عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 24-11-2020, 09:37 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,907
إفتراضي نقد كتاب العبرة في شهر الصوم

نقد كتاب العبرة في شهر الصوم
الكتاب هو محاضرة ألقاها عبد المحسن بن حمد العباد البدر فى إحدى الثانويات وقد استهلها بالعنوان الدنيا دار ابتلاء وامتحان مبينا هدف خلق الناس وهو عبادة الله فقال :
"الدنيا دار ابتلاء وامتحان:
خلق الله عباده ليعبدوه وحده لا شريك له، وقال في كتابه العزيز: ?وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون?، وأرسل رسله الكرام ليرسموا لهم طريق العبادة، وقال: ?ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت? وجعل حياتهم الدنيوية موطنا لابتلائهم وامتحانهم أيهم أحسن عملا، وقال: ?الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا?, ثم قال: ?وهو العزيز الغفور? مبينا أن هؤلاء الممتحنين منهم من يحسن في عمله فيجازى بما يقتضيه اسمه الغفور ومنهم من يسيء فيكون مستحقا للعقوبة بما يقتضيه اسمه العزيز, وذلك كقوله تعالى: ?نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم, وأن عذابي هو العذاب الأليم? "
وجعل البدر رمضان موسما من مواسم الآخرة فقال:
"موسم من مواسم الآخرة:
وكما فضل الله بعض البشر على بعض وبعض الأماكن على بعض فضل بعض الزمان على بعض، ومن ذلك تفضيل شهر رمضان المبارك وتمييزه على غيره واختياره ليكون محلا لإيجاب الصوم على الناس ?وربك يخلق ما يشاء ويختار? فلقد فضل الله هذا الشهر وجعله موسما من مواسم الآخرة يتنافس فيه عباده المتنافسون ويتسابقوا فيه لتحصيل الفوز والزلفى عند الله المتسابقون، يتقربون فيه إلى ربهم بصيام النهار وقيام الليل وتلاوة كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ويتقربون إلى الله بهذا وغيره من الطاعة مع الحذر والبعد عن المعصية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور"
والخطأ فى الفقرة هو أن الله فضل رمضان على غيره من الشهور ولا يوجد نص فى التفضيل فإذا كان فضل للصوم ونزول القرآن جملة واحدة فهناك شهور مفضلة بالحج وعدم القتال
ثم بين الترغيب فى صوم التطوع فقال:
"زيادة في الخير:
ولما فرض الله على العباد صيام شهر رمضان رغبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتهائه بصيام ست من شوال ليعظم لهم الأجر وليكونوا كمن صام الدهر، فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر» قال الحافظ المنذري: "رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والطبراني وزاد وقال: «قلت: بكل يوم عشرة، قال: نعم»، ورواته رواة الصحيح" انتهى وذلك أن السنة أقصى حد لها ثلاثمائة وستون يوما فإذا أضيف إلى شهر رمضان ستة أيام من شوال وصيام كل يوم بعشرة أيام لأن الحسنة بعشر أمثالها يكون المسلم كأنه صام السنة كلها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «كان كصيام الدهر» وذلك فضل عظيم من الله فله الحمد والشكر على نعمه التي لا تحصى ولا تعد "
والحديث لا يمكن تصديقه لسبب بسيط وهو حرمة صوم أيام العيد فقوله واتبعه ستا يعنى صوم يوم العيد وهو يوم محرم صومه طبقا لحديث أخر
زد على هذا أن صوم غير رمضان جعله الله عقوبة على الذنوب كالقتل والظهار والحنث فى اليمين فكيف يتطوع المسلم بشىء عقابى؟
وحدثنا البدر عن اتصال الصوم بالحج فقال:
"من خير إلى خير:
ومن فضل الله وإحسانه إلى عباده أن يسر لهم الأسباب التي ترفع في درجاتهم وتجعلهم على صلة وثيقة دائما بعبادة ربهم فإذا مرت بهم أيام وليالي شهر رمضان التي يكفر الله فيها السيئات ويرفع الدرجات ويقيل العثرات تقربوا فيها إلى ربهم فإذا ما تصرمت أيامه وانتهت تلتها مباشرة أشهر الحج إلى بيت الله الحرام فإن يوم عيد الفطر الذي هو أول يوم من شهر شوال هو أول يوم في أشهر الحج التي قال الله تعالى فيها: ?الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب? نعم إذا انتهت أيام شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن الشهر المبارك الذي تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتصفد الشياطين أيام الصيام التي قال الله تعالى عنها في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، إذا انتهت هذه الأيام جاءت أيام الحج الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه» رواه البخاري ومسلم وغيرهما وقال عنه صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» رواه البخاري ومسلم وغيرهما، فلا يكاد المسلم يودع موسما من مواسم الآخرة إلا استقبل موسما آخر ليكون على صلة مستمرة بعبادة خالقه وبارئه الذي أوجده من العدم وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة"
ومما ينبغى قوله أن القول بكون شوال من شهور الحج واستبعاد شهر يسمى المحرم من شهور الحج امر مشكل وهى مشكلة لم ينتبه لها الكثيرون
وحكاية المواسم التى يقول بها البدر أمر خاطىء فكل أيام السنة أيام عبادة ومن المواسم ارتبط فى أذهان بعض الناس أن العبادة مرتبطة بأيام معينة فمثلا لا يصلون فى أيام الأسبوع ويصلون يوم الموسم الجمعة ومثلا البعض يتوقف عن التدخين فى رمضان فإذا انتهى عاد للتدخين ومثلا يقرئون القرآن فى رمضان فإذا انتهت علاقتهم بقراءة القرآن
ثم حدثنا عن العبرة من شهر الصوم فقال :
"العبرة من شهر الصوم:
وهذا الموسم المبارك من مواسم الآخرة قد ودعته الأمة الإسلامية منذ أيام فطوبى لمن وفقه الله فيه للأعمال الصالحة وتفضل عليه بقبولها ويا خسارة من مرت به أيامه دون أن يقدم فيها لنفسه صالحا يلقاه إذا غادر هذه الدار وما أعظم مصيبته إن كان قد شغل أيامه بما يرضي الشيطان ويتفق مع ما تهواه النفس الأمارة بالسوء، والعياذ بالله
وهذا الموسم العظيم الذي مرت بنا أيامه يشتمل على فوائد جمة وعلى عبر وعظات تبعث في النفس محبة الخير ودوام التعلق بطاعة الله كما تكسب النفس بغض المعصية والبعد من الوقوع فيما يسخط الله عز وجل
وسأحاول فذ هذه الكلمات تسجيل بعض تلك العبر والعظات التي يخرج بها المسلم معه من شهر الصيام والتي هي الحصيلة الطيبة له في تلك الأيام المباركة فأقول مستمدا من الله التوفيق والتسديد:
أولا :
إن أيام شهر رمضان إذا مرت بالمسلم فهي فرصة من فرص العمر قد تسنح له هذه الفرصة مرة أخرى أو أكثر وقد يوافيه الأجل المحتوم قبل بلوغ ذلك، والمهم في الأمر أن تكون هذه الفرصة قد انتهزت بشغلها في الطاعة والبعد من المعصية وأهم من ذلك أن تحصل المداومة على ذلك فإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها كما أن من العقوبة على السيئة السيئة بعدها وذلك أن المسلم الناصح لنفسه إذا وفق لبلوغ هذا الشهر المبارك وشغله في طاعة ربه الذي خلقه لعبادته وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة فارتاحت نفسه للأعمال الصالحة وتحرك قلبه للآخرة التي هي المستقر والمنتهى والتي لا ينفع الإنسان فيها إلا ما قدمت يداه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، نعم إذا ألفت النفس الطاعة في تلك الأيام المباركة رغبة فيما عند الله وكفت عن المعصية خوفا من عقاب الله فلفائدة التي يكسبها المسلم من ذلك والعبرة التي يجب أن تكون معه بعد ذلك أن يلازم فعل الطاعات واجتناب المنهيات؛ لأن الله تعبد عباده حتى الممات ?واعبد ربك حتى يأتيك اليقين? ?يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون? فلا يليق بالمسلم وقد ذاق طعم الطاعة في شهر الصيام أن يحل محل تلك الحلاوة مرارة المعصية، ولا يسوغ له إذا أرغم عدوه في شهر الصيام أن يدخل عليه السرور في شهر شوال وما بعده من الشهور، وليس من صفات المسلم الناصح لنفسه أن يودع فعل الخيرات مع توديع شهر الصيام فيستبدل الزمن الذي هو أدنى بالذي هو خير فالمعبود في رمضان وغير رمضان حي لا يموت قيوم لا ينام يرفع إليه عمل النهار قبل عمل الليل وعمل الليل قبل عمل النهار لا يظلم مثقال ذرة ? وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ? "
الخطأ فى الفقرة أن أيام شهر رمضان فرصة من فرص العمر والحق هو أن كل لحظة فرصة لطاعة الله وليس أيام رمضان وحدها فالعبادة واجبة طوال العمر وليس فى أيام معينة ثم أكمل الكلام قائلا:
"ثانيا:
الصيام سر بين العبد وبين ربه لا يطلع على حقيقته إلا هو سبحانه وتعالى ولهذا جاء في الحديث الصحيح يقول الله تعالى: «كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا اجزي به يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي» وذلك أن بإمكان العبد أن يختفي عن الناس ويغلق على نفسه الأبواب ويأكل ويشرب ثم يخرج إلى الناس ويقول أنا صائم ولا يعلم ذلك إلا الله تبارك وتعالى ولكن يمنعه من ذلك إطلاع الله عليه ومراقبته له وهذا شيء يحمد عليه الإنسان والعبرة من ذلك أن يدرك أيضا أن الذي يخشى إذا أخل الإنسان بصيامه هو الذي يخشى إذا أخل الإنسان بصلاته وزكاته وحجه وغير ذلك مما أوجبه الله فالذي فرض الصيام هو الذي فرض الصلاة والصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ولعظم شأنها وكونها هي الصلة المستمرة ليلا ونهارا بين العبد وبين ربه افترضها الله على نبيه ليلة عرج به إلى السماء فإذا وجد المسلم أن إخلاله بالصيام كبير وعظيم فيجب أن يجد ويدرك أن حصول ذلك منه في الصلاة أكبر وأعظم وتلك من أجل الفوائد وأعظم العبر التي يستفيدها المسلم من شهر الصيام "
الخطأ فى الفقرة كون الصلاة أفضل أركان الإسلام وهو كلام بلا دليل فكل حكم فى الإسلام عظيم إلا أن يقول الله أن الحكم الفلانى أعظم ثوابا كالجهاد الذى هو أفضل الأعمال ثوابا كما قال تعالى " فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة" فالصلاة لم تفرق فى الثواب بين المجاهد والقاعد وإنما فرق بينهما فى علو الدرجة الجهاد ثم قال البدر:
"ثالثا:
إن مما يشرح الصدر ويدخل السرور على النفوس الطيبة أن تكون المساجد عامرة بالمصلين في شهر رمضان ويكون انشراحها أعظم والسرور أكبر في المداومة على ذلك فالفائدة التي يليق بالمسلم بعد الذي شاهده في تلك الأيام من اكتظاظ المساجد بالمصلين أن يعقد العزم ويصمم على أن يكون ممن يداوم على هذا الخير ليكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله فإن من بينهم الرجل الذي يكون قلبه معلقا بالمساجد كما ثبت ذلك في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "
بالقطع المفترض أن المساجد تكون عامرة فى كل الأيام وليس فى رمضان فالاكتظاظ الرمضانى ثم الانفضاض بعده عن المساجد يعبر عن ثقافة المواسم الخاطئة والتى ثبتها فى نفوس الناس العلماء بكتب الفضائل التى معظمها غير صحيح ثم أكمل البدر ككلامه فقال:
"رابعا:
وجوب الصيام عن الطعام والشراب وسائر المفطرات محله شهر رمضان أما الصيام عن الحرام فمحله طيلة عمر الإنسان فالمسلم يصوم في أيام شهر رمضان عن الحلال والحرام ويصوم طيلة حياته عن الحرام فالصيام عن الحلال والحرام معا قد مرت أيامه أما الصيام عن الحرام فهو مستمر دائم وذلك أن الصوم في اللغة الإمساك عن الشيء، والصوم الشرعي هو الإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس