عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 25-05-2008, 02:24 AM   #6
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

وقال الشاعر الكبير "علي الجندي"- عميد كلية دار العلوم- عن هاشم الرفاعي:

لهف نفسي على الصبا المنضور لغة الغدر في ظلام القبور

لهف نفسي على القريض المصفى صوحت زهرة عوادي الشرور

بالمكنى في شعره بابن أوس والمسمى بالبحتري الصغير

ولدي هاشم وما كنت إلا ولدي في وفائك المأثور

جدك السبط وهو أكرم سبط لقي الله بالنجيع الطهور

لم يحصنه من كلاب الأعادي أنه بضعة بضيعة البشير النذير

فمثل الرضوان في الخلد وأنعم بين ولدانها وبين الحور

* وقال د/ أحمد هيكل- أستاذ الشعر ووزير الثقافة الأسبق- عن هاشم الرفاعي:

فقده جل أن يكون مصابًا فلقد كان محنة وعذابا

فلقد كان فرحة تفهم "الدار" رجاءً وبهجةً وشبابا

ولقد كان للعروبة نايًا يتغنى بمجدها خلابا

ولقد كان وهو مثل بنينا إن شدا بزنًا فنحني الرقابا

* وقال عنه الأستاذ/ ذكي المهندس- عميد كلية دار العلوم الأسبق، وعضو مجمع اللغة العربية الأسبق-:

"لو عاش هاشم الرفاعي إلى سن الثلاثين لكان أشعر أهل زمانه".

• قصائد مختارة:

1- الشعر والحياة (1959)

ألوان الحياة النابضة في الريف، تصورها هذه القصيدة الطويلة التي التزم فيها الشاعر قافية حصية، أسلس له قيادها ليدحض بها دعوى القائلين: إن الشعر في بنائه العمودي يحول دون حرية التعبير ودقة التصوير.

(القصيدة) الشعر والحياة

في ربوع ظلالها فتانة يبسط السحر فوقها ألوانه

صادح الطير في رباها تُغني وشدا للخميلة الفينانة

وجرى الماء بالحياة نماء طرز العشب والندى غدرانه

ونسيم مؤرج قد تهادى في مجون يُداعب السنديانة

بين تلك الربا وهذي المغاني والرؤى والمفاتن العريانة

قد عرفت الوجود طفلاً بريئًا حظه منه أن يمص بنانه

ورأيت الدنا بعيني صبي لم يكن بعد حاملاً أحزانه

يتبع الرفقة الصغار للهو قد أعدوا في بيدر ميدانه

ويجدُّون في اصطياد فراش طاف بالحق مسرعًا طيرانه

***

أيها الهاتفون بالشعر حرًا ولكم دعوة به طنانة

قد أتيتم له بنهج غريب يعرض اليوم بينكم سلطانه

وهجرتم توافه المتنبي وأبنتم بعلمكم نقانه

وتشدقتم بزخرف قول عن مفاهيم نمقتها الرطانة

ثم قلتم من الحياة كلامًا ومن الواقع استمد كيانه

ليس شعرًا وإنما هو شيء فوقه الشعر رتبة ومكانة

ذهبت عنه روعة للحون يرهف الدهر عندها آذانه

وخلا من أصالة وجلال بهما أظهر الزمان افتتانه

إنه أبصر الحياة سقيمًا حاملاً في يمينه أكفانه

أيعيش الوليد والداء يمشي بين جنبيه ناشرًا سرطانه

إنما الشعر ما تدفق عذبًا في بناءٍ فأحكموا بنيانه

أسمعونا إذا استطعتم قريضًا لا خيالاتٍ جالس في حانة

فإذا شقت القيود عليكم فدعوه لمن يصوغ جماله

إنني ما رأيت في الروض يومًا ما غرابًا مزاحمًا كروانة

***

أمن الفنِّ أن يُساق كلام ساذج باسم نهضة شيطانة؟

طالعوا النور في تراث القدامى وانظروا كيف أبدعوا تيجانه

سجلوا الواقع المراد ولكن جعلوا الفنَّ عاليًا ترجمانه

رسموا صورة الحياة لديهم في جلاء بريشة فنانه

لا أُنادي بأن تحاكوا زهيرًا فيه أو تقلدوا حسانه

راح عهد الوقوف بالطلل الباكي فلا تذكروا به سكانه

جددوا ما استطعمتوا في المعاني وقفوا لا تحطموا أوزانه

ليست الفكرة الجديدة تأبى عرضها في جزالة ورصانة

ألبسوها من القوافي خلودًا ومن الوزن قوة ومتانة

لا تحيطوا تراثنا بلهيب في غد تكره العيون دخانه

كل نهج أتى ليستر عجزًا نقيه ونزدري بهتانه

رب إني على القديم مقيم وأعد الخلاص منه خيانة

2- شباب الإسلام

ـ ألقاها الشاعر في فبراير 1959م في ندوة بجمعية الشبان المسلمين لمناقشة انحراف الشباب، يسطر فيها أمجاد أمة الإسلام، ومفاخر الأفذاذ الأوائل، ويدعو الشباب للعودة إلى تاريخ السابقين؛ من أجل إعادة بناء المجتمع المسلم القوي المتحضر فيقول:

(القصيدة)

ملكنا هذه الدنيا قرونا وأخضعها جدود خالدونا

وسطرنا صحائف من ضياء فما نسي الزمان ولا نسينا

حملناها سيوفًا لامعات غداة الروع تأبى أن تلينا

إذا خرجت من الأغماد يومًا رأيت الهول والفتح المبينا

وكنا حين يرمينا أناس تؤدبهم أباة قادرينا

تفيض قلوبنا بالهدى بأسًا فما نغضي عن الظلم الجفونا

وما فتئ الزمان يدور حتى مضى بالمجد قوم آخرونا

وأصبح لا يرى في الركب قومي وقد عاشوا أئمته سنينا

وآلمني وألم كل حر سؤال الدهر أين المسلمونا؟

***

ترى هل يرجع الماضي؟ فإني أذوب لذلك الماضي حنينا

بنينا حقبة في الأرض ملكًا يُدعمه شباب طامحونا

شباب ذللوا سُبل المعالي وما عرفوا سوى الإسلام دينا

تعهدهم فأنبتهم نباتًا كريمًا طاب في الدنيا غصونا

هم وردوا الحياض مباركاتٍ فسالت عندهم ماءً معينا

إذا شهدوا الوغى كانوا كُماةً يدكون المعاقل والحصونا

وإن جنَّ المساء فلا تراهم من الإشفاق إلا ساجدينا

شبابٌ لم تحطمه الليالي ولم يسلم إلى الخصم العرينا

ولم تشهدهم الأقداح يومًا وقد ملأوا نواديهم مجونا

وما عرفوا الأغاني مائعاتٍ ولكن للعلا صيغت لحونًا

وقد دانوا بأعظمهم نضالاً وعلمًا، لا بأجرئهم عيونا!

فيتحدون أخلافًا عذابًا ويأتلفون مجتمعًا رزينا

فما عرفوا الخلاعة في بناتٍ ولا عرفوا التخنث في بنينا

ولم يتشدقوا بقشور علم ولم يتقلدوا في الملحدينا

ولم يتبجحوا في كل أمر خطير كي يقال مثقفونا

***

كذلك أخرج الإسلام قومي شبابًا مخلصًا حرًا أمينا

وعلمه الكرامة كيف تُبنى فيأبى أن يُقاد أو يهونا

دعوني من أمانٍ كاذباتٍ فلم أجد المنى إلا ظنونا

وهاتوا لي من الإيمان نورًا وقروا بين جنبي اليقينا

أمد يدي فأنتزع الرواسي وأبن المجد مؤتلقًا مكينا

• المراجع:

* ديوان هاشم الرفاعي. جمع وترتيب / محمد حسن بديغش.

* ديوان هاشم الرفاعي (الأعمال الكاملة) جمع وترتيب/ عبد الرحيم جامع الرفاعي.





السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس