الموضوع: تفسير سورة سبأ
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-01-2019, 11:14 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,909
إفتراضي

ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلى الكبير "المعنى ولا يفيد الكلام لديه إلا من سمح له حتى إذا كشف عن أنفسهم قالوا ماذا قال إلهكم قالوا العدل وهو الكبير العظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الشفاعة وهى الكلام عند أى لدى الله فى الآخرة لا يكون إلا لمن أذن له أى سمح أى رضى له قولا مصداق لقوله بسورة النبأ"لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن "حتى إذا فزع عن قلوبهم والمراد حتى إذا كشف عن الذى فى أنفسهم قالت الملائكة للكفار ماذا قال ربكم أى إلهكم ؟قالوا الحق وهو الصدق أى العدل وهو العلى الكبير والمراد الكبير العظيم وهذا إقرار منهم بصدق الوحى .
"قل من يرزقكم من السموات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو فى ضلال مبين "المعنى قل من يعطيكم من السموات والأرض قل الرب وإنا أو إياكم لعلى حق أو على كفر عظيم ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الكفار من يرزقكم أى يعطيكم النفع من السموات والأرض؟ويطلب منه أن يجيب قائلا :الله رازقنا وهو الرب وإنا أو إياكم لعلى هدى أى حق وهو دين الله أو ضلال مبين أى كفر ظاهر بدين الله وهذا يعنى أنه يخبرهم أن أحد الفريقين على الحق والآخر على الباطل والخطاب للنبى(ص).
"قل لا تسئلون عما أجرمنا ولا نسئل عما تعملون"المعنى قل لا تحاسبون على ما عملنا ولا نحاسب عن الذى تفعلون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :لا تسألون عما أجرمنا والمراد لا تحاسبون عن الذى فعلنا فى الدنيا ولا نسئل عما تعملون أى ولا نحاسب عن الذى تفعلون ،وهذا يعنى أن كل واحد يزر جزاء عمله مصداق لقوله بسورة الإسراء"ولا تزر وازرة وزر أخرى "والخطاب للنبى (ص) وما قبله ومنه للناس.
"قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم "المعنى قل يحشرنا إلهنا ثم يحكم بيننا بالعدل وهو القاضى الخبير ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس يجمع بيننا ربنا والمراد يبعثنا كلنا إلهنا ثم يفتح بيننا بالحق أى ثم يقضى بيننا بالحكم العادل مصداق لقوله بسورة النمل"إن ربك يقضى بينهم بحكمه"وهو الفتاح العليم والمراد وهو القاضى العليم بكل شىء وهذا يعنى إخبارهم بحدوث البعث والجزاء فى الآخرة .
" قل أرونى الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم "المعنى قل أعلمونى بخلق الذين جعلتم معه أندادا ،حقا هو الرب الناصر القاضى ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الكفار :أرونى الذين ألحقتم به شركاء والمراد أعلمونى ماذا خلق الذين جعلتم له أنداد فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الأحقاف"أرونى ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك فى السماء"،ويبين لهم أن كلا وهى الحقيقة هو أن الله وحده الإله وهو العزيز الحكيم أى الناصر لمطيعيه القاضى بالحق والخطاب وما قبله له.
"وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون"المعنى وما بعثناك إلا رحمة للخلق مبلغا أى مخبرا ولكن معظم الخلق لا يطيعون ،يبين الله لنبيه (ص)أنه ما أرسله إلا كافة للناس والمراد ما بعثه إلا رحمة مانعة للخلق من العذاب الربانى مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "بشيرا أى نذيرا أى مبلغا للوحى لهم حتى يطيعوه فيمنعوا العذاب عن أنفسهم ولكن أكثر الناس لا يعلمون والمراد ولكن أغلب الخلق لا يطيعون حكمه أى لا يشكرون مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثر الناس لا يشكرون "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين "المعنى ويسألون متى هذا القول إن كنتم عادلين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار يقولون أى يسألون بسخرية :متى هذا الوعد أى "متى هذا الفتح" كما قال بسورة السجدة وهو القيامة إن كنتم صادقين أى عادلين فى قولكم بوقوعها.
"قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون "المعنى قل لكم ميقات يوم لا تستأجلون عنه ساعة ولا تقربون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار ردا على سؤالهم :لكم ميعاد يوم والمراد لكم ميقات يوم محدد لدى الله لا تستأخرون عنه ساعة والمراد لا تموتون بعده بساعة ولا تستقدمون أى لا تسبقونه بساعة وهذا يعنى أن الموعد لا يتغير بالتقديم أو بالتأخير والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذى بين يديه ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين "المعنى وقال الذين كذبوا لن نصدق بهذا الكتاب ولا بالذى سبقه ولو تشاهد إذا الكافرون جاثون لدى خالقهم يعيد بعضهم إلى بعض الحديث يقول الذين استذلوا للذين استعظموا لولا أنتم لكنا مصدقين ،يبين الله للنبى (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذى بين يديه والمراد لن نوقن بالكتاب وهو الوحى المنزل عليك ولا بالذى سبقه من الوحى المنزل على الرسل (ص)السابقين ،ويبين له أنه لو يرى الظالمون موقوفون عند ربهم والمراد لو يشاهد الكافرون جاثون فى نار ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول أى يرد بعضهم على بعض الحديث حيث يقول الذين استضعفوا أى استذلوا وهم الذين اتبعوا السادة للذين استكبروا وهم الذين استعظموا أى تسيدوا عليهم لولا أنتم لكنا مؤمنين أى مصدقين بحكم الله.
"قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين "المعنى قال الذين استعظموا للذين استذلوا أنحن رددناكم عن الحق بعد إذ أتاكم بل كنتم كافرين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين استكبروا أى استعظموا على طاعة حكم الله قالوا للذين استضعفوا أى استذلوا :أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم والمراد هل نحن أبعدناكم عن العدل بعد إذ أبلغ لكم ؟بل كنتم مجرمين أى كافرين وهذا يعنى أنهم ينفون أنهم أبعدوهم عن طاعة الحق وأن الأتباع بعدوا بأنفسهم وليس جبرا أو خداعا .
"وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال فى أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون" المعنى وقال الذين استذلوا للذين استعظموا بل كيد الليل والنهار حين توصونا أن نكذب بالرب ونعبد معه شركاء وأخفوا الحسرة لما شهدوا العقاب وجعلنا القيود فى رقاب الذين كذبوا هل يعطون إلا بما كانوا يفعلون،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين استضعفوا وهم الذين اتبعوا السادة قالوا للذين استكبروا أى استعظموا وهم السادة والكبراء :بل مكر أى كيد الليل والنهار والمراد إنكم كنتم تخدعوننا يوميا إذ تأمروننا أن نكفر بالله والمراد حين توصوننا أن نكذب بدين الله وفسروا هذا بقوله وهو الكفر ونجعل لله أندادا أى نعبد مع الرب شركاء مزعومين،وهذا يعنى إصرارهم على أن الكبار هم الذين أضلوهم ،ولما رأى الكفار العذاب والمراد ولما شاهدوا النار أسروا الندامة أى أخفوا الحسرة وهى الغم فى قلوبهم وقد جعل الله الأغلال فى أعناق الذين كفروا والمراد وقد ربطت ملائكة الله الأصفاد وهى السلاسل فى رقاب الذين كذبوا حكم الله مصداق لقوله بسورة إبراهيم"وترى المجرمين مقرنين فى الأصفاد"ويسأل الله هل يجزون إلا ما كانوا يعملون والمراد هل يدخلون سوى عقاب ما كانوا يكسبون مصداق لقوله بسورة يونس"هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون" والخطاب للنبى (ص)وما قبله وما بعده .
"وما أرسلنا فى قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين "المعنى وما بعثنا فى بلدة من رسول إلا قال سادتها إنا للذى بعثتم به مكذبون وقالوا نحن أعظم أملاكا وعيالا وما نحن بمعاقبين ،يبين الله لنبيه (ص)أنه ما أرسل فى قرية من نذير والمراد ما بعث فى أهل بلدة من رسول أى مبلغ للوحى مصداق لقوله بسورة إبراهيم"وما أرسلنا من رسول "إلا قال مترفوها أى سادة البلدة للرسول(ص)إنا بما أرسلتم به كافرون والمراد إنا للذى بعثتم به مكذبون وهذا يعنى رفضهم لحكم الله وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا والمراد نحن أعظم أملاكا وعيالا منكم وهذا فى رأيهم يعنى أنهم أفضل دينا منهم وما نحن بمعذبين أى وما نحن بمعاقبين وإنما ساكنى الحسنى إن كان هناك آخرة مصداق لقول الكافر بسورة فصلت"ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى ".
"قل إن ربى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون "المعنى قل إن إلهى يكثر العطاء لمن يريد ويقلل ولكن معظم الخلق لا يطيعون الله ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس إن ربى وهو خالقى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر والمراد يزيد النفع لمن يريد وينقص لمن يريد ولكن أكثر الناس لا يعلمون أى ولكن أغلب الخلق لا يطيعون حكم الله أى لا يشكرون مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثر الناس لا يشكرون" والخطاب للنبى(ص).
"وما أموالكم ولا أولادكم بالتى تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم فى الغرفات آمنون "المعنى وما أملاككم ولا عيالكم بالتى تعطيكم لدينا ثوابا ،أما من صدق وفعل حسنا فأولئك لهم ثواب الجنة بما أحسنوا أى هم فى الجنات مطمئنون،يبين الله للناس أن أموالهم وهى أملاكهم فى الدنيا وأولادهم وهم عيالهم لا تقربهم عند الله زلفى أى لا تعطيهم عند حساب الرب لهم ثوابا فهى لا تفيدهم مصداق لقوله بسورة آل عمران"لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا "،وأما من آمن وهو من صدق حكم الله وعمل صالحا أى فعل حسنا فأولئك لهم جزاء الضعف أى ثواب الحسنى وهى الجنة مصداق لقوله بسورة الكهف"فله جزاء الحسنى "والسبب ما عملوا أى ما أحسنوا فى دنياهم وفسر هذا بأنهم فى الغرفات آمنون والمراد فى الجنات مطمئنون أى سعيدون فرحون والخطاب للناس وما بعده.
"والذين يسعون فى آياتنا معاجزين أولئك فى العذاب محضرون"المعنى والذين يسيرون لأحكامنا معاندين أولئك فى النار معذبون ،يبين الله للناس أن الذين يسعون فى آيات الله معاجزين وهم الذين يسيرون لأحكام الله مخالفين لها أولئك فى العذب وهو العقاب محضرون أى معذبون أى مبلسون مصداق لقوله بسورة الزخرف"وهم فيه مبلسون ".
"قل إن ربى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر له وما أنفقتم من شىء فهو يخلفه وهو خير الرازقين "المعنى قل إنى إلهى يكثر العطاء لمن يريد وينقص له وما عملتم من حسن فهو يزيده وهو أحسن المعطين ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس إن ربى وهو خالقى يكثر الرزق لمن يشاء ويقدر له والمراد يزيد النفع لمن يريد وينقصه له متى شاء ،وما أنفقتم من شىء فهو يخلفه والمراد وما قدمتم من خير أى عمل صالح فهو يجازيه بالخير مصداق لقوله بسورة المزمل"وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله خيرا وأعظم أجرا"وهو خير الرازقين والمراد والله هو أحسن المعطين للثواب أى "وهو أرحم الراحمين"كما قال بسورة يوسف والخطاب للنبى (ص)ومنه للناس.
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس