الموضوع: المعلقات العشر
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-05-2007, 01:42 AM   #53
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

وعمرو لأنه قد كان يجوز لك أن تقول هذا ضارب زيد وعمرو. فهذا يجيء على مذهب سيبويه وأنشد.
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ولا ناعب إلا بشؤم غرابها
والمازني وأبو العباس لا يجيزان هذه الرواية، والرواية عندهما، ولا ناعبا؛ لأنه لا يجوز أن يضمر الخافض لأنه لا يتصرف، وهو من تمام الاسم.
وأما القول في البيت؛ فإن قديرا معطوف على منضج بلا ضرورة. والمعنى من بين قدير. والتقدير من بين منضج قدير، ثم حذف منضجا وأقام قديرا مقامه في الإعراب.
ورحنا يكاد الطرف يقصر دونه متى ما ترق العين فيه تسهل
[كأني وأبدان السـلاح غـدية غدا غب ريعان السوام بأجدل
من الطامحات الطرف ضار كأنه=على الجمر حتى يستغيث بمأكل] أراد بالطرف العين، والطرف يكون المصدر، ورحنا أي رجعنا بالعشي، ويروى ورحنا يكاد الطرف بالكسر ينفض رأسه، ومعنى يقصر دونه؛ أنه إذا نظر إلى هذا الفرس أطال النظر، إلى ما ينظر منه حسنه، فلا يكاد يستوفي النظر إلى جميعه، ويحتمل أن يكون معناه أنه إذا نظر إلى هذا الفرس لم يدم النظر إليه لئلا يصيبه بعينيه لحسنه.
وروى الأصمعي، وأبو عبيدة ورحنا وراح الطرف ينفض رأسه.
والطرف الكريم من كل شيء، والأنثى طرفة. وقيل الطرف الطرفين وقوله ينفض رأسه أي من المرح والنشاط.
وقوله متى ما ترق العين بفتح التاء والراء والقاف، ويجوز فتح التاء وكسر الراء، وضم القاف أي متى ما نظر إلى أعلاه نظر إلى أسفله بكماله، ليستقيم النظر إلى جميع جسده.
فبات عليه سرجه ولجـامـه وبات بعيني قائما غير مرسل
وقوله عليه سرجه ولجامه في محل نصب خبر بات، وبات الثاني معطوفاً على الأول وبعيني خبره؛ أي بحيث أراه، وقائما في محل نصب على الحال، وغير مرسل إلى غير منهل ومعناه: أنه لما جيء به من الصيد، لم يرفع عنه سرجه وهو عرق ولم يقلع عنه لجامه فيعلف على التعب فيؤذيه ذلك.
ويجوز أن يكون معنى: فبات عليه سرجه ولجامه لأنهم مسافرون، كأنه أراد العدو فكان معدا لذلك، فبات على الهيئة ليرسل في وجه الصبح.
أصاح ترى برقا أريك وميضة كلمع اليدين في حبي مكلـل
يروى أحار ترى ويروى "أعني على برق أريك وميضه" يقال ومض البرق، وأومض ومضاً وإيماضاً، والومض: الخفي، ووميضه: خطراته، وقوله كلمع اليدين أي كحركتهما، والحبي ما ارتفع من السحاب، والمكلل: المستدير، كالأكاليل، والمكلل المتبسم بالبرق ولك أن تقول: قال النحويون: لا ترخم النكرة فكيف جاز ترخيم صاحب وهو نكرة، قال سيبويه لا ترخم من النكرات إلا ما كان في آخره هاء كقوله:
حاري لا تستنكري عذيري
فالجواب أن أبا العباس قال لا يجوز أن ترخم نكرة ألبته، وأنكر على سيبويه ما قال: من أن النكرة ترخم، إذا كانت فيها الهاء، وزعم أن قوله:
جاري لا تستنكري عذيري
أنه يريد بأنها الجارية، ثم رخم على هذا معرفة، وكذلك في قوله صاح ترى كأنه قال أيها الصاحب ثم رخم على هذا ومما يسأل عنه في هذا البيت أن يقال كيف جاز أن يسقط حرف الاستفهام، وإنما المعنى أترى برقا؟ فإن قال قائل: إن الألف في قوله أصاح هي ألف الاستفهام فهذا خطأ لأنه لا يجوز أن يقول صاحب أقبل لأنك تسقط بين شيئين ألا ترى إذا قلت يا صاحب فمعناه أيها الصاحب؟ فالجواب عن هذا إن قوله أصاح: الألف للنداء كقولك يا صاح إلا أنها دلت على الاستفهام وقد أجاز النحويون: زيد عندك أم عمرو يريدون أزيد عندك أم عمرو؛ لأن أم دلت على معنى الاستفهام.
وأما بغير دلالة فلا يجوز، لأنك لو قلت: زيد عندك وأنت تريد الاستفهام لم يجز وقد أنكروا على عمر بن أبي ربيعة:
ثم قالوا: تحبها قلـت بـهـرا عدد الرمل والحصا والتراب
قالوا لأنه أراد: قالوا: أتحبها ثم أسقط ألف الاستفهام وهذا عند أبي العباس ليس باستفهام إنما هو على الإلزام والتوبيخ كأنه قال: قالوا أنت تحبها! وقال بعضهم: الحبي الداني من الأرض، وقيل الحبي الذي قد حبى بعضه إلى بعض: أي تدانى، والمكلل من السحاب الذي علا بعضه على بعض.
ويقال المكلل السحاب الذي قد كلل بالبرق.
يضيء سناه أو مصابيح راهب أهان السليط بالذبال المفتـل
السنا: بالمد الشرف، وبالقصر الضوء، ويقال سنا يسنو إذا أضاء، ومصابيح مرفوع على أن يكون معطوفاً على المضمر الذي في الكاف في قوله كلمع اليدين. والمضمر يعود على البرق، وإن شئت على الوميض، وإن شئت عطفت على سناه. ويروى أو مصابيح راهب بالجر عطفا على قوله كلمع اليدين ويكون المعنى أو كمصابيح راهب أو على الهاء من سناه.
وقوله أهان السليط لم يكن عنده له قيم فيشرف على استعمالها في إتلافه في الوقود.
ولا معنى لراوية من روى: أمال السليط، والسليط عند عامة العرب الزيت، وعند أهل اليمن الشيرج. والذبال جمع ذبالة وهي الفتيلة وقد تثقل فيقال ذبالة.
قعدت له وصحبتي بين ضارج وبين العذيب بعد ما متأمـل
أي قعدت لهذا البرق أنظر من أين يجيء بالمطر، وصحبتي بمعنى صاحب وهو اسم للجمع، وضارج والعذيب: مكانان، ويروى بين حامر وبين إكام، وحامر وإكام وهما من بلاد غطفان، ثم تعجب من ذلك فقال بعد ما متأمل أي ما أبعد ما تأملت، وحققت أنه نداء مضاف أي يا بعد ما متأمل بمعنى ما أبعد ما تأملت.
وروى الرياشي بعدما بفتح الباء وهي تحمل على معنيين أحدهما أن المعنى بعد ثم حذف الضمة كما يقال عضد في عضد.
ويجوز أن يكون المعنى بعدما تأملت، والتأمل التفرس والتثبت.
علا قطنا بالشيم أيمن صوبه وأيسره على الستار فيذبل
وروى الأصمعي على قطن، وقطن بفتح القاف اسم جبل، والشيم النظر إلى البرق. وصوبه: مطره، أي ما يصيب الأرض منه، وقوله أيمن صوبه يحتمل معنيين أحدهما أن يكون من اليمن البركة، والآخر أن يكون من اليمين، وأيسره أيضا يحتمل من اليسر، وأن يكون من يسرة، ويذبل بالذال المعجمة اسم جبل، وهو لا ينصرف لأنه على وزن الفعل المضارع، وإنما صرفه لضرورة الشعر، ويروى على النباج وتيتل.
فأضحى يسح الماء حول كنـيفة يكب على الأذقان دوح الكنهبل
أضحى: أي ضحوة النهار كثيفة: اسم موضع وقيل اسم جبل، والأذقان مستعارة لرؤوس الجبال وأعالي الشجر، ودوح هنا ضخام الشجر، الكنهبل شجر من أعظم العضاه مثل شجرة الطرف.
أي أن هذا المطر يقتلع الشجر إذا جرى من أعالي الجبال فيكبها في الأودية على أذقانها.
ومر على القنـان مـن نـفـيان فأنزل منه العصم من كل منزل
القنان جبل لبني أسد لطيف والنفيان: بقية المطر، والعصم الوعول جمع أعصم ومنزل بفتح الميم وضمها على معنيين مختلفين.
وتيماء لم يترك بها جذع نخلة ولا أجما إلا مشيدا بجنـدل
تيماء اسم بلد، والأجم والأطم بناءان عاليان من الحصون وهي الأجام والآطام، مشيدا مبنيا بالشيد وهو الكلس وقيل الجص والجندل.
كأن ثبيرا في عرانين وبلـه كبير أناس في بجاد مزمل
ثبير اسم جبل، الوبل: المطر والوبل أوسع المطر قطرا والبجاد كساء مخطط فيه سواد وبياض، والمزمل: المدثر مرفوع لأنه صفة كبير أناس.
كأن ذرا رأس المجنـب غـدوة من السيل والإغثاء فلكة مغزل
المجنب: اسم جبل والغثاء معروف ومنه قوله تعالى (غناء أحوى) والغثاء اليابس، وما يبس يسمى غثاء من النبات، ويسمى هشيما، والغثاء والغثاء ما يحمله السيل مما جف من النبت.
وألقى بصحراء الغبيط بعـاعـه نزول اليماني ذي العياب المحول
ويروى المجمل والغبيط اسم موضع والعياب جمع العيبة فيها متاع التاجر، أي زهر الأرض الذي أخرجه هذا المطر فجعل نزول الغيث كنزوله.
كأن مكاكـي الـجـواء غـدية صبحن سلافا من رحيق مفلفل
مكاكي: جمع مكاء، طائر كبير، الجواء مكان والضمير لبكاء الغيث يشبهه بتغريد المكاكي وصفيره كصوت السكارى، والتصدية تصفيق اليدين، والجواء جمع جو وهو بطن الأرض الواسع، وانخفاض، غديه تصغير عدوة، صبحن أي سقين الصبوح والمفلفل: ما فيه الفلفل يريد بذلك حدة الشراب.
[وألقى ببسيان مع الليل بـركـه فأنزل منه العصم من كل منزل]
كأن السباع فيه غرقـي عـشـية بأرجائه القصوى أنابيش عنصل
وكأن هذا الغيث جر السباع فغرقها بسيله، فنظرت في جوانبه تبدو منها أرجلها وأطرافها، كما يبين العنصل إذا نبش، أنابيش جمع أنبوش. نجزت معلقة امرئ القيس الكندي وهي نيف وثمانون بيتاً والله
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس