عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-02-2011, 03:26 PM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي هل ستشهد المنطقة العربية ولادة أحزابٍ جديدة؟

هل ستشهد المنطقة العربية ولادة أحزابٍ جديدة؟

إن من يُشاهد أو يستمع الى مقابلات الرجال والنساء من أرض تونس أو مصر على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، يُلاحظ ملامح الاعتذار باديةً على شخوص من صنفهم الناس على أنهم من المنتمين لأحزاب قديمة، كما يُلاحظ تجاوز من لم ينتموا لحزبٍ في السابق، أنهم لا يقفون عند فعل الأحزاب ودورها الخجول كرافعةٍ أسهمت فيما آلت إليه الأحداث.

إن تلك الظاهرة بحاجة الى وقفة ملية، للتعرف على مكامنها: هل العيب في الفكر أم العيب في الأداء أم في ماذا؟ فكل الثورات والأحداث الكُبرى المعاصرة في كل أنحاء العالم، من الثورة الفرنسية والثورة الأمريكية وثورة (المايجي) في اليابان الى الثورة السوفييتية والثورة الصينية ووصولاً الى ثورات أوروبا الشرقية بعد تفكك المجموعة الاشتراكية، لم تكن الأحزاب والجماعات المنظمة بعيدة عن المشهد كما هي الحال في تونس ومصر.

قبل أن نخوض في الأسباب ومناقشة تلك الظاهرة، دعونا نقف عند مفهوم الحزب وتأسيسه وسيرورته التاريخية لنمهد لصناعة مقتربات تعيننا على وضع مقارنات بين ما جرى تاريخياً وما هو جارٍ في منطقتنا.

ما هو الحزب؟

لو أردنا أن (ننحت) تعريفاً للحزب، على ضوء كينونته، وأهدافه فإننا نقول: (أنه جماعة، دعائية، منظمة، مُصطنعة، دائمة، تسعى للوصول الى الحكم).

فهو جماعة: ويلتقي بهذا الوصف مع الأسرة وسكان الحي، وسكان البلد، والمنتسبين لنقابة أو جمعية أو نادٍ الخ.

وهو جماعة دعائية: تضع الأفكار وتصف الحال القائم وتحلل وتضع الحلول اللازمة لما تشير إليه، وتتوسم من الآخرين أن يؤمنوا بتلك الأفكار وينضموا الى تلك الجماعة. ولكنه (أي الحزب) يلتقي بتلك الصفة مع (المنتديات الفكرية) والفلسفية، وجماعات الضغط (اللوبيات).

وهو جماعة دعائية منظمة: أي لها لوائحها الداخلية التي تضبط تداول الرأي وترتيب سلم الأداء وتحويل القرارات الى إجراءات. وهنا يجب الإشارة الى تراثنا العربي والإسلامي وما تناوله عن الأحزاب، وهو أن الأحزاب في القرآن الكريم لا تشترط وجود الناس في بقعة واحدة أو حتى زمنٍ واحد {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الأَوْتَادِ. وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ أُوْلَئِكَ الأَحْزَابُ} (سورة ص12؛13) .
فالحزب، من هذه الناحية، لا يُشترط بأعضائه أن يعرفوا بعضهم البعض، أو يرونهم أو أنهم عاشوا في زمان واحد. ولكن تنظيمهم والتفافهم حول هدفٍ معين يجعلهم، جماعة متجانسة، فالتفاف قوم نوح وعاد وفرعون وثمود وغيرهم، حول الباطل جعلهم حزباً أو أحزاب اجتمعت على معاندة الرُسل.

والحزب بتنظيمه، يلتقي مع النقابات والأندية وجماعات الضغط في التنظيم، ولكنه يختلف عنها، في مسألة الوصول الى السلطة.
والحزب جماعة دعائية منظمة مصطنعة: فاصطناعها آتٍ من حريةِ المنتمين لتلك الجماعة بالانتماء إليها أو تركها، بعكس أبناء العشيرة أو أبناء القومية أو غيرهم من الجماعات الطبيعية.

والحزب جماعة دعائية منظمة مصطنعة ودائمة: وهو بعكس الجماعات المؤقتة، كالوفد أو الفريق، أو ركاب طائرة، أو جمهور مباراة، تنتهي صفة الجماعة عنهم، بانتهاء مهمتهم أو بوصول طائرتهم، أو انتهاء المباراة التي تجمهروا حولها.

والحزب جماعة دعائية منظمة ومصطنعة ودائمة، تسعى للوصول الى الحكم: وهنا يكتمل المنحوت الوصفي والتعريفي للحزب، فإن لم يسعى للوصول للحكم، فعندها يصبح جماعة تنظر وتكتب وتنتقد وتشخص لكن حدودها تنتهي هنا، فتصبح كمراكز الدراسات والبحوث الإستراتيجية، تسخر معارفها وخبرائها لتقديم الدراسات، وقد تقبض بدلاً عن مجهودها عندما تكلفها بعض إدارات الدولة بإجراء مثل تلك البحوث والدراسات، كما هي الحال في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول المتقدمة.

أنواع الأحزاب من حيث فلسفة شكل الأداء

يقسم المختصون الأحزاب من حيث فلسفة شكل أدائها الى قسمين: أحزاب تكاملية وأحزاب تمثيلية. فالأحزاب التكاملية هي التي ترى أن منفعة منتسبيها تأتي من إحلال المنفعة العامة، وهذه الأحزاب انتشرت في العالم منذ أكثر من قرنين، فالأحزاب الشيوعية والماركسية بشكل عام، التي كانت تنادي ب (ديكتاتورية البروليتاريا) وإزالة الطبقات، الخ، كما أن بعض الأحزاب الإسلامية والقومية في بلادنا العربية، ترى أن منفعة الشخص تتحقق إما بوحدة العالم الإسلامي أو بوحدة الأمة العربية.

في حين يسخر أنصار الأحزاب التمثيلية من فكرة (المصلحة العامة) ويقولون ليس هناك شيء اسمه المصلحة العامة بل هناك مصالح فردية أو مصالح فئوية. وبتأمين المصلحة الفردية ومن بعدها المصلحة الفئوية يتم تحقيق المصالح المشتركة للمجتمع بضمان الدولة التي لا تتدخل في حصر حركة الأفراد وتقييدها.

الفرق في بناء الشكلين من الأحزاب

يشترط أنصار الأحزاب التكاملية وجود خمسة عناصر لاكتمال الحزب: 1ـ الأيديولوجية 2ـ الطليعة 3ـ الجماهير 4ـ الانضباط والالتزام 5ـ الاحتراف السياسي.

في حين لا يشترط أنصار الأحزاب التمثيلية، الأيديولوجية أو حتى التنظيم والانضباط. بل يولد ابن الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة مثلاً، وهو جمهوري بالوراثة، وتُصاغ المطالب في اجتماعات محددة ولعناصر معينة، وتترك عمليات الانتخابات لقادة الرأي، وتحال معارك الانتخابات لشركات متخصصة (وبالأجر).

على أي حال، لم نشأ أن نتوسع في هذا الجانب النظري، ولكن بُد من إنهائه بالقول أن الشكلين من الأحزاب تتفق على أن طريق تنفيذها لبرامجها يتم من خلال امتداد نشاطها الى جماعات ليست دعائية بل (إدارية) فالنقابات والبلديات والبرلمان وحتى الدولة تُعتبر جماعات إدارية تسعى الأحزاب الى المرور الى المجتمع من خلالها، ليشاهد أبناء المجتمع مدى صلاحية تلك البرامج فيصوت الى جانب هذا الحزب أو ذاك...

بعد هذا التقديم سنقوم بالمرة القادمة بتسليط الأضواء على الظاهرة التي أشرنا إليها بدايةً..

يتبع

__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس