عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 03-08-2008, 07:24 AM   #1
كونزيت
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 3,955
إفتراضي صـــوت الحيــــاة

خرج الأبُ في يومٍ من الأيام بصحبه ولده الصغير ليجمعا الحطب. وبينما كانا يسلكان الطريق الجبلي المُطل على الوادي، لاحظ الولد مجموعة من الطيور تعشش على شجرة من الأشجار فركض نحوها وبدأ بالصراخ والتصفيق لكي يستمتع برؤيتها وهي تطير. لكن سرعان ما سمع الولد صوتاً قادماً من الناحية الأخرى عبر الوادي... صوتاً يحملُ نوعاً مشابهاً من الصراخ والتصفيق!

وجد الولد ذلك الأمر غريباً فنظر إلى والده وكان الأب حينها مشغولاً بجمع الحطب فما كان من الولد سوى أن توجه نحو مصدر الصوت وصاح: ( من أنت؟)
فجاء الصوت من نفس المكان: ( من أنت؟)

تعجب الولد أكثر وصاح: ( قل لي من أنت وماذا تفعل هنا؟)
وما كان للصوت القادم من ذلك المكان سوى ترديده للسؤال: ( قل لي من أنت وماذا تفعل هنا؟)
شعر الولد بالغضب تجاه ذلك الغريب العنيد الذي لا يجيب قبل أن يسأل. فصاح الولد حينها: ( أيها الجبان أيها الغبي، سألقنك درساً إن لم تُجبني الآن!)

وللغرابة، عاد ذلك الصوت يحمل هذا الكلام: ( أيها الجبان أيها الغبي، سألقنك درساً إن لم تُجبني الآن!)

فتلفت الولد في حيرةٍ نحو أبيه الذي كان يراقب الأمر بهدوء منذ بدايته دون أن يشعر الولد. ثم تبسم الأب وأخذ بيد ولده الصغير وقال له: ( تعال يا بُني وأنظر ما سأفعله) فتوجه الأب نحو مصدر الصوت وصاح بصوتٍ عالٍ : ( مرحباً بك، أنا سعيدٌ بوجودك هنا، تعال لنصبح أصدقاء!)
وما هي إلا لحظات حتى جاء الصوت من بعيد يحمل الكلمات التالية: ( مرحباً بك، أنا سعيدٌ بوجودك هنا، تعال لنصبح أصدقاء!)
تَعــجَبَ الولد من ذلك وقال لأبيه: ( لماذا يتكلم معك هكذا ولا يكلمني بنفس الطريقة؟)

فهمس الأب في إذن ولده قائلاً له ( جَرِّب أن تقول له كلاماً مؤدباً طيباً)
فتحفز الولد وصرخ بصوت واضح (ما أروعك أيها الطيب العزيز المحترم!)

وياللعجب! جاءت كلمات صاحب الصوت ذلك قائلة : ( ما أروعك أيها الطيب العزيز المحترم!)

إحتار الولد في تفسير ذلك، وهنا جاء دور الأب ليشرح للولد ما كان غائباً عن فكره فقال له:
( يا بُني، يسمي الناس ذلك الصوت صدىً، وأسميه أنا صوتُ الحياة وجوابها. فما نقوله للآخرين يرتدُ علينا مثلما قلناه. وما نفعلهُ للآخرين نراه منهم نحونا. فكلما كانت كلماتك وأفعالك طيبة تجاه الآخرين كانت كلماتهم و أفعالهم تجاهك أطيب. وكلما أسأت إليهم وبالظن فيهم جاءت الإساءة إليك وبالظن فيك بالمثل. فعليك يا ولدي الحبيب أن تخاطب الناس بأصفى ما تملك من الكلمات وتعاملهم بأحسن ما تملك من الأخلاق التي علمتك إياها، وعند ذلك لن تجد منهم سوى نفس ما ترجوه لهم. ولا تخف أبداً من صوت الحياة هذا، فهذا هو صوتك يرتدُ إليك بمثل ما قُلت)






ترى ماذا كان سيحدث لو تعلمنا ذات الدرس ونحن صغار؟!!!!
__________________
كونزيت غير متصل   الرد مع إقتباس