياء ... لا عجب بعد هذا كله أن يتخذه الجن مسكنا ومنزلا له! .. ولهذا يجب الحرص أشد الحرص عند التعامل مع الحمام لكي لا يتعرض ساكنوه الغير مرئيون للأذى من دون قصد , فسكب الماء الساخن في الحمام ليلا قد يصيب الجن الساكن فيه , أو قد يقتل أحد أطفاله , خصوصا إذا نسي الساكب أن يسمي بالرحمن ويتعوذ من الشيطان , مما يدفع الجني للانتقام من البشري بشتى الوسائل وقد يتلبسه. طبعا هناك من يضحك ملئ شدقيه من هذه الخرافة , وهناك أيضا من لديه اعتقاد راسخ بحقيقتها , وللناس قصصا كثيرة يتداولها عن المس بسبب سكب الماء الساخن في الحمام"
وهو كلان بعيد عن الصحة فالجن يسكنون فى مساكن خفية كماكن البشر ولا يعيشون فى حمتمتن البشر لأن لو افترضنا أنهم موجودون فى الحمام فكيف ينامون ويجبسون ويطبخون فى مكان لا يتجاوز متر أو مترين فى معظم البيوت؟
وكيف يتوافق ذلك مع إيمان الناس بوجود ضخام الأجسام منهم كالأغوال والمردة والعملاقة ؟
وإذا عدنا لقصة سليمان(ص) معهم سنجد أنهم كانوا يصنعون أشياء ضخمة كالقدور الراسيات والمحاريب والتماثيل وهو ما يعنى أن فى الأجسام كالبشر وفى هذا قال تعالى :
"ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات"
وخامس الأمور المشئومة عند البشر هو المقص المفتوح وفيه قال العطار:
"المقص المفتوح .. شؤم ..
تركه مفتوحا يجلب النكد , هذه خرافة يصدقها البعض. ليس هذا فحسب , لكن فتحه وإغلاقه من دون داعي , أي من دون أن يكون هناك شيء يقصه , هو أمر سيء أيضا وقد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه من المصائب والويلات. وعلى العكس من هذه الخرافة هناك من يؤمن بأن المقص يمكن أن يوفر الحماية , خصوصا إذا وضع تحت الوسادة أثناء النوم فأنه يمنع الكوابيس.
من غير المعلوم كيف نشأت هذه الخرافات المتعلقة بالمقص , ربما لأن المقص أداة جارحة , وتركه مفتوحا أو اللعب به من قبل الأطفال قد يؤدي إلى حوادث خطيرة. وللعلم هذه الخرافات لا تتعلق بالشرق فقط , ففي الغرب لديهم خرافاتهم الخاصة بالمقص , إذ يعتقدون بأن كسر نصلي المقص هو أمر في غاية السوء ونذير الكوارث , وبأن استعمال المقص في اليوم الأول من السنة الجديدة يجلب الحظ السيئ طوال العام , وأن تعليق المقص مفتوحا فوق عتبة الدار سيدرأ عنها السحرة والشياطين. ولديهم أيضا اعتقاد في أن المقص يجب أن لا يقدم أبدا كهدية لأن ذلك سيؤدي إلى خراب العلاقة مع الشخص المُهدى إليه."
ويبدو أن حكاية المقص المفتوح سببها أنه إذا سقط على أى أحد سيجرحه فليس الهدف من المعتقدات فى ألأصل الشؤم وإنما هو احتمالية جرح الناس
وتحدث عن النعل المقلوب والتشاؤم به فقال :
"النعل المقلوب .. مكروه ..
من الشائع لدى الكثير من الناس عدم ترك الحذاء أو النعل مقلوبا , أي كعبه نحو الأعلى. شخصيا فأن عبارة "اقلب النعال من فضلك" مرت على مسمعي كثيرا في منزلي , وكم هي كثيرة الأحذية والنعل التي قلبتها في طفولتي! .. لكني بصراحة لم افهم حينها لماذا يجب أن أقوم بقلب الحذاء أو النعل معيدا إياه إلى وضعيته الصحيحة .. هل للأمر علاقة بالتشاؤم؟ .. بأن الملائكة لا تدخل البيت إذا كان فيه نعل مقلوب. طبعا هذه خرافة لا أصل ولا سند لها دينيا , لكنها رائجة بين الناس وقد يتشدد البعض فيها. وهناك أيضا من يزعم بأن أصل الخرافة له علاقة باللياقة وآداب السلوك , لأن كعب الحذاء أو النعال عادة ما يكون متسخا , لهذا فأن منظره مقلوبا يكون غير مستحب."
ويبدو أن أن النعل المقلوب كالمقص سبب فى حدوث شىء ضار لفنسان وهو نقض الوضوء أو الطهارة أو التسبب فى رائحة كريهة لأن الإنسان يدوس بها على الروث وغيره أثناء المشى أو العمل
وتحدث عن حركات العين والأذن التى ياشاءم البعض منها فقال :
"اختلاج العين وطنين الإذن
اختلاج العين قد يكون شرا ..
رفة العين واختلاجها قد تكون نذيرا سيئا أو طيبا , بحسب العين التي رفت , فإذا كانت اليسرى فذلك شؤم , أما لو كانت اليمنى فبشارة وتوقع ورود أخبار سارة.
من الصعب أيجاد تفسير منطقي لهذه الخرافة , ربما تكون متعلقة باليسار واليمين , إذ دأب الناس منذ القدم على التفاؤل بالجهة اليمنى والتشاؤم من اليسرى , وكان العرب قديما يتطيرون من الرجل الأعسر. أما علميا فلا علاقة لرفة العين بشؤم أو سعد , فهي ليست سوى اختلاجات لا إرادية سببها أما التهابات في العين أو قلة نوم وتعب.
وهناك خرافة مشابهة عن طنين الأذن , فقالوا بأن طنين الأذن اليمنى معناها بأن هناك من يمدحك ويثني عليك , أما طنين اليسرى فمعناها أن هناك من يغتابك وينال منك. وبعيدا عن الخرافة فأن طنين الأذن طبيا ربما كان دليلا على التهابات الأذن أو ارتفاع ضغط الدم وكذلك التعرض الطويل للضوضاء."
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس