عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-10-2008, 04:39 PM   #1
الفجر الجديد
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2008
الإقامة: الجزائر
المشاركات: 931
إفتراضي أبشري أختاه العنوسة ليست نهاية العالم

إنهن كثيرات

"ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي "

هذا ما قالته الخنساء في الجاهلية، من قصيدة ترثي فيها أخاها صخرا، فتعزي نفسها بهذه الحقيقة، وهي كثرة النساء اللواتي قتل إخوة لهن، فهي ليست وحدها المصابة بهذا المصاب.

إن إحساس المرأة العانس أنها ليست وحدها التي لم يكتب لها الزواج؛ يخفف كثيرا من مشاعر الضيق التي تلفها، ويجعلها أكثر تسليما بقضاء الله؛ فهي تتذكر أن عشرات الآلاف، بل مئاتها، بل ملايين النساء، لم يتزوجن مثلها.

ففي الإمارات العربية المتحدة، مثلا، ذكر تقرير صادر عن الاتحاد النسائي أن العوانس يشكلن نسبة 55% من إجمالي عدد النساء غير المتزوجات (أرامل ومطلقات وغيرهن).

وقالت الدكتورة آمنة خليفة في معرض تعليقها على التقرير: إن عدد العوانس تضاعف منذ إجراء الإحصاء الوطني الشامل عام 1985، وذلك حسب الإحصاءات والعينات الاجتماعية التي تقوم بها وزارة العمل والدارسون في الجامعة.

وأضافت: علينا أن نذكر أن هناك أكثر من 35 ألف امرأة ستعيش بقية عمرها وحيدة، مع العلم أن هذا الرقم يزداد سنويا بسبب غياب الحلول الناجعة لهذه المشكلة الخطيرة.

وفي الكويت أوردت دراسة مهتمة بشؤون الأسرة إشارة إلى أن نسبة النساء المتزوجات تتجه نحو التناقص بصورة تدريجية، حيث انخفضت نسبة المتزوجات من 71% في عام 1975إلى 60% في عام 1985. وأشارت دراسة أخرى إلى أن نسبة من لم يسبق

لهن الزواج للفئة العمرية (25- 24) كانت 16% في تعداد 1965، وارتفعت نسبتهن إلى 39% في تعداد 1985.

وفي دراسة ثالثة تؤكد الإحصاءات ارتفاع نسبة من لم يسبق لهن الزواج بين الإناث من 20% إلى 28.5% بين 1975و 1985.

وإذا كانت الأرقام ما زالت بالآلاف، فإن الأرقام الرسمية في مصر تقول إن هناك أربعة ملايين عانس.

إذن، يمكننا أن نقول إن العوانس العربيات بالملايين، ملايين النساء العربيات لم يكتب لهن الزواج، ومع هذا فإنهن يعشن حياة مستقرة، لأن القيم الاجتماعية الإسلامية تجعل العانس قريبة من أهلها، وأهلها قريبين منها، فهي تعيش معهم، أو أنها تزورهم كثيرا ويزورونها أكثر.

أعرف عوانس كثيرات يعوضن فقدهن الأمومة بمودة أبناء إخوانهن أو أخواتهن، حتى أن هؤلاء الأبناء كثيرا ما يتعلقون بعماتهن وخالاتهن غير المتزوجات أكثر مما يتعلقون بآبائهم وأمهاتهم.

أختي

خففي عن نفسك، وتذكري أن هناك ملايين كثيرة من النساء مثلك لم يتزوجن، ولعل كثيرات منهن أسعد من كثيرات من المتزوجات.

شرح الله صدرك للرضا بقضائه، والاطمئنان إلى ما أنت عليه، وملأ قلبك سعادة.


أنت أسعد من كثيرات!

هل تزداد معاناتك من عدم زواجك حين ترين امرأة مع زوجها وأولادها يخرجون في نزهة؟!

أيجعلك هذا تتذكرين وحدتك، وحرمانك الزوج ومساندته، والأولاد وبراءتهم؟!

أيثير فيك إحساسا بأنك مظلومة، أو أنك تعيسة، أو أنك محرومة؟

تمهلي قليلا، ولا تدعي هذه المشاعر السلبية، والأحاسيس المحبطة؛ تملأ عليك نفسك، وتزرع فيك الحزن.

لقد رأيت جانبا واحدا من حياة هذه الأسرة؛ لكن هناك جوانب كثيرة أخرى لم ترها عينك.

لعلك لو رأيت الزوجة المبتلاة بزوج قاس لا يرحم، واستمعت إلى شكواها من معاناتها الدائمة منه؛ لربما حمدت الله على أن نجاك من الزواج.

لو رأيت زوجة لا تجد وقت راحة، نالت الأعمال من صحتها، وذهبت المسؤوليات بنضارة وجهها، واستمعت إلى شكواها من هذا كله... لربما حمدت الله على أن خفف عنك وأعفاك مما قد لا تحتملينه.

لو جلست مع مطلقة تندب حظها، وتعلن ندمها على زواجها، واستمعت إليها وهي تشكو لك كم احتملت وعانت حتى حصلت على الطلاق، واستعادت أمنها؛ لربما حمدت الله على أنك لم تتزوجي ولم تعاني مثل ما عانت.

إن تفكرك، أختي الغالية، بما تعانيه آلاف الزوجات، وما احتملته كثيرات غيرهن انتهى زواجهن بالطلاق، يخفف عنك كثيرا مشاعر الأسى التي تثور في نفسك بسبب عدم زواجك.

إن ذاك التفكر يبدد إحساسك بأنك مظلومة، ويحل محله إحساسا جميلا بالرضا. الرضا الذي يجلب لك رضا الله، كما حدثتك في الرسالة السابقة.

تذكري شكوى صديقتك من صراخ زوجها المستمر، وغضبه الدائم، ونجاتك أنت من هذا.

واستعيدي مشهد جارتك التي خرجت من بيتها باكية بعد أن ضربها زوجها فألحق بها ضررا وأذى. واستحضري حديث أختك التي لا تجد وقتا تهتم فيه بنفسها وبممارسة هوايتها الأثيرة لديها في القراءة. ستجدين أنك في نعم كثيرة، وستطمئنين إلى أنك أحسن حالا من متزوجات كثيرات قد يحسدنك على ما أنت فيه من مسؤوليات قليلة، وأعباء خفيفة، وأوقات وافرة كثيرة تمارسين فيها هواياتك من قراءة أو كتابة أو دعوة أو زيارة أو نشاط خيري أو اجتماعي.

أرجو أن تبتسمي الآن ابتسامة الرضا، فأنت في خير عظيم، ولن تستبد بك بعد اليوم مشاعر القلق، والأسى، والانهزام.

أرجو أن تفسحي المجال في نفسك لمشاعر الطمأنينة، والرضا، والهناءة.

أرجو أن تكوني سعيدة.







مأخوذ للفائدة من كتاب غير متزوجات لكن سعيدات للكاتب محمد رشيد العويد

الفجر الجديد غير متصل   الرد مع إقتباس