عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 31-10-2019, 09:42 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,946
إفتراضي نقد كتاب آية الولاية

نقد كتاب آية الولاية
تأليف علي الحسيني الميلاني
موضوع الكتاب كما قال المؤلف هو :
"قال الله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) هذه الآية المباركة تسمّى في الكتب بـ «آية الولاية»، استدلّ بها الإماميّة على إمامة أمير المؤمنين "
وقد قسم الميلانى البحث لجهات نذكرها واحدة وراء الأخرى وهى :
"الجهة الأولى:
في شأن نزول هذه الآية المباركة أجمعت الطائفة الإماميّة، ورواياتهم بهذا الأمر متواترة، بأنّ الآية المباركة نزلت عندما تصدّق أمير المؤمنين بخاتمه على السائل، وهو في أثناء الصلاة وفي حال الركوع فالأمر مفروغ منه من جهة الشيعة الإماميّة إلاّ أنّ هذا المقدار لا يكفي للاستدلال على الطرف المقابل، كما ذكرنا من قبل، فله أن يطالب برواة هذا الخبر من أهل السنّة، من المحدّثين والمفسّرين، وله أيضاً أن يطالب بصحّة سند هذا الخبر في كتب السنّة، ليكون حجّة عليه ونحن على طبق هذه القاعدة المقرّرة في أُصول البحث والمناظرة، نذكر في الجهة الأولى أسماء بعض من روى هذه القضيّة، ونزول هذه الآية المباركة في أمير المؤمنين، في خصوص تصدّقه في حال الركوع بخاتمه على الفقير، على السائل، لتتمّ الحجّة حينئذ على من يرى حجيّة كتبه، على من يرى اعتبار رواياته، على من يلتزم بلوازم مذهبه، فحينئذ تتمّ الجهة الأولى، ويتعيّن مَن نزلت فيه الآية المباركة، ويكون الخبر متّفقاً عليه بين الطرفين، ومقبولاً بين الخصمين أو المتخاصمين
قول المفسّرين
1 ـ يعترف القاضي الايجي في كتابه المواقف في علم الكلام وهو من أهم متون أهل السنّة في علم الكلام وأصول الدين، فالقاضي الايجي المتوفّى سنة 756 هـ يعترف بإجماع المفسّرين على نزول الآية المباركة في هذه القضيّة الخاصّة المتعلّقة بأمير المؤمنين
2 ـ وأيضاً يعترف بهذا الإجماع: الشريف الجرجاني المتوفّى سنة 816 هـ، في كتابه شرح المواقف في علم الكلام، وهذا الكتاب متناً وشرحاً مطبوع وموجود الآن بين أيدينا
3 ـ وممّن يعترف بإجماع المفسّرين على نزول الآية المباركة في شأن علي سعد الدين التفتازاني المتوفّى سنة 793 هـ، في كتابه شرح المقاصد ، وشرح المقاصد أيضاً من أهم كتب القوم في علم الكلام، ومن شاء فليرجع إلى كتاب كشف الظنون ليجد أهميّة هذا الكتاب بين القوم، وفي أوساطهم العلميّة، حيث كان هذا الكتاب من جملة كتبهم التي يتدارسونها في حوزاتهم العلميّة، لذلك كثر منهم الشرح والتعليق على هذا الكتاب
4 ـ وممّن يعترف بإجماع المفسّرين من أهل السنّة على نزول الآية المباركة في أمير المؤمنين، في هذه القضيّة الخاصّة: علاء الدين القوشجي السمرقندي في كتابه شرح التجريد، وهذا الكتاب أيضاً مطبوع وموجود بين أيدينا فعلماء الكلام الذين يبحثون عن أدلة الإمامة، وعمّا يقول الطرفان في مقام الاستدلال، وعمّا يحتجبه كلّ من الطرفين على مدّعاه، يقولون بنزول الآية المباركة في هذه القضيّة الخاصّة
إذن، فالمفسّرون من أهل السنّة مجمعون على نزول الآية المباركة في هذه القضيّة"

هنا الميلانى يقول بوجود إجماع من مفسرى أهل السنة على نزول الآية فى على وحده وهو كلام يخالف ما جاء فى كتب التفسير عند أهل السنة ونذكر هنا بعض منها ففى تفسير الطبرى قال:
" 12207- حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثنا ابن إسحاق قال، حدثني والدي إسحاق بن يسار، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: لما حاربت بنو قينقاع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، مشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم= وكان أحد بني عوف بن الخزرج فخلعهم إلى رسول الله، وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حِلفهم، وقال: أتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من حِلف الكفار ووَلايتهم! ففيه نزلت:"إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون" لقول عبادةَ:"أتولى الله ورسوله والذين آمنوا"، وتبرئه من بني قينقاع ووَلايتهم" هنا نزلت الآية فى عبادة لن الصامت وفى نفس التفسير نزلت فى حمبع المؤمنين ومنهم على فى الرواية التالية:
" 12210- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: ثم أخبرهم بمن يتولاهم فقال:"إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون"، هؤلاء جميع المؤمنين، ولكن علي بن أبي طالب مرَّ به سائل وهو راكع في المسجد، فأعطاه خاتَمَه"وأما تفسير ابن كثير فقال فى نزولها فى اليهود الذين أسلموا وكل المؤمنين وهو قوله:
" قال ابن أبي حاتم: حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، حدثنا أيوب بن سُوَيْد، عن عتبة بن أبي حكيم في قوله: { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا } قال: هم المؤمنون وعلي بن أبي طالب- قوله تعالى: " إنما وليكم الله ورسوله " قال جابر بن عبد الله قال عبد الله ابن سلام للنبي صلى الله عليه وسلم: إن قومنا من قريظة والنضير قد هجرونا وأقسموا ألا يجالسونا، ولا نستطيع مجالسة أصحابك لبعد المنازل، فنزلت هذه الآية، فقال: رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين أولياء" والذين " عام في جميع المؤمنين."
وأما تفسير القرطبى ففيه نفى حفيد على فى روايته أن تكون فى على دون بقية المؤمنين فقال :
"وقد سئل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم عن معنى " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا " هل هو علي بن أبي طالب ؟ فقال: علي من المؤمنين، يذهب إلى أن هذا لجميع المؤمنين. { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا }
وأما تفسير البغوى فقال فى نزولها فى عبادة مرة وفى عبد الله بن سلام ومن اسلموا من اليهود وهو قوله:
"روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنها نزلت في عبادة بن الصامت وعبد الله بن أبي بن سلول حين تبرأ عبادة من اليهود، وقال: أتولى الله ورسوله والذين آمنوا، فنزل فيهم من قوله: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء"، إلى قوله: "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا" يعني عبادة بن الصامت وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال جابر بن عبد الله: جاء عبد الله بن سلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن قومنا قريظة والنضير قد هجرونا وفارقونا وأقسموا أن لا يجالسونا، فنزلت هذه الآية، فقرأها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا رسول الله رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين أولياء" وعلى هذا التأويل أراد بقوله: { وَهُمْ رَاكِعُونَ }
وزعم الميلانى أن المقرين بهذا الإجماع فى كتبهم كثرة فقال :
" والمعترِف بهذا الإجماع كبار علماء القوم في علم الكلام، الذين يرجع إليهم ويعتمد على أقوالهم ويستند إلى كتبهم
قول المحدّثين فقد رأيت من رواة هذا الحديث في كتبهم:
1 ـ الحافظ عبد الرزّاق الصنعاني، صاحب كتاب المصنّف، وهو شيخ البخاري صاحب الصحيح
2 ـ الحافظ عبد بن حميد، صاحب كتاب المسند
3 ـ الحافظ رزين بن معاوية العبدري الاندلسي، صاحب الجمع بين الصحاح الستّة
4 ـ الحافظ النسائي، صاحب الصحيح، روى هذا الحديث في صحيحه
5 ـ الحافظ أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري، صاحب التاريخ المعروف والتفسير المعروف المشهور
6 ـ ابن أبي حاتم الحافظ الرازي المحدّث المفسّر المشهور، الذي يعتقد ابن تيميّة في منهاج السنّة بأنّ تفسير ابن أبي حاتم خال من الموضوعات
7 ـ الحافظ أبو الشيخ الأصفهاني
8 ـ الحافظ ابن عساكر الدمشقي
9 ـ الحافظ أبو بكر ابن مردويه الأصفهاني
10 ـ الحافظ أبو القاسم الطبراني
11 ـ الحافظ الخطيب البغدادي
12 ـ الحافظ أبو بكر الهيثمي
13 ـ الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي الحنبلي
14 ـ الحافظ المحبّ الطبري شيخ الحرم المكّي
15 ـ الحافظ جلال الدين السيوطي، المجدّد في القرن العاشر عند أهل السنّة
16 ـ الحافظ الشيخ علي المتّقي الهندي، صاحب كتاب كنز العمّال
هؤلاء جماعة من أعلام الأئمّة في القرون المختلفة، يروون هذا الحديث في كتبهم "

وبغد ان ذكر الإجماع ناقض نفسه بذكر أن الغالبية وهذا يعنى عدم وجود إجماع ذكروا هذا فنقل عن الألوسى:
"يقول الألوسي صاحب التفسير المسمّى بروح المعاني: غالب الإخباريين على أنّ هذه الآية نزلت في علي كرّم الله وجهه فالقضيّة بين المفسّرين مجمع عليها، وغالب المحدّثين والإخباريين ينصّون على هذا، ويقولون بنزول الآية في علي ويروون هذا الحديث وذكرت لكم أسماء جماعة من أعلامهم، منذ زمن البخاري إلى القرن الحادي عشر /ولو أنّك تراجع تفسير ابن كثير في ذيل هذه الآية المباركة ، تجده يعترف بصحّة بعض أسانيد هذه الأخبار، واعتراف ابن كثير بصحّة بعض هذه الأسانيد يمكن أن يكون لنا حجة على الخصوم، لانّ اعتراف مثل ابن كثير بصحّة هذه الروايات، وهو ممّن لا نرتضيه نحن ونراه رجلاً متعصّباً في تفسيره وتاريخه، هذا الاعتراف له قيمته العلميّة وأنا شخصيّاً راجعت عدّة من أسانيد هذه الرواية، ولاحظت كلمات علماء الجرح والتعديل من كبار علمائهم في رجال هذه الروايات والأسانيد، ورأيت تلك الأسانيد صحيحة على ضوء كلمات علمائهم


رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس