الموضوع: خطة عمل
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 16-06-2010, 12:28 PM   #1
عين العقل
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية لـ عين العقل
 
تاريخ التّسجيل: May 2010
الإقامة: مصر
المشاركات: 616
Smile خطة عمل

بسم الله الرحمن الرحيم ..اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

بداية علينا أن نحدد عدة منطلقات ؛ لابد وأن تكون واضحة جلية حتى ننطلق من مكان سليم :

الأولي: أن الله تعالى يفرح بمن يقبل عليه ، ولا يقفل بابه إلا على من أقفله على نفسه ، بل ويكافئ بأضعاف ما يقبل به العبد إليه ؛ ففي الحديث القدسي : " يقول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة " ( رواه البخاري ) .

الثانية: أن ما يصيبنا هو ناتج من تقصيرنا ، ومما نقترفه من ذنوب وأخطاء ؛ قال تعالى : " أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " (آل عمران : 165)، وقال تعالى :
" وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ "(الشورى:30 ) ، وقال تعالى: " مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً " (النساء:79) .

الثالثة: يجب أن لا يوقفنا الخطأ أو الذنب عن الانطلاق من جديد ، و نقف في حالة التحسر الدائم ؛ فإن هذا زيادة في تعقيد الحالة الإيمانية ، وتعميق لترهلها في النفس ؛ قال تعالى : " لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ" (الحديد : 23 ) ، والأسى المذكور في الآية الكريمة حالة نفسية فيها تألم عما سبق من الأعمال ، وكما الفرح حالة نفسية فيها سعادة عما يعمل المرء منّا الآن ، والمطلوب التوازن ؛ فإن غلب علينا الأسى فلن ننطلق من جديد ، وإن غلب علينا الفرح بأعمالنا والسعادة بحالنا فلن نكتشف الخطأ ونحاسب أنفسنا عليه .

الرابعه: إن للذنوب تبعات ، ولها أجواء تحيط بالنفس ، جاء التعبير القرآني في وصفها بليغا دقيقا غاية في الجمال الوصفي ؛ قال تعالى :" بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ" (البقرة:81). فللمعصية ـ أو التقصير ـ أجواء تحيط بها بعدها ، تحيط بالمرء منا إحاطة الدائرة تماما ، ويجب أن نخرج منها ، كي يصلح الانطلاق الروحي ، ولو بقينا في أجواءها فلن نتقدم وسنكون أسرى لتلك الإحاطة من المعصية.

الخامسه: إننا كبشر معرضون للذنوب والخطأ والتقصير ، وهذا من كمال الله سبحانه وعزته وجبروته ، ومن ضعفنا وحاجتنا له عز وجل ، لكي نعرف قدر أنفسنا ؛ قال عليه الصلاة والسلام : " والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم " رواه مسلم . فالأمر سنة من الله علينا نحن البشر ، علينا أن نعي هذا ، ولا نكلف أنفسنا الكمال فنهلَك ونهلِك .

السادسة: إننا في سيرنا إلى الله تعالى ليس لنا إلا حالتين في هذا الصعود الروحي ، إما تقدم ، وإما تأخر ؛ قال تعالى : " لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ"(ال مدثر: 37). برغم أن هناك حالة ثالثة في علم الحركة ، وهي حالة التوقف والسكون ، إلا أنه في السير إلى الله يعد التوقف في حد ذاته تأخر وتراجع ؛ لأن ثمة من هو مسرع في سيره لا يتوقف ، ولا يتأخر ، فيعد توقفنا مقارنة معه تراجعا .

هذه أسس ومنطلقات أولية لابد علينا أن نعيها وندركها ، كي نقدر على فهم الحالة أو الظاهرة ، ونعي قدر أنفسنا ، ونتمكن ـ بحول الله وتوفيقه ـ من العلاج والنهوض الواعي . ومن خلال هذه المنطلقات ، يكون العلاج ، ويكون الصعود الذي نريد بإذن الله تعالى .

إن أي عابد لله تعالى ، طامع في رضاه والجنان ، منكسر بين يديه سبحانه ، أمل في توفيقه وعونه وسنده ؛ لابد أن يقبل على الله تعالى بالطريقة التي يشعر بها أن روحه اطمأنت ، وأن قلبه استقر ، وأن نفسه في حالة طرب إيماني مع الله تعالى . ففي الحديث القدسي : "إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته" رواه البخاري .

فالحرص على الفريضة أول الأمر ، ثم تأتي أنواع النوافل التي تميز بين سباق العباد لرضوان الله تعالى وفقا لقوله تعالى : " سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ "(الحديد:21 ) ، بهذا السباق ومع هذه المسارعة : "وَسَارِعُو اْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ" (آل عمران: 133 ) .

يكون الحب من الله للعبد ولينعم العبد وقتها بما وعده الله تعالى في الحديث القدسي : " إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال : إني أحب فلانا فأحبه . قال : فيحبه جبريل ، ثم ينادي في السماء فيقول : إن الله يحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء . قال: ثم يوضع له القبول في الأرض . وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول : إني أبغض فلانا فأبغضه . قال : فيبغضه جبريل ، ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه . قال : فيبغضونه ثم توضع له البغضاء في الأرض" . (رواه مسلم )، ترابط عجيب لطيف جميل على النفس يبدأ بحرص على فريضة ، وإصرار على نافلة ودوام عليها ، ويجني العبد حبا لله تعالى ، يتبعه حب أهل السماء ، ومع القبول في الأرض ، ليكون وليا لله تعالى .

ويأتي السؤال بسيطا هادئا يلتمس حلا لما نعانيه من تذبذب : كيف أتقرب ؟
وعلينا التأكد من أن آفاق التقرب إلى الله لا حدود لها ، غير أننا نقف عند الحد الأدنى من هذا التقرب ، والذي لا يستهان به ، بحيث لو التزم به المسلم أو المسلمة جني الكثير من الخير .

وقد أجاد الدكتور فتحي يكن في كتابه "العيادة الدعوية" ، ووضع لنا برنامجا جميلا للتقرب إلى الله تعالى ، أنقله هنا للفائدة منه . يقول:

هذا المشروع مقترحٌ كحدٍّ أدنى لكلِّ مسلمٍ ومسلمة ، يتضمَّن ثماني مهمَّات ، محدَّدة الوقت ، معلومة الثواب ، محقِّقةً الفائدة بإذن الله تعالى :

1- المهمَّة الأولى:
أداء اثني عشرة ركعةً نافلة "السنن الراتبة"، وهي: اثنتان قبل الفجر + أربعٌ قبل الظهر واثنتان بعده + اثنتان بعد المغرب + اثنتان بعد العشاء.
الفائدة المرجوَّة: يبني الله للمداوم بيتاً في الجنَّة.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: "من صلَّى في يومٍ اثنتي عشرة سجدة، تطوُّعا، بني له بيتٌ في الجنَّة" (رواه مسلم).

2- المهمَّة الثانية:
صلاة ركعتين في الليل.
الفائدة المرجوَّة: يستجاب الدعاء + يُغفَر الذنب + تُقضَى الحاجة.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: "يتنزَّل ربُّنا تبارك وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له" (رواه البخاري).

3- المهمَّة الثالثة:
أداء صلاة الضحى ركعتين، أو أربعا، أو ثماني ركعات.
الفائدة المرجوَّة: تؤدِّي صدقةً عن كلِّ مفصلٍ من مفاصل العظام.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: " يصبح على كلِّ سلامي من أحدكم صدقة، فكلُّ تسبيحه صدقة، وكلُّ تحميده صدقة، وكلُّ تهليله صدقة، وكلُّ تكبيرةٍ صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك، ركعتان يركعهما من الضحى" (رواه مسلم، وروى البخاريُّ جزءاً منه) .

4- المهمَّة الرابعة:
قراءة سورة الملك.
الفائدة المرجوَّة: تنجي من عذاب القبر.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ سورةً من القرآن ثلاثون آية، شفعت لرجلٍ حتى غُفِر له، وهي "تبارك الذي بيده الملك"" رواه الترمذيُّ وأحمد، وقال الترمذيّ: هذا حديثٌ حسن.

5- المهمَّة الخامسة:
قول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلِّ شيءٍ قدير".
الفائدة المرجوَّة: تعدل فكَّ عشر رقاب، وتُكتَب مائة حسنة، وتمحو مائة سيِّئة، وتكون حرزاً من الشيطان.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلِّ شيءٍ قدير، في يومٍ مائة مرَّة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيِّئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحدٌ بأفضل ممَّا جاء به، إلا أحدٌ عمل أكثر من ذلك" (رواه مسلم).

6- المهمَّة السادسة:
الصلاة على النبيِّ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مائة مرَّة.
الفائدة المرجوَّة: براءةٌ من البخل، وصلاةٌ من الله.
الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: "فإنَّه من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرا" (رواه مسلم). وقوله : "البخيلُ الذي منْ ذُكِرت عنده فلم يصلِّ عليّ" (رواه الترمذيّ، وقال: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيح ).

يتبع
__________________

اللهم جنبنا لفتن ماظهر منها وما بطن


لا تجعل الإختلاف فى الرأى يفسد للود قضيه
عين العقل غير متصل   الرد مع إقتباس