[ابن حوران]

أخي الفاضل المشرقي الإسلامي

إن الحديث عن العقل والوعي معا، يجعل الموضوع وكأنه جملة من جمل أسئلة الامتحان للطلبة التي يُطلب فيها ملء فراغين، لا يمكن ملء أحدهما إلا بمعرفة الآخر.

فإذا كان الوعي، هو القدرة على إنتاج صور من الماضي، فيتطلب ذلك شهودا أو ذاكرة تم تنشيطها لمرات عديدة، وقد يختفي الشهود في حالة معينة، عندما نتكلم عن معركة أحد مثلا، وعندها لا بد لنا الوثوق بمصادر تاريخية واعتمادها لإعادة إنتاج الصورة، وهذا ما يفعله المؤرخون المعاصرون أو المنتجون للدراما التاريخية (وهو يخص الوعي الماضوي: المنسوب للماضي).

أما الوعي بالمستقبل، وهو أشد أنواع الوعي، فيتطلب معرفة واسعة، فإذا طلب من (المصري) رسم صورة تدفق مياه النيل في عام 2050 مثلا، يتطلب منه ذلك، معرفة النمو السكاني بالدول المجاورة وتطلعات تلك الدول لاستغلال مياه النيل، والتغيرات المناخية الخ ( وهو الوعي المستقبلي)

في الحالتين الوعي بالماضي والوعي بالمستقبل يتدخل (العقل) كونه أداة تقيم (رتوش) تلك الصور، ومستندة على العقل كونه (وعاء) يحتوي كما من المعلومات للمساعدة في رسم إحداثيات تلك الصور. وامتلاء الوعاء (العقل) يختلف بحجم ثقافة الفرد الذي يحمله وعدد مرات استخدام تلك المعلومات.

إذن، نحن لا نتحدث عن عقل (نموذج) و وعي (نموذج) كما نتحدث عن وزنة (الكيلوغرام) أو (المتر) المحفوظ ب (سيفر) قرب باريس. نحن نتحدث عن عقل ووعي افتراضيين.

عذرا على طول المداخلة
تقبل احترامي و تقديري