عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 28-12-2018, 11:46 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,962
إفتراضي

"مثل الجنة التى وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير أسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد فى النار كمن سقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم "المعنى وصف الحديقة التى أخبر المطيعون فيها عيون من ماء غير راكد وعيون من لبن لم يتبدل مذاقه وعيون من خمر متعة للمرتوين وعيون من عسل رائق ولهم فيها من كل المنافع أى رحمة من خالقهم كمن هو باق فى جهنم كمن أعطوا ماء غساقا فهتك بطونهم ،يبين الله لنبيه (ص)أن مثل الجنة وهو وصف الحديقة والمراد أرض البستان التى وعد المتقون والمراد التى أخبر المطيعون لحكم الله فيها أنهار من ماء غير أسن والمراد مجارى ماء غير راكد فالماء فيها متجدد باستمرار وأنهار من لبن لم يتغير طعمه والمراد ومجارى لبن لم يتبدل مذاقه وأنهار من خمر لذة للشاربين والمراد ومجارى خمر أى عصير متعة للمرتوين وأنهار من عسل مصفى والمراد ومجارى عسل رائق وهذا يعنى وجود أربعة سوائل فى الجنة ماء ولبن وخمر وعسل ولهم فيها من كل الثمرات والمراد ولهم فيها من كل الفواكه وهى المنافع المختلفة وفسر هذا بأن لهم مغفرة من ربهم أى رحمة من خالقهم ويسأل هل من فى الجنة كمن هو خالد فى النار والمراد هل يستوى ساكن الجنة بمن هو مقيم فى جهنم ؟والجواب بالقطع لا والكفار سقوا ماء حميما أى أشربوا أى أعطوا سائل مؤلم هو الغساق فقطع أمعاءهم أى فأحرق بطونهم .
"ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم "المعنى ومنهم من ينصت لك حتى إذا طلعوا من لديك قالوا للذين أعطوا الوحى ماذا قال سابقا أولئك الذين ختم الله على نفوسهم وأطاعوا ظنونهم ،يبين الله لنبيه (ص) أن من المنافقين من يستمع إليه والمراد من ينصت لحديثك وهذا يعنى أن منهم من يتظاهر بمعرفة ما يقوله الرسول(ص)للطاعة حتى إذا خرجوا من عندك والمراد حتى إذا انصرفوا من مكان وجودك قالوا للذين أوتوا العلم وهم الذين أعطوا الوحى ماذا قال آنفا والمراد بماذا تحدث محمد سابقا أى بماذا تكلم محمد فى المجلس ؟وهذا التناسى لقول الرسول (ص)هو تناسى متعمد منهم ويبين له أن أولئك هم الذين طبع الله على قلوبهم أى ختم الله على نفوسهم مصداق لقوله بسورة البقرة"ختم الله على قلوبهم"والمراد جعل فى نفوسهم حاجز يمنعهم من الإسلام وهو أنهم اتبعوا أهواءهم والمراد أطاعوا ظنونهم وهى شهواتهم أى الباطل مصداق لقوله بسورة محمد"واتبعوا الباطل" والخطاب للنبى(ص).
"والذين اهتدوا زادهم هدى وأتاهم تقواهم فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم "المعنى والذين رشدوا أمدهم رحمة أى أعطاهم نصرهم فهل يتربصون إلا القيامة أن تجيئهم فجأة فقد أتت علاماتها فكيف يفيدهم إذا أتتهم إيمانهم ساعتها ؟يبين الله لنبيه (ص)أن الذين اهتدوا زادهم هدى والمراد أن الذين اتبعوا الهدى وهو الحق أمدهم برحمته وفسر هذا بأنه أتاهم تقواهم والمراد أعطاهم منعتهم من العذاب وهو دخول الجنة،ويسأل الله فهل ينظرون إلا الساعة والمراد فهل يتربص الكفار إلا القيامة أن تأتيهم بغتة والمراد أن تجيئهم فجأة ؟وهذا يعنى أن القيامة تأتى فى موعد غير متوقع وهم يترقبون حدوثها ويبين لنا أنه قد جاء أشراطها والمراد إنه إن حدثت أحداث وهى آيات القيامة فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم والمراد فكيف يفيدهم إذا أتتهم أحداث القيامة إيمانهم ساعتها؟وهذا يعنى أنهم لا ينفعهم إيمانهم يوم القيامة مصداق لقوله بسورة الأنعام
"يوم يأت بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها ما لم تكن آمنت من قبل" .
"واعلم أنه لا إله إلا هو واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم "المعنى واعرف أنه لا رب إلا هو واستعفى لسيئتك وللمصدقين والمصدقات والله يعرف حركتكم وسكنكم ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يعلم أى أن يعرف أنه لا إله إلا هو والمراد أنه لا طاعة لحكم أحد سوى حكم الله ويطلب منه أن يستغفر لذنبه والمراد أن يطلب من الله ترك عقابه على سيئته وأن يطلب نفس الطلب للمؤمنين والمؤمنات وهم المصدقين والمصدقات بحكم الله ويبين للمؤمنين أنه يعلم متقلبكم ومثواكم والمراد أنه يعرف حركتكم وسكنكم وهذا يعنى أنه يعرف كل شىء عنهم فى اليقظة والنوم والخطاب وما قبله للنبى(ص).
"ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين فى قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشى عليه من الموت فأولى لهم طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم "المعنى ويقول الذين صدقوا لولا أوحيت آيات فإذا أوحيت آيات مفروضة وطلب فيها الجهاد علمت الذين فى نفوسهم علة يرنون لك رنو المغمى عليه من الوفاة فأحق لهم اتباع وحديث طيب فإذا وجب الحكم فلو صدقوا الله لكان أحسن لهم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين آمنوا أى صدقوا بحكم الله قالوا لولا نزلت سورة والمراد هلا أوحيت آيات وهذا يعنى أنهم يطلبون نزول بعض الوحى لهم فإذا نزلت سورة محكمة والمراد فإذا أوحيت مجموعة آيات مفروضة طاعتها عليهم وذكر فيها القتال والمراد وطلب فيها الجهاد منهم ويبين له أنه يرى الذين فى قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشى عليه من الموت والمراد أنه يشاهد الذى فى نفوسهم علة هى النفاق يتوجهون ببصرهم إليه كتوجه المغمى عليه من الوفاة وهذا يعنى أن عيونهم تشخص عند ذكر الجهاد كشخوص عيون المغمى عليه من الموت التى تنظر فى اتجاه واحد فقط ،ويبين له أن الأولى وهو الواجب عليهم هو الطاعة وهى اتباع حكم الله وقول معروف أى وأن يتكلموا كلاما طيبا ولو صدقوا الله لكان خيرا لهم والمراد ولو أطاعوا أى فعلوا موعظة أى حكم الله لكان أفضل لهم أجرا مصداق لقوله بسورة النساء"ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم "والخطاب للنبى(ص) وما بعده له ومنه للناس
"فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم " المعنى فهل عسيتم إن أعرضتم أن تظلموا فى البلاد أى تدمروا منافعكم أولئك الذين غضب الله عليهم فأمرضهم أى أغشى نفوسهم ،يسأل الله المنافقين :فهل عسيتم إن توليتم أى كذبتم بالحق أن تفسدوا فى الأرض أى تبغوا أى تحكموا فى البلاد بالظلم وفسر هذا بقوله وتقطعوا أرحامكم والمراد وتنسوا منافعكم وهى أوامر الله التى يجب وصلها مصداق لقوله بسورة البقرة "ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل "؟وهذا يعنى أنهم سيحكمون البلاد بالباطل وهو الظلم ويبين له أولئك الذين لعنهم الله أى غضب الله عليهم"كما قال بسورة الفتح والمراد أضلهم وفسر هذا بأنه أصمهم أى أضلهم وفسره بأنه أعمى أبصارهم أى أضل قلوبهم عن الحق لأنهم أرادوا ضلالهم والخطاب للنبى(ص)ومنه للمنافقين حتى أرحامكم فله وحده
"أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها "المعنى أفلا يفهمون الكتاب أم على عقول حواجزها ؟يسأل الله أفلا يتدبرون القرآن والمراد أفلا يطيعون الوحى أم على قلوب أقفالها والمراد أم على نفوس حواجزها ؟ والغرض من الأسئلة هو إخبارنا أن المنافقين لا يطيعون القرآن والسبب أقفال القلوب وهى شهوات النفوس التى تمنعها من الطاعة للقرآن والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم فى بعض الأمر والله يعلم إسرارهم فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعماله "المعنى إن الذين عادوا إلى كفرهم من بعد ما ظهر لهم الرشد ،الهوى وسوس لهم ذلك بأنهم قالوا للذين خالفوا ما أوحى الله سنتبعكم فى بعض الحكم والرب يعرف كتمانهم فكيف إذا أماتتهم الملائكة يرمون وجوههم وظهورهم ذلك بأنهم أطاعوا ما كره الرب وبغضوا رحمته فأخسر أجورهم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين ارتدوا على أدبارهم والمراد أن الذين رجعوا إلى أديان الكفر من بعد ما تبين لهم الهدى والمراد من بعد ما أبلغ لهم الوحى الإلهى الشيطان سول لهم والمراد الهوى الضال وسوس لهم أى زين لهم الردة ذلك والمراد السبب هو أنهم قالوا للذين كرهوا ما أنزل الله وهم الذين كذبوا ما أوحى الله :سنطيعكم فى بعض الأمر والمراد سنتبع رأيكم فى بعض القضايا وغرضهم من هذا ألا يظهروا كفرهم للمسلمين والله يعلم إسرارهم والمراد والله يعرف خفاياهم التى يخفونها ويسأل فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم والمراد فكيف يمنعون إذا أماتتهم الملائكة يعذبون مقدمات أجسامهم وخلفياتهم هذا العذاب ؟والغرض من السؤال إخبارنا بعدم قدرتهم على منع العذاب،ويبين له أن ذلك وهو العذاب سببه أنهم اتبعوا ما أسخط الله والمراد أطاعوا ما أغضب الله وهو الشيطان أى الباطل وكرهوا رضوانه والمراد وبغضوا حكمه الموصل لرحمته فأحبط أعمالهم والمراد فأخسر أجور أفعالهم حيث أدخلهم النار .
"أم حسب الذين فى قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم فى لحن القول والله يعلم أعمالكم "المعنى هل ظن الذين فى نفوسهم علة أن لن يظهر الرب أحقادهم ؟ولو نريد لعرفناكهم فلعلمتهم بصفاتهم ولتعرفنهم من تحريف الحديث والله يعرف أفعالكم ،يسأل الله أم حسب الذين فى قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم والمراد هل اعتقد الذين فى نفوسهم نفاق أن لن يظهر الرب أحقادهم؟وهذا يعنى أن المنافقين يظنون أن الله لن يظهر أحقادهم لأنهم يعتقدون أن الله لا يعلم السر،ويبين لنبيه (ص)أنه لو شاء لأراه إياهم والمراد لو أراد لعرفه المنافقين فردا فردا،ويبين له أنه يعرفهم من سيماهم والمراد يعلمهم من أفعالهم ويعرفهم فى لحن القول والمراد ويعلم بهم من تحريفهم الكلام فالمنافق سمته هى تحريف الوحى ويبين للمؤمنين أنه يعلم أعمالهم والمراد يعرف أفعالهم وسيحاسبهم عليها والخطاب للنبى(ص) .
"ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم "المعنى ولنختبرنكم حتى نعرف المطيعين منكم أى المتبعين ونعرف أعمالكم ،يبين الله للمؤمنين أنه يبلوهم والمراد أنه يمتحنهم بحكمه حتى يعلم أى يميز المجاهدين وفسرهم بأنهم الصابرين وهم المطيعين لحكم الله من المخالفين لحكمه ويبين لهم أنه يبلوا أخبارهم والمراد أنه يعلم أعمالهم ويحاسبهم عليه والخطاب للناس ومحذوف بقيته وهو ونعلم الكافرين والمنافقين.
"إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئا وسيحبط أعمالهم"المعنى إن الذين كذبوا أى بعدوا عن دين الله أى خالفوا النبى (ص)من بعد ما ظهر لهم الحق لن يؤذوا الرب أذى وسيضل أفعالهم ،يبين الله للمؤمنين أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله وفسرهم بأنهم صدوا عن سبيل الله أى بعدوا عن طاعة دين الله وفسرهم بأنهم شاقوا الرسول أى خالفوا الوحى المنزل على النبى (ص) من بعد ما تبين لهم الهدى والمراد من بعد ما بلغهم الحق وهو حكم الله لن يضروا الله شيئا والمراد لن يصيبوا الرب بضرر وهذا يعنى أنهم لا يقدرون على إصابة الله بأذى وهو سيحبط أعمالهم أى سيخسر أجور أفعالهم والمراد سيدخلهم النار
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس