عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 02-05-2010, 06:05 AM   #25
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

ابتداء الدولة العباسية


كان القائم بهذه الدولة أبو مسلم الخراساني، وكان اسمه عبد الرحمن ابن مسلم، فمن قوله:
أدركت بالحزم والكتمان ما عجزت....عنه ملوكُ بني مروان إذ حشدوا
ما زلتُ أسعى بجهدٍ في دمارهم..... والقوم في غفلةٍ والناس قد رقدوا
حتى ضربتهمو بالسيف فانتبهوا........ من نومة لم ينمها قبلهم أحدُ
ومن رعى غنماً في أرضٍ مسبعةٍ........ونام عنها تولى رعيها الأسدُ

أولهم أبو عبد الله السفاح. ذكر ابن الجوزي في كتاب الأذكياء عن خالد بن صفوان أنه دخل يوماً على أبي العباس السفاح وليس عنده أحد، فقال: يا أمير المؤمنين إني والله ما زلت منذ قلدك الله خلافته أطلب أن أصير معك بمثل هذا الموقف في الخلوة، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بإمساك الباب فعل حتى نفرغ.

فأمر الحاجب بذلك، فقال له: يا أمير المؤمنين، إني فكرت في أمرك واستجلبت الفكر فيك، فلم أر أحداً له قدرة واتساع في الاستمتاع بالنساء ولا أضيق فيهن عيشاً منك. إنك ملكت نفسك امرأة من نساء العالمين فاقتصرت عليها، فإن مرضت مرضت وإن غابت غبت، وإن عزلت عزلت وحرمت، يا أمير المؤمنين، على نفسك التلذذ بما يشتهى منهن، فإن منهن الطويلة التي تشتهى لحسنها، والبيضاء التي تحب لرؤيتها، والسمراء اللعساء، والصفراء الذهبية، ومولدات المدينة والطائف واليمامة ذوات الألسنة العذبة والجواب الحاضر، وبنات سائر الملوك وما يشتهى من نضارتهن ونظافتهن.


وتخلل خالد لسانه فأطنب في صفات ضروب الجواري وشوقه إليهن. فلما فرغ من كلامه قال له السفاح: ويحك ملأت مسامعي، ما شغل خاطري والله ما سلك مسامعي كلام أحسن من هذا فأعد علي كلامك فقد وقع مني موقعاً.

فأعاد عليه خالد كلامه بأحسن مما ابتدأ به. ثم قال له: انصرف! فانصرف وبقي أبو العباس مفكراً. فدخلت عليه أم سلمة زوجته، وكان قد حلف لها أنه لا يتزوج عليها سرية ووفى لها. فلما رأته على تلك الحالة قالت له: إني لأنكرك يا أمير المؤمنين، فهل حدث شيء تكرهه أو أتاك خبر ارتعت له? قال: لا.

فلم تزل به حتى أخبرها بمقالة خالد فقالت له: وما قلت لابن الفاعلة? فقال لها: أينصحني وتشتميه? فخرجت إلى مواليها وأمرتهم بضرب خالد.

قال خالد: فخرجت من الدار مسروراً بما ألقيت إلى أمير المؤمنين. ولم أسك في الصلة. فبينما أنا واقف إذ أقبل موالي أم سلمة يسألون عني فحققت الجائزة فقلت لهم: ها أنا واقف. فاستبق إلي أحدهم بخشبة فغمزت برذوني فلحقني وضرب كفل البرذون، وركضت ففررت منهم واستخفيت في منزلي أياماً ووقع في قلبي أني أمنت من أم سلمة. فبينما أنا ذات يوم جالس في المنزل فلم أشعر إلا بقوم قد هجموا علي فقالوا: أجب أمير المؤمنين، فسبق إلى قلبي أنه الموت فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، لم أر دم شيخ أضيع من دمي. فركبت إلى دار أمير المؤمنين فأصبته جالساً ولحظت في المجلس بيتاً عليه ستور رقاق وسمعت حساً خفيفاً خلف الستر فأجلسني. ثم قال: يا خالد أنت وصفت لأمير المؤمنين صفة فأعدها.


فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، أعلمتك أن العرب ما اشتقت اسم الضرتين إلا من الضر وإن أحداً لم يكثر من النساء أكثر من واحدة إلا كان في ضر وتنغيص.

فقال السفاح: لم يكن هذا من كلامك أولاً? قلت: بلى يا أمير المؤمنين، وأخبرتك أن الثلاث من النساء يدخلن على الرجل البؤس وتشييب الرأس.

فقال: برئت من رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كنت سمعت هذا منك أولاً أو مر في حديثك.
قلت: بلى يا أمير المؤمنين، وأخبرتك أن الأربع من النساء شر مجتمع لصاحبهن يشيبنه ويهرمنه.

قال: والله ما سمعت منك هذا أولاً? قلت: بلى يا أمير المؤمنين، وأخبرتك أن أبكار الإماء رجال إلا أنه ليست لهن خصاء.

قال أمير المؤمنين: أفتكذبني? قلت: أفتقتلني? قال خالد، فسمعت ضحكاً خلف الستر، ثم قلت وأخبرتك إن عندك ريحانة قريش وأنت تطمع بعينيك إلى النساء والجواري.

فقيل لي من وراء الستر: صدقت يا عماه هذا حديثك ولكنه غير حديثك ونطق بما في خاطره عن لسانك.

فقال السفاح: ما بك قاتلك الله? قال خالد، فانسللت وخرجت فبعثت إلي أم سلمة بعشرة آلاف درهم وبرذوناً وتخت ثياب.

__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس