عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 14-01-2010, 09:12 AM   #4
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كان لرسول الله صلوات الله عليه جارٌ يهودي، دأب على رمي القاذورات أمام بيت رسول الله وبشكل يومي، وفي ذات يوم، لاحظ الرسول صلى الله عليه وسلم أن جاره اليهودي لم يرمِ القاذورات، فأدرك وهو صاحب العصمة والأخلاق الحميدة أن جاره ألم به شيءٌ، فزاره ووجده مريضاً، فارتبك اليهودي وهاله ما رأى من تسامح رسول الله صلوات الله عليه، وأعلن إسلامه على الفور.

وفي قصة قديمة عن نبي الله ابراهيم عليه السلام، أنه أراد أن يتناول غذاءه وهو في طريقه مسافراً، فإذا برجل مُسِن تجاوز عمره الثمانين عاما، يطلب منه مشاركته الطعام، كونه لم يأكل شيئاً منذ ثلاثة أيام، فوافق على ذلك وهو النبي الكريم، ولكنه طلب منه أن يسمي باسم الله الرحمن الرحيم، فرفض الرجل المسن ذلك، فزجره النبي ابراهيم عليه السلام ومنعه من تناول الطعام، فذهب الرجل المسن خائب الرجاء.. فنزل الوحي مخاطباً ابراهيم عليه السلام مبلغه كلام الله (لقد صبرت عليه ثمانين عاما ولم تستطع الصبر عليه لدقائق)، فسارع النبي ابراهيم راكضا وراء الرجل يعتذر منه، فلما سأله الرجل عن سبب التحول بلغه بما جاء على لسان الوحي، طالباً منه العودة ومشاركته الطعام، فعاد الرجل مبتدءا باسم الله وقائلا: آمنت بما آمن به ابراهيم.

ولو أردنا التقليد لأنبيائنا وسلفنا الصالح، لكنا أكثر تسامحا في محاججتنا وحوارنا تمشيا مع قول الله عز وجل (وجادلهم بالتي هي أحسن)، لا أن نذكر في تعقيبنا ما يزيد عن خمس شتائم أو وصفات نهانا الله وديننا عنها..

أما عن صلب الموضوع فكان يخص تعميم روح التآخي في المواطنة حتى تتسع رقعتها لتصل حدود الأرض.

وإن كنتم ومن تمثلون تزعمون حراسة المبادئ الإسلامية الحنيفة، فتتبعوا هداكم الله ما آلت إليه الأمور، وستجدون أن كان أسباب تراجعها هو إغفال ما أشرنا إليه من ضرورة التسامح وإقرار العدل، فلم يكن عبد الناصر أو صدام حسين موجودين عندما ثارت الفتن في صدر الدولة الإسلامية ولم يكونا هما من أوحيا للمأمون أن يستعين بأخواله الفرس لقتل أخيه الأمين وسجن ابن حنبل، ولم يكونا هما من زين لأمراء الأندلس أن يتناحروا بينهم، ولم يكونا هما من همس بأذن العثمانيين لتضمين أراضي المسلمين كإقطاعيات لأناس حالوا دون رفعة الأمة ومتابعة رقيها الذي بدأ عندما كان يسود العدل والتسامح.

لا نشك للحظة واحدة أن العزة لله ولرسوله والمؤمنين، ولكن أزمتنا المستمرة هي سياسية محضة تخص تناقل السلطة بين العباد وفق قواعد يتفقون عليها.

دمتم بخير
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس