عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 07-07-2023, 07:34 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,998
إفتراضي

وهذا صريح في أن المراد بالأتقى أتقى الأتقياء على الاطلاق لا مطلق التقى وأتقى الأتقياء على الإطلاق بعد النبيين أبو بكر الصديق ، وقال النسفي في تفسيره الأتقى الأكمل تقوى وهو صفة أبي بكر الصديق وقال ودل على فضله على جميع الأمة قال تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) انتهى. وقال القرطبي في تفسيره قال ابن عباس الأتقى أبو بكر الصديق وقال بعض أهل المعاني أراد بالأشقى والأتقى الشقي والتقي كقول طرفة:
تمنى رجال أن أموت وإن أمت * فتلك سبيل لست فيها بأوحد
أي واحد ووحيد فوضع أفعل موضع فعيل انتهى. وهذا الذي نقله عن بعض أهل المعاني هو الذي أفتى به الجوجري عادلا عن قول جميع المفسرين إلى قول بعض أهل النحو قال ابن الصلاح حيث رأيت في كتب التفسير قال أهل المعاني فالمراد به مصنفو الكتب في معاني القرآن كالزجاج والفراء والأخفش وابن الأنباري انتهى. وكذا نقل ابن جرير في تفسيره هذه المقالة عن بعض أهل العربية ثم قال والصحيح الذي جاءت به الآثار عن أهل التأويل أنها في أبي بكر بعتقه من أعتق من المماليك ابتغاء وجه الله فأنت ترى هذه النقول تنادي على أن الذي أفتى به الجوجري مقالة في الآية لبعض النحويين مشى عليها بعض المصنفين في التفسير وأن الذي وردت به الآثار وقاله المفسرون من السلف وصححه الخلف اختصاصها بأبي بكر ابقاء للصيغة على بابها هذا بيان رجحان ذلك من حيث التفسير وأما من حيث أصول الفقه والعربية فأقول قول الجوجري إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فرع أن يكون في اللفظ عموم حتى يكون العبرة به والآية لا عموم فيها أصلا ورأسا بل هي نص في الخصوص وبيان ذلك من وجهين: أحدهما أن العموم إنما يستفاد في مثل هذه الصيغة من أل الموصولة والتعريفية وليست أل هذه موصولة قطعا لأن الأتقى أفعل تفضيل وأل الموصولة لا توصل بأفعل التفضيل بإجماع النحاة وإنما توصل باسم الفاعل والمفعول وفي الصفة المشبهة خلاف وأما أفعل التفضيل فلا توصل به بلا خلاف وأما التعريفية فإنما تفيد العموم إذا دخلت على الجمع فإن دخلت على مفرد لم تفده كما اختار الإمام فخر الدين ومن قال إنها تفيده فيه قيده بأن لا يكون هناك عهد فإن كان لم تفده قطعا هذا هو المقرر في علم الأصول والأتقى مفرد لا جمع
والعهد فيه موجود فلا عموم فيه قطعا فعلم بذلك أنه لا عموم في الأتقى فتأمل فإنه نفيس فتح الله به علي تأييدا للجناب الصديقي، الوجه الثاني أن الأتقى أفعل تفضيل وأفعل التفضيل لا عموم فيه بل وضعه للخصوص فإنه لتفرد الموصوف بالصفة وأنه لا مساوى له فيها كما تقول زيد أفضل الناس أو الأفضل فإنها صيغة خصوص قطعا عقلا ونقلا ولا يجوز أن تتناول غيره أبدا فبان بذلك أنه لا عموم في الأتقى وإلى ذلك يشير تقرير الاصبهاني حيث قال فإن قلت كيف قال لا يصلاها إلا الأشقى وسيجنبها الأتقى وقد علم أن كل شقي يصلاها وكل تقي يجنبها لا يختص بالصلى أشقى الأشقياء ولا بالنجاة أتقى الأتقياء وإن زعمت أنه نكر النار فأراد نارا بعينها مخصوصة بالأشقى فما تصنع بقوله وسيجنبها الأتقى فقد علم أن أفسق المسلمين يجنب تلك النار المخصوصة لا الأتقى منهم خاصة قلت الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين فأريد أن يبالغ في صفتهما المتناقضتين فقيل الأشقي وجعل مختصا بالصلى كأن النار لم تخلق إلا له وقيل الأتقى وجعل مختصا بالنجاة كأن الجنة لم تخلق إلا له هذه عبارة وهي صريحة في إرادة الخصوص أخذا من صيغة أفعل التفضيل ومن جنح من أهل العربية إلى أنها للعموم احتاج إلى تأويل الأتقى بالتقى ليخرج عن التفضيل وهذا مجاز قطعا والمجاز خلاف الأصل ولا يصار إليه إلا بدليل ولا دليل يساعده بل الدليل يعارضه وهو الأحاديث الواردة في سبب النزول وإجماع المفسرين كما نقله من تقدم فثبت بهذا كله أن الكلام على حقيقته للتفضيل وأن اللام للعهد وأنه لا عموم فيه أصلا فإن قلت: لم يؤخذ العموم من لفظ الأتقى بل من لفظ الذي يؤتى فإن الذي من صيغ العموم قلت: هذه غفلة منك وجهل بالعربية فإن الذي وصف للأتقى وقد تبين أن الأتقى خاص فيجب أن تكون صفته كذلك لما تقرر في العربية أن الوصف لا يكون أعم من الموصوف بل مساويا له أو أخص منه فاشدد بهذا الكلام يديك وعض عليه بناجذيك على أن في قوله (وما لأحد عنده من نعمة تجزى) وقوله (ولسوف يرضى) ما يشير إلى التنصيص على التخصيص وقد قرر الإمام فخر الدين اختصاص الآية بأبي بكر والاستدلال بها على أفضليته بطريق آخر فقال أجمع المفسرون منا على أن المراد بالأتقى أبو بكر وذهب الشيعة إلى أن المراد به علي والدلالة النقلية ترد ذلك وتؤيد الأول وبيان ذلك أن المراد من هذا الأتقى أفضل الخلق لقوله تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقيكم) والأكرم هو الأفضل فالأتقى المذكور هنا هو أفضل الخلق عند الله والأمة مجمعة على أن أفضل الخلق بعد رسول الله (ص)إما أبو بكر وإما علي ولا يمكن حمل الآية على علي فتعين حملها على أبي بكر وإنما لم يكن حملها على علي لأنه قال عقيب صفة هذا الأتقى وما لأحد عنده من نعمة تجزي وهذا والوصف لا يصدق على علي لأنه كان في تربية النبي (ص)لأنه أخذه من أبيه فكان يطعمه ويسقيه ويكسوه ويربيه فكان الرسول (ص)منعما عليه نعمة يجب جزاؤها أما أبو بكر فلم يكن للنبي (ص)عليه نعمة دنيوية بل أبو بكر كان ينفق على الرسول وإنما كان للرسول عليه نعمة الهداية والإرشاد إلى الدين وهذه النعمة ولا تجزي لقوله تعالى (لا أسألكم عليه أجرا) والمذكور هنا ليس مطلق النعمة بل نعمة تجزي فعلم أن هذه الآية لا تصلح لعلي وإذا ثبت أن المراد بهذه الآية من كان أفضل الخلق وثبت أن ذلك الأفضل من الآية إما أبو بكر وإما علي وثبت أن الآية غير صالحة لعلي تعين حملها على أبي بكر وثبت دلالة الآية أيضا على أن أبا بكر أفضل الأمة انتهى كلام الإمام."
وكل ما ذكره الكاتب لا يوجد فيه دليل واحد على اختصاص أبو بكر بالآية و‘نما هى آية عامة ليس فيها اسم أحد
وأما مسألة من هو الأفضل أبو بكر أو على أم غيرهم فمسألة لا يعلمها نبى ولا غيره وإنما الله وحده من يعلمها لقوله سبحانه:
" هو أعلم بمن اتقى"

والأفضلية لكى تكون موجودة لابد من نص إلهى يذكر فيه الاسم صريحا وهو ما لا وجود له في أبو بكر أو على او غيرهم
بل إن الرسل (ص) لم يذكر فيه نص صريح يقول أن فلان افضل من فلان وعلان والعقيدة هى :
" لا نفرق بين أحد من رسله"
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس